بعد ضغوط المتشددين.. ظريف: حظر خامنئي للأسلحة النووية ليس دينيًا فقط.. بل استراتيجي أيضًا

قال مساعد الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية ووزير الخارجية الأسبق، محمد جواد ظريف، إن المرشد علي خامنئي، يعارض الأسلحة النووية، ليس فقط لأسباب دينية، ولكن أيضًا لأسباب استراتيجية.

وأضاف ظريف، في تصريح لوكالة أنباء العمال الإيرانية "إيلنا"، يوم أمس الثلاثاء: "فهمي هو أن خامنئي قد احتفظ بالرأي نفسه من وجهة نظر استراتيجية، بالإضافة إلى المنظور الشرعي، منذ أن أصدر فتواه (لحظر أسلحة الدمار الشامل)، وحتى قبل ذلك".

وجاء هذا التعليق، ردًا على سؤال حول مطالبة المشرعين المتشددين بتغيير "عقيدة الدفاع" الإيرانية، والنظر في الأسلحة النووية؛ للسماح بوضع استراتيجية "ردع نووي".

وتتطلب هذه الخطوة، التي حث هؤلاء المشرعون المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني على اتخاذها، موافقة واضحة وصريحة من خامنئي، سواء بصفته القائد الأعلى أو كقائد للقوات المسلحة.

ولطالما أكدت الحكومة الإيرانية أنها لن تسعى للحصول على الأسلحة النووية؛ لأن فتوى خامنئي قد حظرت جميع أسلحة الدمار الشامل، بما في ذلك القنابل النووية، وهو ما أكده وقدمه المسؤولون الإيرانيون في المؤتمر الدولي لنزع السلاح النووي، في إبريل (نيسان) 2010.

وجاء في بيان خامنئي: "نعتبر استخدام مثل هذه الأسلحة حرامًا شرعًا، ونعتقد أن من واجب الجميع بذل الجهود لحماية الإنسانية من هذه الكارثة العظمى".

ويؤكد المراقبون أن ما تشير إليه السلطات الإيرانية على أنه فتوى هو مجرد رأي استشاري، وليس وثيقة قانونية لا يمكن إلغاؤها، وكان المقصود منها تضليل المجتمع الدولي بشأن النوايا الحقيقية وراء برنامج نووي تظل إيران تؤكد أنه سلمي.

وأضافوا أن الفتاوى الصادرة عن المراجع الشيعية (مصدر التقليد) ليست ثابتة، إذ يمكن تعديلها أو إلغاؤها، بناءً على "متطلبات الزمان والمكان"، كما تثبت العديد من الحالات التاريخية.

وأدلى أحد المعلقين في طهران، بتصريح لموقع "إيران إنترناشيونال"، قائلاً: "ما أعلنه خامنئي على أنه حرام، مهما كانت النوايا وراءه في ذلك الوقت، يتطلب بيانًا عامًا واضحًا لجعله حلالاً، أي مسموحًا". وأضاف أن التغيير الذي يطالب به المتشددون يتطلب الخروج من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، وهو أيضًا قرار يمكن أن يتخذه خامنئي وحده.

وأضاف: "يطالب هؤلاء المتشددون علنًا بأن يوافق خامنئي على الانتقال نحو بناء واختبار قنبلة نووية، ويدعونه لاتخاذ قرار جذري في هذه الظروف".

وقد استخدمت حكومة الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، الحجة نفسها، التي استخدمتها حكومة الرئيس الأسبق، حسن روحاني، والتي استندت إلى فتوى خامنئي لإقناع المجتمع الدولي بأن البرنامج النووي الإيراني سلمي.

وقالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، الأسبوع الماضي، ردًا على مطالبة هؤلاء المشرعين: "إن موقف الحكومة بشأن إنتاج القنابل النووية هو نفس ما أعلنه المرشد الإيراني، والذي أكده عدة مرات… الأمور مثل الطاقة الذرية تبقى تحت قيادة خامنئي".

وأضافت: "لقد ذكر المرشد عدة مرات أن إيران لديها القدرة على إنتاج قنبلة نووية، ولكن هذا محرم من وجهة نظر الشريعة. هذا هو الموقف الرسمي للحكومة الإيرانية".

وفي مقال يوم الأحد الماضي بعنوان "المغامرة أو الردع"، انتقدت صحيفة "هم ميهَن" الإصلاحية خطوة هؤلاء المتشددين، وأكد كاتب المقال أن العقلانية يمكن أن تكون لها قوة ردع أكبر من القنبلة النووية؛ حيث يمكن أن توفر مطالبهم "ذريعة للتصعيد العسكري ضد إيران" من قِبل إسرائيل والغرب.

وكتب الناشط الإصلاحي والصحافي الإيراني، أحمد زيد آبادي، الأسبوع الماضي؛ ردًا على رسالة المشرعين المتشددين إلى المجلس الأعلى للأمن القومي: "هل هي دعوة لغزو البلاد؟ إن اللحن، الذي تغنيه بعض الدوائر حول الحاجة إلى (تغيير عقيدة إيران النووية)، متجذر في جهلهم العميق بعلاقات القوة في الشرق الأوسط وعلى المستوى الدولي".

وأشار زيد آبادي إلى أن الحديث عن تغيير العقيدة النووية لن يحقق فقط أدنى مستوى من الردع، بل يمكن أن يُفهم أيضًا على أنه "نوع من الدعوة للهجوم العسكري على البلاد من قِبل تحالف عسكري مجهز وقوي". وتساءل مستنكرًا: "هل هذا ما يريدونه؟".

وأكد أنه إذا كانت إيران تستطيع "إنتاج وصيانة واستخدام" قنبلة نووية، فلن يكون هناك شيء سوى المشاكل للبلاد. وقال إن هذه الخطوة ستؤدي إلى تشكيل تحالف دولي موحد ضد إيران "المعزولة استراتيجيًا"، مشيرًا إلى أنه حتى حلفاء إيران الأقوياء، الصين وروسيا، لا يريدون أن تصبح طهران قوة نووية.

وستعزز خطوة المتشددين فقط عمل "آلة الدعاية المعادية لإيران"، كما قال المحلل السياسي الإيراني المحافظ، حسن بهشتيبور، لصحيفة "هم ميهَن" الإصلاحية، في مقابلة نُشرت يوم الاثنين الماضي.

وأضاف: "هذا خطأ في التقدير. هؤلاء الأشخاص لا يأخذون في اعتبارهم أن برنامجنا النووي يجري تحت إشراف مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وطرح مثل هذه الأمور لن يحقق شيئًا، سوى خلق مشاكل إعلامية ودعائية لإيران، وتوفير شيء لأعدائها للمناورة عليه".

وزعم بهشتيبور أن الذين يطالبون بتغيير "عقيدة إيران النووية" لا يمكنهم تحقيق أي شيء، حتى لو كانوا يقصدون تعزيز قدرة إيران على الردع.