الحكومة الإيرانية تعود لقطع الكهرباء بعد عجزها عن توفير شحنات غاز لمحطات الطاقة
بعد أشهر قليلة من انقطاعات الكهرباء الواسعة في الصيف بإيران، وجد المسؤولون أنفسهم، مع حلول فصل الخريف، في موقف يضع المواطنين أمام خيارين: "تلوث الهواء أو انقطاع الكهرباء".
ويقول المسؤولون إن سبب ذلك هو نقص إمدادات الغاز؛ حيث يتوجب عليهم إما استخدام المازوت في محطات الطاقة، ما يؤدي إلى تلوث الهواء، أو عدم استخدامه وبالتالي فرض انقطاعات كهرباء واسعة على الناس.
وأعلن الإعلام الرسمي أن رئيس الجمهورية أصدر أوامر بإيقاف استخدام المازوت في محطات الطاقة في مدن أراك، وكرج، وأصفهان.
كما كُلفت وزارة الطاقة بتعويض النقص عبر تنظيم جدول زمني لانقطاعات الكهرباء وإعلام المواطنين مسبقاً بها.
ونشرت فاطمة مهاجراني، المتحدثة باسم حكومة مسعود بزشکیان، منشوراً على منصة "إكس" (تويتر سابقاً)، أشارت فيه إلى أن الحل الأمثل هو تبني "انقطاعات كهربائية منتظمة" بديلاً عن "إنتاج السموم" التي قد تضر بصحة المواطنين.
أما علي ربيعي، مساعد رئيس الجمهورية، فقد أشاد بقرار رئيس الجمهورية ووصفه بأنه "شجاع".
أسباب انقطاع الكهرباء
خلال الصيف، عزت السلطات الإيرانية سبب انقطاعات الكهرباء إلى زيادة استهلاك المواطنين، لكن السؤال المطروح الآن هو: لماذا تستمر هذه الانقطاعات مع حلول الشتاء؟
إن 80 في المائة من إنتاج الكهرباء في إيران يعتمد على محطات الطاقة الحرارية التي تعتمد بدورها بشكل رئيسي على الغاز.
وقد تكرر حدوث انقطاعات واسعة في شتاء عام 2022 بسبب عجز شبكة الإنتاج والنقل عن تأمين الغاز لمحطات الطاقة.
وتحدث نرسي قربان، خبير في مجال الطاقة، في 26 أغسطس (آب) 2024 لوكالة "إيسنا" عن هذه المشكلة، مؤكداً أن حل أزمة الغاز يتطلب تطوير التعاون الدولي.
وقال إن حل الأزمة يحتاج إلى استثمارات في قطاع النفط والغاز بقيمة 250 مليار دولار، وقد أُشير إلى هذا الأمر في الحكومة السابقة، لكن لم يتحقق حتى الآن.
تضرر القطاع الصناعي في الصيف والشتاء
في الصيف، اضطرت إيران إلى قطع التيار الكهربائي عن المنشآت الصناعية لضمان توفره للمنازل، ما أدى إلى أضرار كبيرة للصناعات.
وفي أغسطس (آب) 2024، صرّح منصور عليمرداني، ممثل مدينة أبهر، بأن "الانقطاعات المتكررة للكهرباء ألحقت بالصناعيين خسائر فادحة".
كما قال سامان فيروزي، المدير التنفيذي لشركة "كرمان موتور"، إن "الانقطاعات المستمرة أثرت سلباً على خطوط إنتاج السيارات، ما تسبب في تعطل العملية الإنتاجية".
وفي سبتمبر (أيلول) 2024، صرّح صابر برنيان، المدير العام للصناعة والتجارة في أذربيجان الغربية، بأن الانقطاعات المتكررة للكهرباء أدت إلى زيادة أسعار المنتجات الصناعية.
وأضاف أن "سعر كيس الإسمنت ارتفع من 80 ألف تومان إلى 120 ألف تومان، وفي السوق وصل إلى 170 ألف تومان".
ومع حلول الشتاء، تحتاج محطات الطاقة إلى الغاز لتشغيلها، لكن ليس فقط محطات الطاقة من تستهلك الغاز، بل تعتمد العديد من الصناعات على الغاز لمواصلة عملها.
ومع عجز الحكومة الإيرانية عن توفير الغاز الكافي لمحطات الطاقة، تواجه الصناعات هي الأخرى نقصاً في الغاز.
وفي 4 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، قبل إصدار قرار رئيس الجمهورية بوقف استخدام المازوت في المحطات، قال أمين جمعية صناعة الإسمنت إن قطاع الصناعة كان يحاول العودة إلى قدرته الإنتاجية بعد انقطاع الكهرباء في الصيف، لكنه تعرض منذ بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) إلى قيود على الغاز أبكر من المعتاد في السنوات السابقة.
كما تحدث عن تقييد توفير المازوت، وأشار إلى أن هناك تحديات في توفير الوقود بانتظام.
رفض تركمانستان تصدير الغاز
مع بداية فصل الشتاء وعدم قدرة الحكومة على توفير الغاز لمحطات الطاقة، أشارت وسائل الإعلام المحلية إلى أن رئيس الجمهورية مسعود بزشکیان قال إن "تركمانستان ترفض توقيع عقود تصدير غاز جديدة مع طهران بحجة عدم تسديد الأخيرة للمدفوعات".
وتعتمد إيران على الغاز المستورد من تركمانستان، خصوصاً في فصل الشتاء لتلبية احتياجات المناطق الشمالية والشمالية الشرقية.
وأضاف رئيس الحكومة قائلاً: "نحن كمسؤولين حكوميين نفترض أن الدول الأجنبية تتصرف مثلنا، كأن نتعاقد مع مقاول ونؤجل دفع مستحقاته لمدة عامين".
وفي عهد الرئيس حسن روحاني، تكررت حالات قطع الغاز من تركمانستان، مما أدى إلى مشكلات في مناطق عدة في فصول الشتاء الباردة.
وفي خريف 2024، تواجه إيران أزمة في البنية التحتية المتهالكة لإنتاج ونقل الطاقة من كهرباء وغاز، وتفتقر إلى الموارد المالية اللازمة لاستيراد الغاز.
وبينما تتعاظم هذه التحديات، يصف ممثلو الحكومة مثل مهاجراني وعلي ربيعي قرار بزشکیان بشأن اعتماد خطة انقطاع الكهرباء كوسيلة للحد من تلوث الهواء بأنه "شجاع".
كما تشيد وسائل الإعلام المؤيدة للحكومة بشفافية الإعلان عن الجدول الزمني لانقطاعات الكهرباء المخطط لها.