مساعد رئيس "الطاقة الذرية" الإيرانية يعلن استعداد طهران للمواجهة.. رغم تفضيلها التفاوض
أشار مساعد رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، إلى أن الغرب لا تزال لديه فرصة للتفاوض والتخلي عن سياسة الضغط والتهديد، بينما تؤكد طهران استعدادها للتعامل مع أي تهديدات محتملة، وذلك تعليقًا على قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضد إيران.
وكتب كمالوندي، في مقال نُشر بصحيفة "إيران"، اليوم السبت 23 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، أن من حق إيران تطوير برنامجها النووي السلمي. وقال مخاطبًا الدول الغربية: "لا تزال هناك فرصة للتعاون والتخلي عن الضغوط، وأن إيران، رغم استعدادها لمواجهة التهديدات، تفضل التفاوض على المواجهة".
وأضاف مساعد رئيس منظمة الطاقة الذرية أن القوى الغربية، التي تسعى لإيقاف البرنامج النووي الإيراني ستواجه واقعًا مغايرًا يتمثل في برنامج أكثر تطورًا واتساعًا، سواء من الناحية الكمية أو النوعية، وهو ما لن يكون في صالحهم.
وكان كمالوندي، قد رد يوم أمس الجمعة، على تبني مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارًا جديدًا ضد برنامج إيران النووي، مشيرًا إلى أن طهران قررت زيادة تخصيب اليورانيوم بشكل كبير. وأوضح في تصريحات لوسائل الإعلام الحكومية أن هذا القرار يأتي في إطار "الإجراءات التعويضية"، التي تتخذها إيران ردًا على القرار الأخير، مؤكدًا أن التنفيذ بدأ على الفور.
وكان مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد اعتمد يوم الخميس 21 نوفمبر، قرارًا بأغلبية الأصوات، يدين توسع الأنشطة النووية الإيرانية وعدم تعاون طهران مع الوكالة. ويُذكر أن هذا هو القرار الثاني من نوعه خلال الأشهر الستة الماضية ضد إيران.
أبرز بنود قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضد طهران
صرّح المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، بأن إيران أبلغت الوكالة بأنها سترد "على الفور" على أي خطوات تصعيدية، قائلًا: "قبل مغادرة مسؤولي الوكالة مقرّ الأمانة العامة، أبلغناهم، وأرسلنا اليوم أيضًا مستندات (DIQ)، وسنواصل هذه الخطوات".
وعن الرد الإيراني على قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أوضح كمالوندي أن "مجال تخصيب اليورانيوم هو الأكثر تأثرًا، حيث سنزيد قدرتنا على التخصيب بشكل كبير". وأضاف: "سنستخدم أنواعًا متقدمة من أجهزة الطرد المركزي، ونعزز سرعة البحث والتطوير الصناعي لكل جهاز، ونطور البنية التحتية، إضافة إلى تنفيذ إجراءات أخرى لتعزيز الأمان".
تأتي هذه الخطوات التصعيدية من قِبل إيران في وقت أكّد فيه مجلس محافظي الوكالة، في قراره الأخير، أن إيران لم تتعاون "بشكل واضح وكامل" مع الوكالة، ولم تنفذ "الإجراءات الضرورية والعاجلة" كما نص قرار المجلس الصادر في يونيو 2024.
وأعرب المجلس عن "قلقه البالغ" من هذا الوضع، مشيرًا إلى أن "عدم التعاون الإيراني يؤثر على قدرة الوكالة في التحقق وضمان عدم تحويل المواد النووية في إيران نحو تصنيع أسلحة نووية أو أجهزة متفجرة أخرى".
وصدر القرار بعد أن وجهت إيران، في 11 نوفمبر الجاري، دعوة رسمية إلى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، لزيارة طهران.
وفي هذا السياق، كشف كمالوندي أن غروسي قدّم خلال زيارته مقترحًا بأن تمتنع إيران مؤقتًا عن زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة، دون أن يعني ذلك وقف التخصيب عند أي مستوى، بما في ذلك 60 في المائة. وأضاف: "قبلنا هذا الاقتراح بشروط، لكننا أوضحنا أن التنفيذ سيكون مشروطًا بعدم صدور قرار ضد إيران".
هل يعود الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن؟
كان الملف النووي الإيراني قد أُحيل إلى مجلس الأمن الدولي في عهد الرئيس الإيراني الأسبق، محمود أحمدي نجاد، لكنه خرج من المجلس خلال ولاية خلفه، حسن روحاني، بعد التوصل إلى الاتفاق النووي.
ومع ذلك- وفي ظل التطورات الأخيرة، خصوصًا بعد فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية وتغير نهج الوكالة الدولية للطاقة الذرية- عاد الحديث عن احتمال تفعيل "آلية الزناد"، التي تعني إعادة إحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن.
وأصبحت الدول الأوروبية، التي ظلت متمسكة بالاتفاق النووي بعد انسحاب ترامب منه عام 2018، تتهيأ الآن لمرحلة جديدة. وتظهر بوادر هذا التغير في فرض عقوبات جديدة، مثل العقوبات على قطاعي الشحن والطيران التابعين للحكومة الإيرانية.
وفي الوقت الذي أصدرت فيه طهران أوامر بتصعيد أنشطتها النووية ردًا على قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، برزت دعوة علي لاريجاني، مستشار المرشد الإيراني، لاستئناف المفاوضات مع الأطراف الدولية عبر موقع خامنئي الرسمي.
يُذكر أن لاريجاني يمتلك خبرة طويلة في المفاوضات السرية مع القوى الخارجية. وتشير هذه التطورات إلى أن الملف النووي الإيراني قد يدخل مرة أخرى في أزمة دولية، مما يضع مستقبل الاتفاق النووي أمام مفترق طرق حاسم.