صحف إيران: مقتل القاضيين.. وإغلاق مضيق هرمز.. ومطالبات بالتفاوض مع ترامب
احتل مقتل القاضيين البارزين، محمد مقيسه وعلي رازيني، داخل المحكمة العليا بطهران، أمس، صدارة العناوين في تغطية الصحف الإيرانية الصادرة يوم الأحد 19 يناير (كانون الثاني).
وقُتل القاضيان جراء هجوم مسلح نفذه عامل سابق في المحكمة، مستخدمًا سلاحًا ناريًا في العملية، التي أدت كذلك إلى إصابة قاضٍ ثالث كان بجوار القاضيين، اللذين لقيا مصرعهما.
وذكرت صحيفة "فرهيختكان" أن المتهم الأول وراء هجوم أمس على القضاة في المحكمة العليا بإيران، هو منظمة "مجاهدي خلق" المعارضة، والتي تطلق إيران عليها مسمى "منافقي خلق"، وقالت إن بصمات هذه الجماعة واضحة في هذا الاغتيال، وهو نهج معروف لها طبقته بشكل واسع في ثمانينات القرن الماضي، وقتلت خلاله العديد من الشخصيات والقادة بعد ثورة 1979.
وأكدت صحيفة "همشهري" أيضًا أن مقتل هذين القاضيين الكبيرين له دلالة رمزية وأثر مضاعف أراد الفاعلون تحقيقه، من خلال استهداف الرأي العام، وإظهار قوتهم أمام النظام الحاكم في إيران.
ومن الملفات الأخرى البارزة في تغطية الصحف الإيرانية، الصادرة اليوم، التوقيع على اتفاقية التعاون الشامل بين إيران وروسيا؛ والتي وقّع عليها الرئيسان الروسي والإيراني، خلال زيارة بزشكيان الأخيرة إلى موسكو ولقائه نظيره الروسي، فلاديمير بوتين.
ودعت الصحف الإصلاحية، التي تتحفظ أكثر على العلاقة مع روسيا، النظام الإيراني، إلى أن تتزامن هذه التحركات، مع انفتاح على الغرب، والتوصل لاتفاقية جديدة مع الولايات المتحدة الأميركية، تنهي عقودًا من التوتر والصراع بين طهران والعواصم الغربية.
واعتبرت صحيفة "آرمان امروز" أن "المفاوضات مع الولايات المتحدة الأميركية مكملة للاتفاق مع روسيا"، مؤكدة أنه لا فوائد يمكن أن تجنيها إيران من هذه الاتفاقية مع روسيا، ما لم تقم في الوقت نفسه بالتفاوض مع إدارة ترامب الجديدة، وأن تتوصل لاتفاق مع القوى الغربية.
وفي شأن غير بعيد، رحبت صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد علي خامنئي، بتصريحات الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، التي أشاد فيها بالتعاون الاستراتيجي بين إيران وروسيا والصين والعمل على مواجهة العقوبات الأميركية.
دعا ممثل المرشد الإيراني في الصحيفة ومدير تحريرها، حسين شريعتمداري، إلى إغلاق مضيق هرمز، معتبرًا هذا المضيق "أداة قوية بيد إيران لمواجهة العقوبات الأميركية، ويمكن لطهران استخدامها بالتنسيق مع روسيا والصين لمواجهة أميركا والدول الأوروبية".
كما انتقدت الصحيفة السخرية الواسعة، التي تظهر في الداخل الإيراني، كلما تم اقتراح إغلاق مضيق هرمز من قِبل الصحيفة والقائمين عليها في مناسبات عدة، خلال السنوات الماضية.
والآن يمكننا قراءة المزيد من التفاصيل في تغطية الصحف التالية:
"همشهري": مقتل القاضيين مقيسه ورازيني ذو أثر مضاعف ودلالة رمزية
أشارت صحيفة "همشهري" الأصولية إلى مقتل القاضيين محمد مقيسه وعلي رازيني داخل المحكمة العليا بطهران، وأبعاد الهجوم، مؤكدة أن الذين يقفون وراء الحادث لم يكونوا يستهدفون هؤلاء القضاة بعينهم، وإنما أرادوا توجيه رسالة إلى الرأي العام الإيراني، وأن المستهدفين كانوا مجرد رمز يمثل النظام وسلطته.
وذكرت الصحيفة أيضًا أن استهداف هذه الشخصيات الكبيرة له أثر مضاعف؛ لأن القتيلين كانا "شجاعين ووقفا ضد معارضي الثورة طوال 40 سنة".
ونوهت إلى أن مقتل القاضيين مقيسه ورازيني تم على يد من كانوا ضمن من شملتهم أحكام القضاء، التي أصدرها هذان القاضيان.
"آرمان امروز": لا بد من تغيير السياسة الخارجية لإيران بعد التطورات الأخيرة في المنطقة
دعت صحيفة "آرمان امروز" الإصلاحية النظام في إيران إلى تبني سياسات دبلوماسية أكثر نضجًا وفاعلية في التعامل مع الدول، بدل السياسات التي تخلق المواجهة والعزلة، مشددة على أن التخلص من العزلة يعتمد على التعاون الدولي وتجنب الفرقة والخلافات الداخلية، وهو شرط لتحقيق نتائج إيجابية على الأصعدة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
وقال السياسي الإصلاحي، محسن آرمين، للصحيفة: "في ظل الظروف الراهنة، فإن هناك فرضيتين أمام إيران، أولاهما أن تسلك السلطة الحالية نهجها السابق وتصر عليه، فيما تنص الفرضية الثانية على أن النظام سوف يقبل الواقع الجديد في المنطقة ويبحث عن طرق واستراتيجيات جديدة لتأمين مصالح إيران القومية".
ولفت الكاتب آرمين إلى المقابلة الأخيرة للرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، مع وسائل إعلام أميركية، وتأكيده استعداد طهران للتفاوض مع الغرب، وقال إن هناك أدلة وشواهد كثيرة تثبت أن "تغييرات أساسية" متوقع حصولها في السياسة الخارجية لإيران بعد التطورات الأخيرة.
وبدوره قال الكاتب والمحلل السياسي، هادي أعلمي فريمان، للصحيفة نفسها: "إن الدخول في المفاوضات والتوجه نحو التغييرات الأساسية يتطلب تغييرات بنيوية في الاتجاهات السياسية للنظام الإيراني، وأهم طريق في هذا السياق يكمن في اعتماد توجه مسالم ودبلوماسي، بدل النمط الصدامي والقائم على فكرة الحرب والمواجهة".
وذكر فريمان أن هذا التغيير المحتمل يجب أن يكون استراتيجية طويلة المدى، وليس تكتيكًا مؤقتًا لكسب الوقت، ومن متطلبات هذا التغيير أيضًا هو خفض حدة الدعاية الإعلامية العدائية تجاه الدول الأخرى، وتجنب بعض التصرفات مثل حرق أعلام الدول والإساءة إلى الرموز الوطنية لها.
"جوان": لا جدوى من المفاوضات مع أميركا وواشنطن لن ترفع العقوبات عن طهران
فی المقابل رأت صحيفة "جوان"، المقربة من الحرس الثوري الإيراني، أن الإصلاحيين بدأوا حملة مكثفة للتمهيد للمفاوضات، التي لن تجلب الخير لإيران، متهمة وزراء ومسؤولي حكومة بزشكيان الحالية بأنهم لا يختلفون كثيرا عن المتشددين في إدارة ترامب من حيث التأثير السلبي على الاقتصاد الإيراني؛ إذ تؤثر تصريحاتهم ومواقفهم سلبًا على واقع العملة الإيرانية واقتصاد البلد، بعد تحذيراتهم المتكررة وتخويفهم المستمر من عدم التفاوض مع ترامب وإدارته.
وتحدت الصحيفة الإصلاحيين الداعين إلى المفاوضات وقالت: "انظروا غدًا لتروا ماذا يعمل ترامب في أول قراراته.. بالتأكيد ستكون العقوبات الجديدة هي من أول القرارات، التي سيتخذها ترامب ضد طهران، متجاهلا صراخ الإصلاحيين ودعواتهم لبناء الجسور مع أميركا".
وذكرت الصحيفة أن معارضتها للمفاوضات مع أميركا ليست بسبب أنها ستكون ضد عزة البلاد واقتدارها الوطني وتعتبر نوعًا من الذلة والاستسلام أمام أميركا وابتزازها، بل إن هذه المعارضة سببها الرئيس أنه لا جدوى من التفاوض مع أميركا، لأن واشنطن لا تنوي على الإطلاق رفع العقوبات عن طهران، حتى لو بعثت إيران بأفضل دبلوماسييها وأكثرهم رغبة في التصالح مع الولايات المتحدة.