صحف إيران:

"فتنة" حلب.. و"مؤامرة" تركيا وإسرائيل.. والتفاوض مع أوروبا

"فتنة الشام" و"مؤامرة تركيا وإسرائيل على محور المقاومة".. هذا هو ملخص التناول الإعلامي للصحف الإيرانية المقربة من النظام، والصادرة اليوم السبت 30 نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد أحداث الشمال السوري، والتقدم الكبير للفصائل المسلحة على حساب النظام السوري والميليشيات الإيرانية.

وزعمت صحيفة "جوان"، المقربة من الحرس الثوري، أن هجوم المعارضة السورية على مواقع النظام يأتي بإيعاز من الولايات المتحدة الأميركية، بعد "هزيمة إسرائيل" أمام محور المقاومة.

كما نشرت صحيفة "فرهيختكان" الأصولية صورة كبيرة تجمع بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وعنونت عليها: "المشاركة والمكافأة"، وقالت إن الجماعات المدربة من قِبل تركيا دخلت في خط المواجهة، بعد وقف إطلاق النار في لبنان، و"إضعاف موقف نتنياهو السياسي"، حسب ما جاء في الصحيفة الإيرانية.

كما وصفت صحيفة "صبح نو" الجماعات المسلحة المعارضة للنظام السوري بـ "التكفيريين"، وقالت إن الرد على هذه الهجمات قادم في الفترة القليلة المقبلة، وتحدثت عن "مؤامرة" ضد سوريا لزعزعة أمنها واستقرارها.

وكانت الصحف الإصلاحية أقل حدة في الموقف تجاه المعارضة السورية، وتحدثت عن نجاح الفصائل المسلحة في الوحدة والتحالف في وجه النظام السوري وكتبت صحيفة "توسعه إيراني": "تحالف معارضي بشار الأسد في حلب وإدلب"، وقالت "ستاره صبح": "ثاني أكبر مدينة في سوريا تحت حصار المتمردين"، كما لفتت إلى مقتل القيادي في الحرس الثوري وكبير المستشارين العسكريين لإيران في الشمال السوري، كيومرث بور هاشمي، أثناء وجوده في حلب لقيادة الميليشيات التابعة لإيران هناك.

وأشارت صحيفة "هفت صبح" إلى تسارع الأحداث في حلب وريفها، وعنونت في صدر صفحتها الأولى بالقول: "48 ساعة ساخنة في حلب"، وذكرت أن الانهيار السريع لقوات النظام والجماعات الداعمة له كان مفاجئًا للكثيرين.

ومن الملفات الأخرى، التي حظيت باهتمام واسع في تغطية الصحف الصادرة اليوم السبت، هو موضوع المفاوضات بين إيران والدول الأوروبية.

وأشارت الصحف إلى اللقاء الذي جمع بين نائب وزير الخارجية الإيرانية للشؤون السياسية، مجيد تخت روانجي، ومساعد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إنريكي مورا؛ حيث تحدث الجانبان في عدد من القضايا المتعلقة بالملف النووي الإيراني.

وكتبت صحيفة "آرمان امروز" حول الموضوع: "جدال دبلوماسي بين إيران وأوروبا حول الملف النووي الإيراني"، ونقلت صحيفة "اعتماد" عن الدبلوماسي الإيراني السابق، عبدالرضا فرجي راد، قوله: "إن إيران لا يمكنها الوصول بسهولة إلى تفاهم واتفاق مع الاتحاد الأوروبي"، مشددًا على ضرورة أن تقوم طهران بمفاوضات مع الولايات المتحدة للتخلص من عبء العقوبات.

والآن يمكننا قراءة المزيد من التفاصيل في تغطية الصحف التالية:

"جوان": المعارضة السورية تستغل انشغال "محور المقاومة" في لبنان وغزة

ذكرت صحيفة "جوان"، المقربة من الحرس الثوري، أن هجوم الفصائل المسلحة على أهداف الجيش السوري استغل الفراغ الموجود لـ"محور المقاومة"؛ بسبب الحرب في غزة ولبنان، وشنت هجومًا مفاجئًا وكبيرًا على حلب، في انتهاك لاتفاق وقف التصعيد بين سوريا والمعارضة، والذي رعته كل من إيران وسوريا ممثلين عن النظام، وتركيا باعتبارها ممثلاً وضامنًا لطرف المعارضة.

وانتقدت الصحيفة ضمنيًا هذا الاتفاق، وقالت إنه ساهم في منع الجيش السوري والجماعات الداعمة له من بسط سيطرته على إدلب عام 2020، عندما كانت هذه الفصائل المسلحة في موقف ضعيف ومتناحرة فيما بينها.

كما لفتت الصحيفة إلى الموقف الإيراني من هذه الأحداث؛ حيث وصف وزير الخارجية، عباس عراقجي، التطورات في سوريا بأنها "مؤامرة إسرائيلية- أميركية"، وأنها تأتي عقب هزيمتهما في لبنان وفلسطين.

أما عن الموقف الروسي فقالت الصحيفة: "إن روسيا حتى الآن لم تظهر بالمستوى المطلوب، وكانت هجماتها على أهداف المسلحين المعارضين لنظام بشار الأسد محدودة، مقارنة بمستوى الأحداث والتطورات".

"كيهان": هدف الهجوم على حلب هو إضعاف إيران

قالت صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد الإيراني، علي خامنئي، إن الهدف من "فتنة حلب" هو إيران لا غير، وكتبت في هذا السياق: "محور المقاومة هو عبارة عن أذرع إيران وحلفائها، ومِن ثمّ فإن الهجوم عليها يعتبر هجومًا على إيران وقدراتها. وقد قُتل حتى الآن عدد من الإيرانيين في حلب، وعلى هذا الأساس فإن الهدف الأخير من هذه الحرب الجديدة، وفتنة حلب هو إيران".

وأضافت الصحيفة أن من خططوا لهذه الهجمات يريدون تحقيق مجموعة من الأهداف، منها عدم السماح لمحور المقاومة بالتقاط أنفاسه، بعد وقف إطلاق النار في لبنان، كما أنهم يهدفون لقطع الارتباط بين المقاومة في لبنان وفلسطين مع العالم الخارجي (إيران)، وقد يستخدمون هذا التقدم في المفاوضات القادمة مع إيران؛ للحصول على مزيد من الامتيازات والمكاسب".

كما هاجمت الصحيفة بعض الشخصيات والمسؤولين الإيرانيين الذين يدعون إلى التفاوض مع الغرب، وقالت: "إن الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، وبالتزامن مع حديثه عن المفاوضات مع إيران، يقوم بشن هذه الهجمات في سوريا، ما يكشف أنه ذئب ماكر، ومِن ثمّ فإن الحديث عن المفاوضات أثناء هجوم الطرف الآخر عليك لا يجلب لك سوى الهزيمة والفشل".

وأكدت الصحيفة أن المفاوضات الحالية بين إيران والغرب تهدف لإشغال إيران، وكسب الوقت لإلحاق مزيد من الأضرار بها، ما يؤكد ضرورة وقفها وتركها بأسرع وقت ممكن.

"ستاره صبح": المفاوضات بين إيران وأوروبا لتصحيح المواقف بعد تصريحات وشعارات المتشددين

قال المحلل السياسي ورئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني السابق حشمت فلاحت بيشه: "إن بعض الأطراف والمتشددين في إيران جعلوا مصالح الأمن القومي للبلاد ألعوبة بيدهم من أجل مكاسبهم وامتيازاتهم الخاصة"، مشيرًا إلى عرقلة هؤلاء الأفراد لكل جهود التفاوض مع الغرب لإنهاء العقوبات المفروضة على إيران.

وأشار الكاتب، في حديثه لصحيفة "ستاره صبح"، إلى التجارب السابقة؛ حيث إنه كلما حاولت الحكومة أن تبرم اتفاقًا أو تنهي أزمة العقوبات تواجه هؤلاء المتشددين المتنفذين، الذين يفشلون مسار المفاوضات السابق، ويعودون به إلى المربع الأول.

ولفت فلاحت بيشه إلى المفاوضات الجارية بين إيران والدول الأوروبية، وقال: "إن هذه المفاوضات جاءت بعد أن أصبحت إيران في موقف ضعيف عقب قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأصبحت مجبرة على التفاوض، لا لكي تعالج هواجسها، وإنما من أجل أن ترفع هواجس الدول الأوروبية في عدد من القضايا، مثل قضية النووي وكذلك قضية دور إيران في دعم الحرب على أوكرانيا، بالإضافة إلى القضايا في الشرق الأوسط".

كما أشار الكاتب إلى كثرة الشعارات، التي يطلقها المتشددون حول صنع إيران لقنبلة نووية، وأوضح أن المسؤولين في السياسة الخارجية وبدل الانشغال بقضايا حقيقية بهدف معالجتها مع الأطراف الغربية نجدهم مضطرين لتصحيح الأفكار والرؤى السائدة في الغرب تجاه إيران حول قضية القنبلة الذرية.

وختم الكاتب بالقول إن الحكومات في إيران تأتي بشعار التغيير والإصلاح، لكن عند العمل تجد نفسها مرغمة على تصحيح المواقف تجاه إيران، كما أنها تكون في كثير من الأحيان "خائفة" من التيار المتطرف، الذي يملي إرادته على سياسات إيران الخارجية.