سبع أزمات كبرى تهدد خامنئي.. ومستقبل النظام الإيراني أصبح غامضًا

مراد ويسي
مراد ويسي

محلل سياسي - إيران إنترناشيونال

يواجه النظام الإيراني حاليًا مزيجًا من سبع أزمات داخلية ودولية على الأقل، ما أدى إلى تشكيل ما يمكن وصفه بـ"أزمة كبرى" تهدد النظام وقيادته.

الأزمة الأولى: انهيار حماس وحزب الله وتعرض نظام بشار الأسد للخطر

لا شك أن الهزائم المتتالية والثقيلة التي تعرضت لها الفصائل التابعة لإيران، مثل حماس وحزب الله، إلى جانب تراجع موقف بشار الأسد في سوريا، قد جعلت وضع حلفاء إيران الإقليميين في حالة من الضعف الشديد.

فحماس وحزب الله تعرضتا لخسائر عسكرية جسيمة وفقدتا العديد من قادتهما، ما أدى إلى إضعاف قدراتهما بشكل كبير.

وفي سوريا، أدت الهزائم الأخيرة لقوات الأسد، خصوصًا فقدانه مناطق استراتيجية مثل حلب، إلى جعل مستقبل نظامه غير مؤكد وأساس حكمه مهتزًا.

هذه التطورات جعلت من الصعب على إيران الاعتماد على حلفائها الإقليميين كما كان سابقا في مواجهتها مع الولايات المتحدة وإسرائيل وبقية الأطراف الإقليمية. يأتي هذا على الرغم من تصريحات المسؤولين الإيرانيين قبل عام فقط عن "العمق الاستراتيجي" لإيران وتوسع نفوذها حتى البحر الأبيض المتوسط!.

الأزمة الثانية: خطر المواجهة المباشرة مع إسرائيل

إن الحلم الإيراني بشن هجوم مباشر على إسرائيل تحول إلى كابوس للنظام، حيث بات يواجه احتمال ردود فعل أعنف وأوسع نطاقًا من جانب تل أبيب.

وتشير المؤشرات إلى أن إسرائيل تسعى، مستغلة الوضع الحالي وعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، إلى توسيع نطاق عملياتها لتشمل، ليس فقط حماس وحزب الله، بل أيضًا قوات الحشد الشعبي في العراق وجماعة الحوثيين في اليمن. إضافة إلى ذلك، هناك احتمالية متزايدة لاستهداف إسرائيل للبرامج النووية والصاروخية الإيرانية بشكل مباشر.

كما أن النفوذ الاستخباراتي الإسرائيلي داخل الهياكل الأمنية لإيران يثير قلقًا كبيرًا، لدرجة أن النظام يخشى من عمليات اغتيال تطال مسؤولين كبارا، وربما حتى المرشد علي خامنئي نفسه.

الأزمة الثالثة: عودة ترامب إلى البيت الأبيض وتشكيل فريق متشدد ضد إيران

لا شك أن عودة دونالد ترامب إلى السلطة، ومعه فريق من أكثر السياسيين الأميركيين تشددًا، ستزيد الضغوط على إيران.

فعلى عكس إدارة بايدن التي اعتمدت سياسة تسوية نسبية مع طهران، يخطط فريق ترامب لإعادة سياسة “الضغط الأقصى”. فشخصيات مثل ماركو روبيو ومايك والتز، المعروفيْن بمواقفهما العدائية تجاه إيران ودعمهما القوي لإسرائيل، يُتوقع أن يلعبا أدوارًا بارزة في هذا النهج.

الأزمة الرابعة: تغير الموقف الأوروبي تجاه إيران

لقد أصبحت أوروبا بدورها أكثر تشددًا حيال طهران مقارنةً بالماضي. ويعود ذلك إلى عدة أسباب، منها:

• إمداد إيران روسيا بصواريخ وطائرات مسيرة في حربها ضد أوكرانيا.

• القلق الأوروبي المتزايد من برنامج إيران النووي وتطويرها للصواريخ الباليستية.

هذا التغيير في الموقف الأوروبي تجلى في فرض عقوبات جديدة على مؤسسات إيرانية رئيسية، مثل شركة الشحن الإيرانية والخطوط الجوية الإيرانية (إيران إير).

كما يبدو أن الاتحاد الأوروبي يتجه نحو تقارب أكبر مع واشنطن في التعامل مع طهران، ما يعمق عزلة النظام الإيراني دوليًا.

الأزمة الخامسة: الأزمة المالية والاقتصادية الداخلية

تعاني إيران من عجز شديد في الميزانية وأزمات اقتصادية غير مسبوقة. فلم تعد الحكومة قادرة على تمويل برامج الدعم، أو دفع رواتب المتقاعدين، أو سداد الديون، أو تغطية نفقات البنية التحتية.

وتشير التقارير إلى أن احتياطيات صندوق التنمية الوطني أوشكت على النفاد، حيث تم تخصيص جزء كبير منها للأنشطة العسكرية والعمليات الخارجية.

إضافة إلى ذلك، تفاقمت الأزمة بسبب مشكلات في توفير الطاقة، مثل نقص الكهرباء والغاز والبنزين، ما أثر سلبًا على الاحتياجات الأساسية للسكان والصناعات، وخلق تحديات واسعة النطاق داخل البلاد.

الأزمة السادسة: الفجوة العميقة بين الحكومة والشعب

من بين الأزمات الأكثر خطورة، تبرز الفجوة المتزايدة بين الحكومة والشعب، والتي تفاقم المشكلات الاقتصادية وتكشف عن عجز النظام. هذه الفجوة واضحة في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصاد والسياسة والثقافة وأساليب الحياة.

ويزداد استياء الشعب يومًا بعد يوم من أداء الحكومة التي تبدو غير قادرة على تلبية الاحتياجات الأساسية، مثل الكهرباء والغاز والبنزين، بل وتظهر في بعض الأحيان وكأنها تعمد إلى زيادة الضغوط على المواطنين.

ومن أبرز الأمثلة على ذلك القوانين القسرية، مثل فرض الحجاب الإجباري، والسياسات التقييدية كالفلترة الإلكترونية، التي أثارت غضبًا عامًا. وبينما كان الشعب يتوقع أن تفي الحكومة بوعودها بالحفاظ على كرامة المواطنين، وخاصة النساء، تشير هذه السياسات إلى تجاهل واضح للمطالب الشعبية.

هذه الظروف، إلى جانب قمع الاحتجاجات وعدم الاستجابة لمطالب المواطنين، أسهمت في تعميق الفجوة بين المجتمع والنظام. وفي ظل هذه الأوضاع، تبدو البلاد قريبة من حالة مشابهة لما قبل موجات الاحتجاجات والانتفاضات الشعبية الواسعة.

الأزمة السابعة: مسألة خليفة علي خامنئي

أحد أبرز التحديات التي تواجه الجمهورية الإسلامية مسألة خليفة المرشد الحالي، علي خامنئي.

هذه المسألة، التي شغلت بشدة عقلية الهيكل الحاكم، أثارت مخاوف كبيرة بشأن كيفية عبور هذه المرحلة الحساسة دون مواجهة خطر سقوط النظام.

والسؤال الرئيسي هو كيف يمكن للحكومة إدارة عملية الخلافة، خاصة في ظل الأزمات الداخلية والخارجية المتعددة التي تمارس ضغوطًا كبيرة على هيكل النظام؟.

لقد حول عدم الكفاءة في إدارة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، إلى جانب الضغوط الخارجية، مسألة الخلافة إلى أزمة معقدة ومركبة.

وتحاول الحكومة عبور هذه المرحلة الحساسة، ولكن في ظل ظروف الأزمة والاحتجاجات الداخلية الشديدة، أصبح مستقبل النظام غامضًا.

إن مجموع هذه الأزمات السبع تحول إلى أزمة كبرى، أزمة وضعت الجمهورية الإسلامية في واحدة من أصعب فتراتها.