عودة برايان هوك إلى الخارجية الأميركية.. هل يعيد ترامب سياسة "الضغط الأقصى" ضد إيران؟
أفادت بعض وسائل الإعلام أن برايان هوك، المبعوث الأميركي السابق لشؤون إيران في إدارة دونالد ترامب، سيلعب دورًا مهمًا في تشكيل حكومة الرئيس الأميركي المنتخب الجديدة. ويرى بعض المراقبين أن هذا الأمر قد يشير إلى نهج صارم من ترامب تجاه طهران.
ونقلت شبكة "سي إن إن" عن ثلاثة مصادر مطلعة أن هوك من المتوقع أن يقود فريق انتقال السلطة التابع لترامب في وزارة الخارجية الأميركية.
وأفادت منصة "بوليتيكو" بأن هوك سيتولى الإشراف على "برامج وزارة الخارجية" في الحكومة المقبلة للرئيس الأميركي المنتخب، معتمداً على خبراته السابقة في إدارة ترامب الأولى.
كما ذكرت صحيفة "غارديان" أن مسؤولية الدبلوماسيين الأميركيين في فترة انتقال السلطة قد أُوكلت إلى هوك، الذي اشتهر بتشدده في التعامل مع إيران.
وكان هوك قد حاول، حتى بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، إيجاد حل للبرنامج النووي الإيراني، إلا أنه استقال عام 2020 من منصبه كمبعوث خاص لإيران، في خطوة يمكن اعتبارها فشلًا للجهود الدبلوماسية للتوصل إلى اتفاق مع طهران.
وخلال فترة ترامب السابقة بين عامي 2017 و2021، اتبعت الولايات المتحدة سياسة "الضغط الأقصى" تجاه إيران، حيث انسحبت من الاتفاق النووي المعروف بـ"خطة العمل الشاملة المشتركة".
وكانت هذه السياسة مصحوبة بانخفاض كبير في صادرات النفط الإيرانية، وأثرت على الاقتصاد الإيراني بشكل كبير، إذ سعى ترامب حينها إلى فرض ضغوط على طهران لإجبارها على التنازل، ولعب هوك دورًا محوريًا في فرض العقوبات على إيران، مما جعله في نظر الكثيرين مسؤولًا عن انهيار الاقتصاد الإيراني والأزمة المالية في إيران.
وفي مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" بعد استقالته، قال هوك: "أحيانًا يكون الهدف هو المهم، وأحيانًا تكون الطريقة. فيما يخص استراتيجيتنا تجاه إيران، كلاهما مهم. نحن نسعى لاتفاق جديد مع النظام [الإيراني]، لكن في الوقت ذاته، أدت ضغوطنا إلى انهيار مالي لديهم".
واعتبر هوك أيضًا أن نهج إدارة ترامب تجاه إيران كان "ناجحًا"، وأضاف: "تقريبًا، وفق كل المعايير، فإن النظام والقوى الإرهابية التابعة له أضعف مما كانوا عليه قبل ثلاث سنوات ونصف. باتفاق أو دون اتفاق، نحن [ضد إيران] كنا ناجحين للغاية".
لكن في الوقت الحالي، ومع تزويد الميليشيات المدعومة من طهران في أنحاء المنطقة بتكنولوجيا متقدمة، وتهديدها للقوات الأميركية، وخوضها معارك مع إسرائيل، واستهدافها للملاحة الدولية، لم يعد نجاح هوك واضحًا كما يبدو.
حتى الآن، أبدى كثير ترحيبهم بعودة ترامب إلى البيت الأبيض، لكن مسؤولي النظام الإيراني اتخذوا موقفًا حذرًا تجاه فوز مرشح الجمهوريين في الانتخابات، مدركين أن قدوم حكومة صارمة إلى واشنطن ستكون له تداعيات كبيرة على طهران.
جوناتان شانزر، نائب رئيس الأبحاث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، أكد أن عودة ترامب إلى الساحة السياسية الأميركية تحمل رسالة واضحة لإيران: "الضغط الأقصى".
وبالإضافة إلى فرض العقوبات الشديدة والانسحاب من الاتفاق النووي، اتخذ ترامب خطوة جريئة عندما أمر باستهداف قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، الذي كان مسؤولًا عن مقتل عدد من القوات الأميركية، وضلوعه في العديد من الهجمات حول العالم.
وقد قُتل سليماني في يناير (كانون الثاني) 2020 في غارة أميركية بطائرة مسيرة قرب مطار بغداد، ومنذ ذلك الحين، أعلنت إيران مرارًا عن نيتها استهداف ترامب ومسؤولين آخرين في الإدارة الأميركية السابقة لضلوعهم في مقتل سليماني.
وفي مقابلة مع قناة "إيران إنترناشيونال"، تناول جيسون برودسكي، مدير السياسة في منظمة "اتحاد ضد إيران النووية"، عودة هوك ضمن فريق ترامب الانتقالي، وأشار إلى أهمية "العنصر البشري" في تشكيل سياسات الإدارة الأميركية المقبلة.
وقال برودسكي إن دور هوك الحالي يشير إلى أن "إدارة ترامب القادمة ستراجع السياسة الحالية للولايات المتحدة تجاه إيران، وستعيد إحياء سياسة الضغط الأقصى التي كانت ناجحة للغاية".
ويعود تاريخ هوك في السياسة الخارجية الأميركية ليدفع العديد من المحللين المهتمين بالشأن الإيراني، مثل برودسكي، لتقييم عودته إلى الساحة السياسية بشكل إيجابي، وذلك بينما لا تزال وزارة الخارجية الأميركية تحاول احتواء الأزمة الناتجة عن إقالة روبرت مالي، المبعوث الأميركي لشؤون إيران في إدارة بايدن.
وكان تصريح مالي الأمني قد تم تعليقه في أبريل (نيسان) 2023، وتم وضعه في إجازة دون راتب.
وسبق أن أفادت منصة "بوليتيكو" في 10 مايو (أيار) أن محققين من مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) يبحثون فيما إذا كان مالي قد ارتكب أي خروقات تتعلق بالمعلومات السرية التي كانت بحوزته.
وفي المقابلة ذاتها، قال برودسكي: "برايان هوك عندما كان مبعوثًا خاصًا لإيران، قاد فريقًا قويًا ومبدعًا، وأنا سعيد لرؤية أنه سيلعب دورًا في انتقال السلطة [في أميركا]".
وذكرت "بوليتيكو" أن هوك لن يكون وحيدًا، إذ سينضم إليه شخصيات أخرى "متشددة" بجانب ترامب، من بينهم مارك بوليتا الذي سيتولى قيادة البرامج الانتقالية في وزارة العدل، وروبرت لايتيزر الذي تم ترشيحه لقيادة الفريق الاقتصادي لترامب.