إيرانيون بعد فوز ترامب: لا يهم من في البيت الأبيض.. المشكلة تكمن في قادتنا وعدم كفاءتهم

تباينت ردود أفعال الإيرانيين بعد عودة دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة؛ حيث شعر البعض بالحماس، معتبرين فوزه عاملاً مساعدًا في انهيار النظام، بينما أصيب آخرون بالإحباط، معتقدين أن فوز مرشحة الديمقراطيين، كامالا هاريس، كان سيؤدي إلى تقليص العقوبات وتخفيف الضغط الاقتصادي.

وهناك من هم غير مبالين، ويبدو أن عددهم كبير؛ حيث فقدوا الأمل في أي تغيير إيجابي.

وعادة ما تتابع إيران الانتخابات الرئاسية الأميركية عن كثب، لكن هذه المرة لم تكن هناك الرغبة نفسها في المتابعة، ربما بسبب معاناة الناس أكثر من أي وقت مضى، وأيضًا لأن الكثيرين باتوا يعتقدون أن الأمور في إيران لن تتحسن، مهما كان الشخص الجالس في المكتب البيضاوي.

ورغم ذلك، لم تكن السوق الإيرانية بالقدر نفسه من اللامبالاة؛ فقد انخفضت العملة الإيرانية بشكل أكبر، فور إعلان فوز ترامب، محطمة أدنى مستوى لها في الأسبوع الذي قبله.

يقول محمود، متقاعد إيراني: "لا يهمني من في البيت الأبيض، لأنني أرى المشكلة هنا في الداخل".

ويضيف محمود، الذي شهد الكثير: "نحن نعيش بالكاد في هذا الوضع، بسبب عدم كفاءة حكامنا وتعصبهم، والذين لا يهمهم إن كانت العقوبات قد كسرت ظهورنا. فبإمكانهم إنهاء هذه الأزمة إذا أرادوا، كما يمكنهم التراجع والتوصل إلى اتفاق مع هاريس أو ترامب".

ويقول حسين (45 عامًا) ويعمل في مجال الإعلانات: "سيزيد ترامب من فرض العقوبات على إيران، ويدعم إسرائيل في أي هجوم ضدنا. كل ما كان لدينا قد تلاشى بسبب التضخم المتصاعد، الذي يعود جزئيًا إلى العقوبات، وجزئيًا إلى الفساد وعدم الكفاءة في الداخل. لا أدري كم سنتحمل، ولا إلى أي مدى يمكن أن نهبط".

وتشير البيانات الرسمية الأخيرة إلى أن 30 في المائة من سكان إيران يعيشون تحت خط الفقر، أي ضعف الرقم قبل عقدين. ومن المستحيل إنكار تأثير العقوبات، لكن يبدو أن معظم الناس بالشوارع وفي التجمعات العائلية، يلومون النظام على الوضع، وليس الولايات المتحدة.

وتنتشر الألفاظ النابية عند الحديث عن السياسة الخارجية لطهران، ودعمها للجماعات المسلحة في المنطقة؛ بعد أن أعلنت الحكومة في الشهر الماضي، خطة لزيادة الميزانية العسكرية ثلاثة أضعاف تقريبًا في السنة الإيرانية المقبلة. ويتساءل كثيرون: "لماذا يتم إنفاق كل هذه الأموال في الخارج بينما يعاني الكثيرون داخل البلاد؟"، وهذه العبارة أصبحت تتردد يوميًا.

حسام، المصور البالغ من العمر 29 عامًا، يشدد على ضرورة إنهاء هذه "السياسة المهدرة" التي يعتقد أنها تكمن في صلب معاناة الإيرانيين. يقول: "آمل أن يؤدي وصول ترامب إلى نهاية لعبة النظام، الذي لا أتوقع انهياره، وأخشى من اندلاع حرب، لكنني أعتقد أن فوز هاريس كان سيشجع النظام على الاستمرار في سياساته. أما الآن، فعليهم أن يفكروا مرتين".

وتشير بعض التقارير الإعلامية إلى أن الرئيس الإيراني، مسعود بزشكیان، كان يطمح إلى إدارة ديمقراطية أخرى. وقد حذر المتشددون من الدخول في أي مفاوضات مع ترامب، الذي "تلطخت يداه بالدماء"، في إشارة إلى مقتل قائد الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني.

ولا تقتصر ردود فعل فوز ترامب على السياسة فقط، بل تمتد أيضًا إلى أولئك الذين يطمحون للهجرة إلى الولايات المتحدة، فما زال الحظر الذي فُرض على سفر الإيرانيين عام 2017 حاضرًا في ذاكرة الكثيرين.

ويقول سامن، خريج علوم الكمبيوتر، وهو واحد من آلاف الإيرانيين، الذين يمرون بمراحل متعددة من عملية طويلة للهجرة إلى أوروبا أو أميركا الشمالية: "كنت آمل في الانتقال إلى الولايات المتحدة. قدمت عدة طلبات وأنا في انتظار الرد، لكن مع عودة ترامب وسياسة الهجرة التي نعرفها جميعًا، أصبحت مترددًا. لا أعرف ما الذي ينتظرني في المستقبل".

ومن غير المؤكد ما إذا كانت إدارة ترامب ستجعل الهجرة أكثر صعوبة، لكن هذا هو الانطباع السائد. كما أن هناك اعتقادًا واسعًا- سواء كان دقيقًا أم لا- بأن الرئيس المنتخب يمكن أن يلعب دورًا حاسمًا في تحديد مصير النظام الإيراني.