سقوط "الأسد" وعواقبه الخطيرة على خامنئي

مراد ويسي
مراد ويسي

محلل سياسي - إيران إنترناشيونال

بعد أن سقطت مدينة حلب في قبضة المعارضة، ازدادت الأزمة تعقيدًا أمام النظام السوري بشكل كبير، ولكن الأمر الأكثر أهمية هو أن هذا التطور يضع النظام الإيراني في موقف بالغ الصعوبة، في ظل مساعيه لدعم بشار الأسد، بعد خسائره المتواصلة ميدانيًا وعسكريًا.

وباتت قوات المعارضة السورية الآن تقترب من مناطق حماة وحمص، وهما مدينتان استراتيجيتان في طريق دمشق، وأصبح خطر سقوط دمشق واندثار حكم بشار الأسد أكثر جدية من أي وقت مضى، وهو ما أثار قلقًا عميقًا لدى النظام الإيراني ومرشده، علي خامنئي.

وفي حال سقوط نظام الأسد، سيؤدي ذلك إلى انهيار أحد أعمدة السياسة الإقليمية للنظام الإيراني ضد إسرائيل، كما سيشكل تهديدًا وجوديًا للميليشيات، التي تدعمها إيران في المنطقة، فهذه المجموعات، التي تعتمد على دعم دمشق وحكومة الأسد، ستفقد قدرتها على الاستمرار والعمل.

وهذا قد يهدد أيضًا بقاء النظام الإيراني نفسه، لأن نظام الأسد من الركائز الأساسية لما يُسمى "محور المقاومة"، الذي يتبناه خامنئي.

وأصبحت الأيام المقبلة حاسمة بالنسبة لبشار الأسد والنظام الإيراني، بعد سقوط حلب وتقدم المعارضة نحو حماة وحمص؛ فقد وجه سقوط حلب ضربة قوية إلى معنويات الجيش والنظام السوري، لكن الخوف الأكبر لدى الأسد وطهران هو أن يسعى معارضوه الإسلاميون، بعد استقرار أوضاعهم في شمال سوريا، للتقدم نحو دمشق والإطاحة بالنظام.

واليوم، تسيطر المعارضة على مناطق حلب وإدلب قرب الحدود التركية، وهي تقترب بسرعة من حماة وحمص؛ إذ إن استيلاء المعارضة على هاتين المدينتين سيمنحها مزيدًا من القوة في مواجهة الجيش السوري، وربما يتيح لها التقدم نحو اللاذقية، مركز قوة عائلة الأسد، أو حتى دمشق.

وفي عام 2016، استطاع بشار الأسد، بدعم قوي من روسيا وحزب الله اللبناني وإيران، هزيمة معارضيه في معركة حلب. لكن الوضع الآن مختلف تمامًا، طبقًا للعوامل الآتية:
• روسيا غارقة في حرب أوكرانيا، ولا تستطيع دعم الأسد بالقوة العسكرية، التي كانت تملكها سابقًا.
• حزب الله اللبناني، الذي تكبد هزائم ثقيلة في حربه مع إسرائيل، لم يعد في موقعه السابق لمساعدة الأسد، كما أن هناك استياء شعبيًا في لبنان من تدخل حزب الله في النزاعات الإقليمية.

• تعاني إيران أزمة اقتصادية حادة وعجزًا في الميزانية، مما يجعل من الصعب عليها مواصلة تقديم الدعم المالي والعسكري الواسع لنظام الأسد.

وتشير التقديرات إلى أن طهران قد أنفقت عشرات المليارات من الدولارات في سوريا، لكن استمرارية هذا الدعم في الظروف الحالية أصبح أمرًا صعبًا للغاية.

إرهاق القوة البشرية واللوجستية للحرس الثوري في سوريا

تواجه إيران والقوات التي تدعمها في سوريا تحديات كبيرة، لعدة أسباب ومنها:
• العديد من القادة البارزين في الحرس الثوري الإيراني، بمن في ذلك قاسم سليماني وآخرون، قُتلوا خلال السنوات الأخيرة، والقادة الجدد ليس لديهم القدرات نفسها.
• المجموعات الوكيلة، مثل: "لواء فاطميون" الأفغاني والحشد الشعبي العراقي، لم تعد قادرة على القيام بالعمليات الواسعة في سوريا، كما كان سابقًا.

• حزب الله، الذي كان يلعب دورًا محوريًا في دعم الأسد، أصبح الآن ضعيفًا.

وإذا سقط النظام السوري، ستواجه السياسة الخارجية الإيرانية أزمة حادة في المنطقة؛ حيث يعد نظام بشار الأسد من الركائز الأساسية في نقل الأسلحة، وتأمين اللوجستيات، وتقديم الدعم المالي للمجموعات الوكيلة، التي تدعمها إيران. وعلى ذلك، فإن سقوط الأسد يعني:
• قطع طرق إمداد الأسلحة إلى حزب الله عبر مطارات دمشق واللاذقية.

• تقليص القدرة على دعم المجموعات الفلسطينية مثل حماس والجهاد الإسلامي.

• تدمير شبكات تهريب الأسلحة والمخدرات إلى الأردن والضفة الغربية.

وفي ظل الظروف الحالية، يعد الحفاظ على نظام بشار الأسد أمرًا بالغ الأهمية بالنسبة لطهران.

وسيبذل علي خامنئي وقادة الحرس الثوري كل ما في وسعهم لمنع سقوط الأسد، لكن أدواتهم ومواردهم لم تعد كما كانت في السابق.

وفي النهاية، قد يؤدي السقوط المحتمل للأسد إلى انهيار ما يعرف بـ "محور المقاومة"، ويشكل تهديدًا حقيقيًا لمستقبل النظام الإيراني نفسه.