محللون إيرانيون: طهران في حاجة إلى استراتيجية جديدة للتعامل مع "سنوات ترامب العجاف"

اتفق العديد من الخبراء والمعلقين السياسيين في الإعلام الإيراني على أن طهران في حاجة إلى سياسات واستراتيجيات جديدة للتعامل مع فترة رئاسة دونالد ترامب على مدار الأربع سنوات المقبلة، والتي قد تكون بمثابة "سنوات عجاف" على طهران، في ظل مؤشرات على عودة سياسة "الضغط الأقصى".

وفي تعليق بصحيفة "اعتماد"، اعتبر أبو الفضل فاتح، الرئيس السابق لوكالة أنباء الطلبة الإيرانية وإحدى الشخصيات الإصلاحية البارزة في إيران، أن فوز ترامب سيؤدي إلى تداعيات كبيرة على معارضيه، وسيزيد من المخاوف في العديد من الدول.

وقال فاتح: "ستحتاج إيران إلى استراتيجية جديدة، إذ من المحتمل أن يشكّل ترامب ونتنياهو وحلفاؤهم الأوروبيون والإقليميون جبهة موحدة"، مضيفاً أن "الجمهورية الإسلامية بحاجة إلى خطط واستراتيجية جديدة لحماية المصالح الإيرانية خلال الشهرين القادمين قبل تسلم ترامب منصبه، وفي السنوات الأربع المقبلة التي سيقضيها في البيت الأبيض".

ورأى فاتح أن ترامب لن يكون كما يتوقع معارضوه أو منتقدوه، سواء في الولايات المتحدة الأميركية أو في الخارج، وأنهم قد يكونون أمام فترة رئاسية مضطربة لا يمكن التنبؤ بها، ملمّحاً إلى ضرورة إعادة تقييم بعض السياسات المتعلقة بحقوق الإنسان، دون إشارة مباشرة إلى الحكومة الإيرانية.

وأشار فاتح إلى أن فوز ترامب قد يكون محفزا لتحالف سياسي وعسكري عالمي بين القوى اليمينية. واعتبر أن هذا يمثل مرحلة جديدة من العولمة، حيث يسهم الرأسماليون الكبار- مثل إيلون ماسك- في قيادة عصر الاقتصاد الرقمي، بينما يقود ترامب مسار السياسة والاقتصاد العالميين.
وحذر فاتح من احتمالية تشكيل تحالف بين ترامب والدول العربية والأوروبية التي تحدت سابقاً سيادة إيران على الجزر الثلاث، المتنازع عليها مع الإمارات.

وأوضح أن مواقف ترامب من إيران معروف أنها متصلبة، داعياً القادة الإيرانيين إلى توخي الحذر.
في المقابل، أشاد الكاتب علي آهنغر، في مقال بعنوان "عودة ترامب واستراتيجية إيران"، بالمسؤولين الإيرانيين لعدم تأثرهم بعودة ترامب، ووصف النهج الإيراني تجاه الولايات المتحدة بأنه "نظرة استشرافية".

وفي حجة غير مألوفة، اعتبر آهنغر أن طهران تمكنت من منع الولايات المتحدة من العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015 خلال إدارة بايدن، مدعياً أن القادة الإيرانيين توقعوا نتيجة انتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، مما مكن إيران من الحفاظ على قدراتها في تخصيب اليورانيوم، وتجنب آلية العقوبات التلقائية في الاتفاق النووي.

وأشار آهنغر إلى أن دعم القيادة الإيرانية لقيام حكومة "سلمية ومعتدلة" بقيادة مسعود پزشكيان، الذي يدعو إلى "التفاوض والمصالحة"، يظهر استعداد طهران للحوار.

وأكد أن "إيران هي من تلعب الدور الحاسم في الشرق الأوسط الذي يشهد صراعاً كبيراً"، مضيفاً: "لدى ترامب خياران: إما المضي في مفاوضات محترمة مع حكومة تسعى إلى المصالحة، أو مواجهة شرق أوسط يسير بخطى سريعة نحو التسلح النووي".

وفي تعليق منفصل، استعرض المحلل السياسي عبد الرضا فرجي راد العلاقات السابقة لترامب مع إيران، خاصة قراره بالانسحاب من الاتفاق النووي، مشيراً إلى أن تعامل ترامب مع طهران سيعتمد جزئياً على استراتيجية إيران تجاه الإدارة الأميركية القادمة.

وأوضح فرجي راد أن ترامب سعى لبدء مفاوضات مع إيران قرب نهاية ولايته في عام 2020، لكن طهران لم تكن مستعدة، خاصة بعد مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني.

وأضاف: "الآن، علينا انتظار كيف سيتعامل الرئيس پزشكيان مع احتمال بدء مفاوضات مع ترامب".

وأكد فرجي راد أن لدى پزشكيان القدرة على دفع المفاوضات مع ترامب قدماً، لكنه بحاجة إلى تكييف تكتيكاته لتحقيق تخفيف العقوبات؛ وإلا ستزداد التوترات. وإذا استنتج ترامب أن إيران غير مستعدة للتفاوض، فإنه سيعود حتماً إلى سياسة "الضغط الأقصى".

ومع ذلك، يدرك المراقبون أن خطوات پزشكيان تعتمد في النهاية على توجيهات المرشد علي خامنئي. وإن إقناع خامنئي بدعم مفاوضات جادة يُعد أكثر أهمية من النهج الذي يتبعه پزشكيان لتحريك المناقشات قدماً.