ما بين اللامبالاة والمخاوف من التصعيد.. تباين في المواقف الإيرانية تجاه عودة ترامب
أثار فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية موجة واسعة من ردود الفعل في إيران، تراوحت بين اللامبالاة والتعليقات الساخرة، وبين القلق من انعكاسات عودته على مستقبل العلاقات الدولية وإدارة الأزمات في المنطقة.
وفي الوقت الذي تجنّب فيه المرشد الإيراني علي خامنئي الحديث عن فوز ترامب في أول خطاب له بعد الانتخابات، أبدى عدد من المسؤولين والصحف والشخصيات السياسية مواقف أكثر وضوحًا، تناولت تأثيرات عودة ترامب من زوايا متعددة.
فمن جهة، شدد بعض المسؤولين على ثبات موقف إيران، معبّرين عن ثقتهم بقدرتها على مواجهة التحديات بغض النظر عن هوية الرئيس الأميركي، ومن جهة أخرى، حذّر بعض الإعلاميين والمحللين من تداعيات محتملة على الاقتصاد والأمن القومي، مؤكدين على ضرورة استيعاب الدروس من التجربة السابقة مع ترامب، وتجنب الأخطاء التي وقعت فيها إيران خلال فترة رئاسته الأولى.
مساء الأربعاء 6 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بينما كانت النتائج تشير إلى فوز ترامب، التقى بزشكيان بأعضاء من "لجنة الأمل" في إيران، وأكد أنه "لا يهمنا من سيفوز؛ لأن قوة إيران تعتمد على عزّتها وقدرتها الذاتية".
وأضاف بزشكيان: "سنسعى دائمًا لتعزيز علاقاتنا مع الدول الإسلامية والدول المجاورة"، مشيرًا إلى التزام بلاده بتعزيز الوحدة بين الدول الإسلامية.
حتى الآن، لم يصدر عن أي مسؤول إيراني رفيع المستوى أي تعليق على فوز ترامب. إذ اكتفت المتحدثة باسم الحكومة والمتحدث باسم وزارة الخارجية بتصريحات حذرة.
وقالت المتحدثة باسم الحكومة، فاطمة مهاجراني، إن عودة ترامب "لا تغيّر شيئًا"، بينما أكد إسماعيل بقائي، المتحدث باسم وزارة الخارجية، أن إيران "عانت من تجارب مريرة" مع الحكومات الأميركية السابقة، معتبراً الانتخابات فرصة لواشنطن لإعادة تقييم "السياسات الخاطئة" الماضية.
وفي مجلس الشورى، استخدم أحمد نادري، نائب طهران، وسم "#حاج_قاسم" في إشارة إلى اغتيال قاسم سليماني، معلقاً: "لدينا ثأر مع ترامب".
مواقف الشخصيات السياسية
علي عبد العلي زاده، رئيس الحملة الانتخابية لأحد المرشحين وأحد أصدقاء بزشكيان، صرّح بأن ترامب رجل أعمال، مما قد يتيح لإيران التعامل معه بلغة المصالح، بينما دعا عباس آخوندي، وزير النقل السابق، إلى تعزيز العلاقات مع أوروبا والصين لموازنة تأثير ترامب، مشيراً إلى إمكانية تغيير موقف طهران من الأزمة الأوكرانية.
فيما علق أحمد زيد آبادي، الصحافي الإصلاحي، في قناته على "تلغرام" قائلاً: "ترامب سياسي غير متوقع. وإن تسبّب في الفوضى بمنطقتنا.. كيف سنواجهه؟!"، مؤكداً أن إيران أمام خصم قوي.
أما صادق زيبا كلام، المحلل السياسي الإصلاحي، فسخر من التفاؤل الذي يبديه بعض المعارضين بعودة ترامب، مشيراً إلى سياساته المعادية تجاه الأقليات والمهاجرين والمسلمين.
دروس اقتصادية ومواقف الصحافة الإيرانية
صحيفة "دنياي اقتصاد"، المقرّبة من الإصلاحيين، حذرت من تكرار التجارب الاقتصادية المريرة لعام 2018، عندما انسحب ترامب من الاتفاق النووي، داعية الحكومة لتجنب الأخطاء السابقة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الاقتصاد الإيراني اليوم في وضع أقوى من السابق، وأن احتياطيات العملة والذهب في وضع جيد.
فيما انتقدت صحيفة "هم ميهن" التصريحات العامة التي أدلت بها المتحدثة باسم الحكومة، معتبرة أن سياسة إيران بحاجة إلى مرونة أكبر لتجنب الفشل.
وحذرت الصحيفة من تضخيم أثر عودة ترامب، مشيرة إلى أن هذا سيزيد من حالة عدم الاستقرار والاعتماد المفرط على التغييرات في السياسة الخارجية للدول الأخرى.
صحيفة "كيهان": ترامب لا يختلف عن الديمقراطيين
صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد خامنئي، نشرت مقالة بعنوان: "الشيطان الأكبر هو أميركا، سواء كان رئيسها ترامب أو غيره"، مشيرة إلى أن فترة حكم بايدن لم تختلف كثيراً عن فترة ترامب الأولى.
وأوضحت الصحيفة أن رؤساء الولايات المتحدة -سواء الديمقراطيين أو الجمهوريين- اتخذوا مواقف عدائية تجاه طهران، مذكّرة ببعض الأحداث، مثل العملية العسكرية ضد إيران خلال إدارة الديمقراطيين، وإقرار عقوبات مؤثرة.
ورأت الصحيفة أن بعض الإصلاحيين في إيران ممن يبدون تعاطفاً مع الديمقراطيين الأميركيين، لديهم "نظرة ساذجة"، ووصفت هذا التعاطف بأنه "علاقة حب من طرف واحد"، مؤكدة أن إيران لا فرق لديها في سياستها تجاه الديمقراطيين أو الجمهوريين.
"عودة إلى مسرح الجريمة"
صحيفة "جوان"، المقربة من الحرس الثوري الإيراني، وصفت فوز ترامب بـ"العودة إلى مسرح الجريمة"، مشيرة إلى سلسلة الأحداث التي شهدتها المنطقة في فترته الأولى، ومنها اغتيال قاسم سليماني، وخروج الولايات المتحدة من الاتفاقيات الدولية.
وذكرت الصحيفة أن إيران قامت بتقديم شكوى ضد ترامب بسبب هذه التصرفات، ووصفت مواقفه الخارجية بأنها عدائية.
وأشارت الصحيفة إلى العلاقات بين ترامب وقادة أوروبا وآسيا، مع نقل تصريح للمتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، يقول فيه: "سنحكم على ترامب بناءً على أفعاله".
الحرس والقيادة يخشون ترامب أكثر
من جانبه قال عبد الله ناصري، المدير السابق لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إيرنا)، إن عودة ترامب "ستقلص من نفوذ الحرس الثوري والمرشد في المنطقة".
وأشار إلى أن هناك احتمالية كبيرة لإلغاء العملية العسكرية "الوعد الصادق 3"، مشيراً إلى أن "الحرس الثوري والقيادة الإيرانية يخشون ترامب أكثر".