هل عودة ترامب تعني سقوط النظام الإيراني؟

مع انتهاء الانتخابات الرئاسية الأميركية وفوز دونالد ترامب بالرئاسة، يثار التساؤل حول تأثير عودته إلى البيت الأبيض على إيران ومستقبل السياسة الأميركية تجاه النظام الإيراني.

قبل ثماني سنوات، عندما كان ترامب يسعى لدخول البيت الأبيض، كانت مواقفه تجاه السياسة الخارجية، خصوصاً حيال إيران، غير واضحة. اليوم، العالم بات يعرف سياسات ترامب، ما يجعل التنبؤ بمواقفه المستقبلية تجاه طهران أكثر سهولة.

فقد اختار ترامب في فترة ولايته الأولى الانسحاب من الاتفاق النووي لعام 2015، وأعاد فرض العقوبات على إيران في إطار استراتيجية "الضغط الأقصى" بهدف إجبار النظام الإيراني على تقديم تنازلات.

ورغم إعلانه سابقاً رغبته في الوصول إلى اتفاق جديد مع إيران، لم يتحقق ذلك، بل تصاعدت التوترات بعد اغتيال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، مما زاد من حدة المواجهة.

فهل ستشهد عودة ترامب اتباعه نفس النهج السابق، مما يعيد سياسة "الضغط الأقصى" إلى الواجهة؟

منع إيران من الوصول إلى القنبلة النووية

اعتمدت سياسة ترامب تجاه إيران خلال رئاسته الأولى على فرض أقصى الضغوط، وهو ما منح الأمل لبعض المعارضين للنظام الإيراني بإمكانية سقوطه. بعض رموز المعارضة يعتقدون أن استمرار هذه الضغوط كان سيحقق هدفهم في الإطاحة بالنظام الإيراني.

لكن ترامب نفسه صرّح في مناسبات عدة بأن أميركا لا تستطيع فرض تغيير الأنظمة في كل مكان.

وفي حديث أخير، ورداً على سؤال عما إذا كان يفضل عودة إيران إلى زمن الشاه، قال: "لا يمكننا التدخل في كل شيء، يجب أن نكون صادقين؛ فنحن بالكاد ندير أمورنا". وأضاف أنه يريد فقط منع إيران من الحصول على سلاح نووي.

وكان ترامب قد أكد خلال رئاسته السابقة عدم نيته لتغيير النظام الإيراني، مشيراً إلى أن هدفه الأساسي هو منع طهران من الوصول إلى السلاح النووي.

وسبق أن وصف انسحابه من الاتفاق النووي بأنه خطوة ضرورية لتحقيق هذا الهدف، واصفاً الاتفاق بـ"الناقص" الذي لا يضمن منع طهران من تطوير قنبلة نووية.

وبالتالي، يمكن التوقع أن يشهد العالم توتراً متصاعداً بين واشنطن وطهران بشأن البرنامج النووي الإيراني.

بعد اغتيال حسن نصر الله على يد إسرائيل، كتب جاريد كوشنر، صهر ترامب، في تغريدة أن على إسرائيل "إنهاء المهمة وشن هجوم على إيران". ومع وصول ترامب إلى السلطة، قد تتزايد الدعوات في الغرب لضرب المنشآت النووية الإيرانية.

هل تطيح سياسات ترامب بالنظام الإيراني؟

لكن، هل يمكن أن تقود سياسات ترامب النظام الإيراني نحو السقوط؟ ترامب يصرّح باستمرار أنه لا يهدف إلى تغيير النظام الإيراني أو أنظمة أخرى، لكنّ بعض معارضيه يرون أن سياساته قد تؤدي إلى هذه النتيجة.

إحدى المحللات، ليزلي فينجاموري، مديرة الشؤون الأميركية في "تشاتام هاوس"، تميّز بين ترامب وجورج بوش الابن، مشيرةً إلى أنه قبل عشرين عاماً كان المحافظون الجدد يرون أن تغيير النظام الإيراني سيحقق الديمقراطية في البلاد، لكن ترامب لا يبدو مهتماً بتغيير النظام في إيران، بل يضع أولويات أخرى، إذ "ليس سياسياً انعزالياً، لكنه أيضاً ليس من أنصار التدخلات".

وبالتالي، من غير المرجح اعتباره إمبريالياً يسعى لإسقاط الأنظمة.

ومع ذلك، يعتقد بعض معارضي النظام الإيراني أن خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وإعادة فرض العقوبات ساهم في تأجيج الاحتجاجات في إيران وتصاعد مشاعر الاستياء الشعبي، وإن كان البعض يعتقد أن هذه الاحتجاجات لم تحقق تغييرات في النظام، بل أسفرت عن خسائر بشرية مؤسفة.

مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، تبدو آمال الذين يرغبون في تهدئة التوتر بين طهران وواشنطن في تراجع، بينما من المرجح أن يرى بعض معارضي النظام في فوزه فرصة لتسريع انهيار نظام الجمهورية الإسلامية.

وعلى الرغم من فوز مسعود بزشكيان، الذي يرفع شعارات الحوار والسلام، إلا أن سجل العلاقات بين طهران وترامب يشير إلى أن حقبة جديدة من التصعيد قد تبدأ، خاصة في ظل التوترات الحالية التي تجعل الشرق الأوسط على حافة انفجار كبير.