إيرانيون ينتقدون التلفزيون الحكومي لتقليصه أهمية الضربة الإسرائيلية وتشجيع التصعيد

مريم سينائي
مريم سينائي

صحافية ومحللة سياسية - إيران إنترناشيونال

أثار التلفزيون الإيراني الحكومي (IRIB) غضب المواطنين الإيرانيين، بعد تقليله من شأن الضربات الإسرائيلية، التي استهدفت مواقع عسكرية في إيران، صباح السبت الماضي، ومشبهًا إياها بـ "لعبة مفرقعات الأطفال"، وترويجه للتصعيد في الصراع من جهة أخرى.

ويقول المنتقدون إن التلفزيون تجاوز حدوده بتقليله من نطاق وتأثير الضربات الإسرائيلية على المنشآت العسكرية الإيرانية، حتى بمعاييره الخاصة، ما جعل تغطيته لا تزيد على دعاية للتيار المتشدد جدًا.

خلال السنوات القليلة الماضية، كانت هذه المؤسسة الواسعة الممولة من الدولة، والتي يُعين رئيسها من قِبل المرشد الإيراني، علي خامنئي، تحت سيطرة كاملة من حزب بايداري (الصمود) المتشدد للغاية، وحلفاء المفاوض النووي، والمرشح الرئاسي السابق، سعيد جليلي.

ويشغل شقيق جليلي، والعضو المعروف في حزب "بايداري"، وحيد جليلي، حاليًا منصب نائب الشؤون الثقافية وتطوير السياسات في التلفزيون الإيراني.

الأخوان جليلي المتشددان

يطالب المتشددون بشن حرب شاملة ضد إسرائيل، على الرغم من العواقب الوخيمة، التي قد تترتب على تصعيد الصراع مع إسرائيل على إيران والمنطقة، كما يضغطون من أجل تغيير "عقيدة الدفاع" الإيرانية، مما يعني البدء في بناء قنبلة نووية.

وتحدث أحد المذيعين ساخرًا من إسرائيل، في برنامج بُث يوم السبت بالتلفزيون الحكومي الإيراني، لانضمامها إلى احتفالات ليلة النار في إيران، مؤكدًا أن المفرقعات، التي يستخدمها الشباب الإيراني خلال مهرجان "چهارشنبه سوري" السنوي، أعلى صوتًا من الهجوم الإسرائيلي على طهران في ذلك اليوم.

وفي برنامج آخر، استخدم السياسي المتشدد والدبلوماسي السابق، محمد جواد لاريجاني، لغة مماثلة؛ حيث وصف رد إسرائيل على الهجوم الصاروخي الإيراني في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، بأنه "فضيحة"، وعلق قائلاً: "حركتهم كانت أشبه بلعبة مفرقعات"، مشيرًا إلى فشلها في التسبب بتدمير كبير.

وفي برنامج آخر، تحدث مذيع التلفزيون بحماس عن رد إيران على الهجوم الإسرائيلي، كما لو أنه قد تم اتخاذ القرار بالفعل.

وكتب رئيس تحرير موقع "انتخاب" المحافظ، مصطفى فقيهي، في تغريدة: "ألا تمتلك هذه البلاد قيادة عسكرية أو مجلس أمن قومي أعلى؟ لتصعيد التوتر والصراع؛ حيث يدعي عدد من المقدمين الذين يبدون ثوريين والمشاهير المصطنعين تحت قيادة سعيد جليلي أن رد إيران على وقاحة إسرائيل أمر مؤكد". وأضاف فقيهي: "من هم هؤلاء الذين تمكنوا من تحويل التلفزيون الرسمي للبلاد إلى مركز للضغط على القوات المسلحة والمسؤولين؟".

وفي مقال نُشر أمس الأحد، بعنوان: "هجوم إسرائيل على إيران: لماذا لا نضخم ولا نقلل من شأنه"، انتقد موقع "عصر إيران" المحافظ التلفزيون الحكومي؛ بسبب فقرات تناولت الهجمات كأنها أحداث تافهة، وشبهتها بلعب الأطفال، خلال احتفالات ليلة النار.

وذكر المقال أن التقليل من أهمية هجوم إسرائيل يشبه تضخيمه، كما فعل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو. واعتبر المقال أن إسرائيل لم تقم من قبل بعملية بهذا الحجم ضد إيران، وكانت لا تتبنى المسؤولية علنًا عن أي فعل على عكس ما فعلته في الهجوم الأخير.

ومن المعروف أن إسرائيل نفذت عمليات سرية عديدة في إيران، بما في ذلك تفجير منشآت عسكرية ونووية، على مدى السنوات الماضية، واغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران، غالبًا دون الاعتراف رسميًا بالمسؤولية.

وكتب موقع "عصر إيران": "ماذا لو وقع هجوم آخر ردًا على انتقام إيراني، ليصبح الوضع أشبه بلعبة كرة الطاولة؟ أو إذا أصبحت (إسرائيل) أكثر جرأة بعد الانتخابات الأميركية.. إذا فاز ترامب أو حصلوا على ضوء أخضر من هاريس؟ هل لا يزال بإمكاننا وصف (هجوم السبت) بلعبة مفرقعات حينها؟".

وفي أول رد فعل له على الهجوم الإسرائيلي، امتنع المرشد الإيراني، علي خامنئي، يوم الأحد، عن الدعوة الصريحة للانتقام، وفوّض القرار إلى "السلطات".