تحليل

عودة ترامب.. قلق خامنئي وتفاؤل الشارع في إيران

اتجهت أنظار كثيرة في إيران نحو حفل تنصيب دونالد ترامب كرئيس للولايات المتحدة وبداية عمله في واشنطن. هذا الاهتمام لا يأتي فقط من جانب النظام الإيراني الذي يخشى قدوم ترامب، بل أيضًا من جانب الشعب الذي تعب من أربعة عقود من الظلم والقمع تحت نظام ولاية الفقيه.

هناك أمل بأن يؤدي صعود ترامب إلى إضعاف النظام الإيراني وإسقاطه في النهاية. فبمجرد أن يؤدي ترامب اليمين الدستورية، سيبدأ عمله في البيت الأبيض، ويوقع على سلسلة من الأوامر التنفيذية التي تم إعدادها مسبقًا.

ومن المتوقع أن يصل عدد هذه الأوامر إلى حوالي 100 أمر أو أكثر، لكن السؤال الأهم بالنسبة للإيرانيين هو: هل سيوقع ترامب في يومه الأول على أمر يتعلق بإيران؟ وإذا كان الأمر كذلك، ما طبيعة هذه الأوامر؟

من المتوقع أن يكون جزء من هذه الأوامر مخصصًا لسياسة "الضغط الأقصى"؛ وهي السياسة التي أدت في فترة ترامب الرئاسية السابقة إلى انخفاض صادرات النفط الإيرانية إلى أقل من 300 ألف برميل يوميًا.

في المقابل، سمح جو بايدن بتساهل وتهاون أدى إلى زيادة صادرات النفط الإيرانية إلى حوالي 1.7 إلى 2 مليون برميل يوميًا.

ومنذ أن تأكد فوز ترامب في الانتخابات، بدأت الصين، المشتري الرئيسي للنفط الإيراني المهرب، في تقليل مشترياتها من هذا النفط.

ففي الشهرين الماضيين، انخفضت واردات النفط الصينية من إيران بمعدل 500 ألف برميل يوميًا، وهي في طريقها إلى مزيد من الانخفاض.

هذا الإجراء قد يخلق أزمة فورية للنظام الإيراني، حيث سيكون من الصعب جدًا العثور على مشترين جدد للنفط المهرب الذي يبيعه الحرس الثوري.

محمد حسين عادلي، الرئيس السابق للبنك المركزي الإيراني، حذر من أن هذا الوضع قد يخلق أزمة كاملة للاقتصاد الإيراني ويضاعف التضخم.

هذا التحذير يظهر أن انقطاع أو انخفاض حاد في الإيرادات النفطية سيضع الحكومة أمام مشكلات عديدة في دفع الرواتب والإعانات ومعاشات المتقاعدين.

كما أعلن ترامب عن رغبته في مقابلة الرئيس الصيني خلال أول 100 يوم من رئاسته. ومن المحتمل أن يكون أحد الموضوعات المطروحة في هذه المقابلة هو زيادة الضغط على النظام الإيراني.

وإذا قامت الصين بتقليل أو وقف واردات النفط الإيراني المهرب، فلن يكون أمام طهران سوى مواجهة أزمة مالية وعجز كبير في الميزانية.

هذه الأزمة، إلى جانب السخط الشعبي الشديد وزيادة الضغوط الدولية، قد تضع نظام الجمهورية الإسلامية في أضعف وضع ممكن.

مسؤولو النظام الإيراني، على الرغم من محاولاتهم إخفاء خوفهم من ترامب، يدركون جيدًا أن سياسة "الضغط الأقصى" يمكن أن تخلق أزمات مركبة جديدة للنظام الحاكم.

وعلى الرغم من أن المرشد الإيراني دائمًا ما ينكر تأثير هذه الضغوط ويدعي أن سياسات ترامب غير فعالة، إلا أن الواقع يظهر أن هذه الضغوط يمكن أن تحدث تغييرات عميقة في سلوك النظام. بل قد يضطر مسؤولو النظام، خلافًا لمواقفهم السابقة، إلى التفاوض مع إدارة ترامب.

المشكلة الأكبر للنظام الإيراني في مواجهة الرئيس الأميركي المنتخب هي أن الشعب الإيراني، الذي تعب من هذا النظام، ليس فقط غير متضامن مع النظام، بل يرحب بأي إجراء يؤدي إلى إضعافه وإسقاطه.

الشعور العام بالتفاؤل بأن صعود ترامب يمكن أن يضعف نظام الجمهورية الإسلامية يعكس مدى الغضب والسخط من هذا النظام.

في النهاية، على الرغم من أن إسقاط النظام الإيراني يعتمد فقط على إرادة الشعب الإيراني وتحركاته، إلا أن دور العوامل الخارجية في إضعاف هذا النظام لا يمكن إنكاره.

هذا الشعور العام بأن ضغوط ترامب يمكن أن تؤدي إلى تغييرات إيجابية يعكس ضرورة فهم المحللين بدقة لمطالب ومشاعر الشعب.

لقد دُمرت حياة ثلاثة أجيال من الإيرانيين تحت حكم نظام الجمهورية الإسلامية. لقد تعب هذا الشعب من ظلم النظام وفساده وعجزه، وهو الآن ينتظر تحولًا يمكن أن يحقق مستقبلًا أفضل لهم.