كابوس خامنئي.. عودة ترامب إلى البيت الأبيض
عاد دونالد ترامب، الشخص الذي أمر بقتل قاسم سليماني، القائد الذي كان مقربا من علي خامنئي؛ والذي خفّض صادرات النفط الإيراني إلى شبه الصفر؛ والذي أدرج الحرس الثوري الإيراني في قائمة المنظمات الإرهابية؛ والذي يعتبره خامنئي "كابوسًا". عاد إلى البيت الأبيض.
ويمكن أن تكون هذه العودة بداية لفترة أصعب، وربما غير قابلة للتصور بالنسبة للنظام الإيراني، والتي لا يمكن التنبؤ بها استنادًا إلى نماذج التحليل التقليدية.
وبمكن القول إن عودة ترامب إلى السلطة، ستضعف النظام الإيراني بشكل كبير، لعدة أسباب؛ حيث يقول بعض المحللين إن ترامب لا يسعى إلى الحرب ولا يهدف إلى الإطاحة بـ "خامنئي" ونظامه؛ ولكن حتى إذا اعتبرنا هذا الادعاء صحيحًا، فإن إيران دخلت بالفعل، من اليوم، واحدة من أصعب فتراتها؛ لأسباب متعددة وواضحة.
ومن أبرز العوامل، التي تشير إلى أن عودة ترامب قد تزيد من ضعف النظام الإيراني هو الاختلاف الكبير بين نهج ترامب وبايدن في ما يتعلق بالعقوبات النفطية؛ فعلى عكس بايدن الذي أغلق عينيه عن تطبيق العقوبات، يظهر ترامب تصميمًا أكبر على تنفيذها، وسيمنع الإيرادات النفطية لنظام طهران.
وفي ظل الوضع الاقتصادي السيئ والعجز الحاد في الميزانية الإيرانية، من المؤكد أن هذا سيؤدي إلى انخفاض كبير في الإيرادات النفطية، التي كانت عمليًا لا تُستخدم لتلبية احتياجات الشعب الإيراني، بل كانت تُخصص للجماعات الوكيلة، مثل حزب الله وحماس، أو تُستخدم لكسب ولاء بعض القمعيين المحليين. وسيؤدي تقليص هذه الإيرادات، إلى ضعف النظام الإيراني والميليشيات التابعة له.
ومن أهم الأسباب، التي تقلل من احتمالات التوصل إلى اتفاق بين ترامب والنظام هو مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني؛ حيث يرى نظام طهران أن ترامب هو قاتل سليماني والعدو الرئيس للحرس الثوري، وبسبب كراهية خامنئي الشخصية لترامب ورفضه التفاوض مع شخص قتل أبرز قادته، سيكون من الصعب على خامنئي الدخول في مفاوضات مع الرئيس الأميركي المنتخب.
كما حاول النظام الإيراني مرارًا، على مدار السنوات الأربع الماضية، اغتيال ترامب، وجون بولتون (مستشار الأمن القومي)، ومايك بومبيو (وزير الخارجية السابق)، وبراين هوك (المبعوث الأميركي الخاص في الشأن الإيراني). هذه المحاولات، التي باءت بالفشل، سيكون لها تأثيرات شخصية على رؤية ترامب تجاه خامنئي ونظامه.
ويتمتع ترامب أيضًا بعلاقات وثيقة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وفي وقت تشهد فيه العلاقات بين إيران وإسرائيل تصعيدًا، فإن عودة ترامب قد تعني دعمًا أكثر وضوحًا لإسرائيل.
وفي فترة رئاسته السابقة، اتخذ ترامب العديد من الإجراءات لصالح إسرائيل؛ من نقل السفارة الأميركية إلى القدس، إلى الاعتراف بضم مرتفعات الجولان، وتشجيع دول، مثل الإمارات والبحرين، على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.
ومن جهة أخرى، يعارض النظام الإيراني بشدة هذا التطبيع، ويعتبره تهديدًا له. والآن، مع عودة ترامب، سيستمر هذا الاتجاه.
كما أن "حماس" و"حزب الله" أصبحا أضعف من ذي قبل؛ نتيجة للهجمات المتكررة من قِبل إسرائيل، ومع المزيد من الدعم، الذي قد يقدمه ترامب لإسرائيل، ستضعف هذه الجماعات أيضًا.
وقد أعلن جاريد كوشنر، صهر ومستشار ترامب، والذي يُتوقع أن يكون له دور رئيس في إدارته الجديدة، مؤخرًا بشكل صريح، دعمه الكامل لإسرائيل في مواجهة النظام الإيراني؛ حيث يعتقد كوشنر أن إسرائيل يجب أن تستغل الفرصة المتاحة لمواجهة حزب الله والجماعات الوكيلة لطهران، وتدميرها تمامًا.
وكان ترامب قد أدرج الحرس الثوري الإيراني في قائمة الجماعات الإرهابية، في فترة رئاسته السابقة، واستخدم تهديداته ضد هذا التنظيم، بينما اتبع بايدن سياسة أكثر ليونة، ولذلك فإن عودة ترامب تعني نهجًا مختلفًا وأكثر تشددًا.
ومن جهة أخرى، رغم الدعاية التي يروجها النظام الإيراني بأن عقوبات ترامب تضر بالشعب، فإن جزءًا كبيرًا من الشعب الإيراني سعيد بعودة الرئيس الأميركي السابق إلى البيت الأبيض من جديد.
ويبدو أن الضغوط والسياسات القمعية للنظام الإيراني بلغت حدًا جعل الناس يفضلون أي شخص يتولى السلطة، بشرط أن يكون قادرًا على تقويض هذا النظام، وهو ما يعكس مستوى الغضب الشعبي الكبير، حيث أصبح الإيرانيون مستعدين لتحمل التحديات من أجل التخلص من هذا النظام القمعي.