قطع الكهرباء الشامل.. "هدية" المائة يوم الأولى من رئاسة مسعود بزشکیان للشعب الإيراني
يواجه الإيرانيون أزمات متعددة ومتفاقمة، من نقص في الكهرباء والغاز والبنزين والديزل والمياه والإسكان والأدوية والمعلمين، فضلاً عن عجز كبير بالميزانية، الذي يعد مساويا تقريبا للوضع أثناء الحرب العراقية الإيرانية وفقًا لقول علي لاريجاني، أحد المسؤولين السابقين البارزين في النظام.
وبدلاً من السعي إلى معالجة هذه النواقص، يبدو أن ما يتزايد في إيران هو معدلات التضخم وارتفاع الأسعار وتلوث الهواء والفساد وسعر العملات الأجنبية والذهب، إضافة إلى الاضطرابات والمغامرات السياسية الخارجية التي تدفع بالبلاد نحو حافة الحرب.
كما تزداد وتيرة التدخلات الحكومية في حياة المواطنين، من فرض الحجاب الإجباري إلى مواجهة حقوق النساء في الإجهاض الاختياري.
يضاف إلى هذه الأزمات تفاقم الفساد وعدم كفاءة المسؤولين في إدارة شؤون إيران.
وفي تطور لافت، وبعد مرور مائة يوم على تولي مسعود بزشکیان منصب الرئاسة، أعلنت الحكومة، دون تردد، عن نيتها تنفيذ قطع شامل للكهرباء على مستوى إيران.
بزشکیان الذي جاء بوعود إصلاح الأوضاع لم يتمكن من تحقيق هذا الهدف، بل ساءت أحوال المعيشة للشعب الإيراني أكثر فأكثر.
وأكد المسؤولون أن القطع سيستمر خلال فصل الشتاء بحجة برودة الطقس؛ وكأن البيوت في إيران محرومة من الكهرباء سواء في حرّ الصيف أو برد الشتاء، مما يؤدي أيضًا إلى تعطل المصانع.
يأتي هذا في وقت أطلق فيه المرشد علي خامنئي على العام الحالي شعار :"عام القفزة الإنتاجية". لكن مع انقطاع الكهرباء، هل يُمكن تحقيق قفزة في الإنتاج؟
ذريعة من نظام غير كفء
انقطاع الكهرباء ليس سوى ذريعة من نظام غير كفء؛ فهذا النظام يسيطر على بلد غني بالنفط والغاز، ويملك أنهارًا دائمة التدفق، وأكثر من 260 يومًا مشمسًا سنويًا، ومع ذلك، أوصل الشعب إلى هذا الوضع الصعب.
إنها ذروة الفشل في إدارة دولة غنية بالموارد الطبيعية، حتى أنها تطلب من الشعب في فصلي الصيف والشتاء تقليل استهلاك الكهرباء، وهو أمر مخجل. وكان على المسؤولين، قبل مطالبة الشعب بتقليل الاستهلاك، أن يظهروا على شاشات التلفاز ليعتذروا للشعب الإيراني.
يجب أن يقولوا: "نحن، المسؤولون في إيران، نعتذر لأننا لم نتمكن من توفير الكهرباء والغاز الضروريين لكم". وعليهم أن يعترفوا قائلين: "نرجو أن تسامحونا، فمع أن إيران تمتلك ثاني أكبر احتياطي للغاز في العالم، وثالث أكبر احتياطي للنفط، لم نستطع أن نوفر التدفئة اللازمة لمنازلكم، وها أنتم تواجهون مشكلة نقص الغاز وانقطاع الكهرباء في الشتاء".
المسؤولون في إيران لا يقدمون أي إجابات بشأن عجزهم، رغم الوعود السابقة، عن توفير الطاقة المستدامة. ولا يعترفون للشعب بأن الأرقام الطموحة التي يروجون لها بشأن تطوير المراحل المختلفة من حقلي "بارس الجنوبي" و"عسلويه" لا تتعدى كونها أوهامًا.
فإذا كانت هذه الأرقام صحيحة، فلماذا يعاني الشعب من نقص في الغاز وانقطاع للكهرباء في ذروة الشتاء؟
النظام الإيراني ليس فقط غير كفء، بل كاذب أيضًا، وعاجز عن إدارة إحدى أغنى دول العالم بالنفط والغاز. إن تكرار انقطاع الكهرباء لا يعكس سوى حالة من الضعف وعدم الكفاءة، والأرقام والإحصائيات هي الدليل.
عجز في توفير وقود محطات الطاقة
إيران، على الرغم من امتلاكها ثاني أكبر احتياطي غاز في العالم، لا تستطيع توفير الوقود اللازم لمحطات الطاقة خلال الشتاء؛ وهذا إما دليل على العجز أو الفساد.
ومع امتلاكها لهذه الثروات الهائلة، لم تتمكن طهران من تأمين ما يكفي من الغاز للمحطات أو توفير وقود الديزل.
ورغم أن إيران تملك ثالث أكبر احتياطي نفط في العالم، يعجز المسؤولون عن استخدام هذه الموارد لتوليد الكهرباء.
وإذا ما قُدمت هذه الحقائق للعالم، سيقول الجميع إن هؤلاء المسؤولين غير مؤهلين للإدارة.
في الوقت ذاته، يدعي مسؤولو النظام الإيراني أن البرنامج النووي مخصص لإنتاج الكهرباء والاستخدامات الطبية، لكن المحصلة هي محطة "بوشهر" النووية التي تنتج ألف ميغاواط فقط، بينما تحتاج البلاد إلى نحو ٧٧ ألف ميغاواط من الكهرباء.
فهل كان إنتاج هذه الكمية الصغيرة من الكهرباء يستحق كل هذه التكاليف الباهظة؟
بالطبع يزعم المسؤولون أن للبرنامج النووي استخدامات طبية، لكن إذا كان ذلك صحيحًا، فلماذا يواجه قطاع الأدوية في البلاد أزمة خانقة؟ لماذا يعجز مرضى الحالات الخاصة عن الحصول على أدويتهم الحيوية؟
ورغم أن إيران تتمتع بأكثر من 260 يومًا مشمسًا سنويًا، لم يُستثمر بشكل كبير في توليد الطاقة الشمسية، مما يكشف عن حالة من عدم الكفاءة وفساد ونهب متواصل للموارد، الأمر الذي جعل هذا البلد الثري بالموارد الطبيعية عاجزًا عن توفير الاحتياجات الأساسية لشعبه.