بين الاستعداد العسكري الإسرائيلي و"مأزق" النظام الإيراني
أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، أن الهجوم على إيران "قريب وقاتل"؛ حيث ناقش غالانت مع وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، يوم الثلاثاء 15 أكتوبر (تشرين الأول)، كيفية تنفيذ هذا الهجوم، ورد الفعل المحتمل من النظام الإيراني.
كما قال مسؤول إسرائيلي رفيع لشبكة "كان نيوز" الإخبارية: "إن القرار بشأن أهداف الهجوم قد تم اتخاذه، وما تبقى فقط هو تحديد موعد التنفيذ".
تعزيز أنظمة الدفاع الإسرائيلية
في الوقت نفسه، تواصل الولايات المتحدة نشر منظومة الدفاع الصاروخي المتقدمة "ثاد" (THAAD) في إسرائيل؛ لمواجهة الهجمات الصاروخية المحتملة من الحرس الثوري الإيراني، ردًا على الهجوم الإسرائيلي.
وتستطيع منظومة "ثاد" اكتشاف الصواريخ من مسافة 1000 كيلو متر، لكنها قادرة على التعامل مع هذه الصواريخ فقط ضمن مدى 200 كيلو متر فقط، ويشكل هذا القيد نقطة ضعف للمنظومة؛ حيث إن صواريخ الحرس الثوري الإيرانية عالية السرعة قد تترك وقتًا ضئيلاً للتصدي لها ضمن هذه المسافة القصيرة.
وقد تحتوي منظومة "ثاد" على 48 إلى 72 صاروخًا جاهزًا للإطلاق؛ حيث يمكن لكل شاحنة قاذفة إطلاق ثمانية صواريخ في وقت واحد، لكن إعادة تحميل كل قاذفة تستغرق نحو نصف ساعة، وهو ما قد يشكل تحديًا في حالة نشوب مواجهة كبيرة.
ونظرًا لعدم وجود منظومة دفاعية قادرة على اعتراض جميع الصواريخ المهاجمة، يتوقع أنه في حالة قيام الحرس الثوري الإيراني بالرد، فإن بعض الصواريخ الإيرانية قد تتجاوز الدفاعات الإسرائيلية.
وأظهرت التجارب السابقة، مثل "وعد صادق 2"، أنه حتى بوجود أنظمة دفاعية قوية، تمكنت بعض الصواريخ من إصابة أهدافها، ولهذا، فقد هيأت قيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي المواطنين مسبقًا لمواجهة مثل هذه الظروف، كما طلب غالانت من قادة الجيش الرد على تساؤلات المواطنين وتهدئة مخاوفهم؛ لضمان استعداد الجيش والشعب معًا لأي مواجهة.
إهمال النظام الإيراني تأهيل الشعب
على الجانب الآخر، لم يضع النظام الإيراني أي خطة واضحة لتهيئة وتجهيز الشعب لمثل هذا الصراع المحتمل؛ فلا توجد ملاجئ كافية في المدن، ولم تُقدَّم التدريبات اللازمة للمواطنين.
ويبدو أن مسؤولي النظام يعتقدون أن إسرائيل لن تهاجم المناطق السكنية، ومِن ثمّ يرون عدم الحاجة لاتخاذ تدابير لحماية الإيرانيين. هذا التصرف يعكس إهمالًا كبيرًا من الحرس الثوري والنظام تجاه الشعب، رغم أن إسرائيل لم تهدد الشعب الإيراني بشكل مباشر؛ حيث يعتقد العديد من المحللين أن إسرائيل تدرك أن الإيرانيين يعارضون نظام "خامنئي".
التناقض في المواقف ونتائجها
بينما يواصل قادة الحرس الثوري الإيراني تهديداتهم المتكررة بإشعال المنطقة، إذا لزم الأمر، تبرز تناقضات لافتة في الدبلوماسية الإيرانية؛ فعلى سبيل المثال، في الوقت الذي كان يتحدث فيه وزير خارجية طهران، عباس عراقجي، عن "الصداقة التاريخية" مع دول المنطقة خلال زيارته إلى عُمان، كان قائد رفيع في الحرس الثوري يشير إلى التفجيرات الغامضة، التي شهدها ميناء الفجيرة بدولة الإمارات العربية المتحدة، قبل عدة سنوات، كدليل على "القوة الخفية" لإيران.
العقوبات المتزايدة.. نتائج سياسات إيران التصعيدية
بدأت تظهر بشكل ملموس نتائج السياسات التصعيدية للنظام الإيراني، مع تصاعد التوترات والاستعدادات في المنطقة، فمنذ صباح أمس الثلاثاء، 15 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، توقفت جميع الرحلات الجوية المدنية الإيرانية المتجهة إلى أوروبا.
كما أعلنت شركة الطيران الإيرانية توقف رحلاتها إلى لندن، وكولن، وباريس؛ حيث يتعين على المسافرين الإيرانيين استخدام شركات طيران أخرى، مثل الخطوط الجوية التركية. في الوقت نفسه، أوقفت العديد من شركات الطيران الدولية، مثل "لوفتهانزا" الألمانية رحلاتها إلى المنطقة بسبب الأوضاع المتوترة.
إخفاقات مبكرة لحكومة "بزشكيان"
مع توقف الرحلات الجوية وارتفاع أسعار الدولار والذهب في الأيام الأخيرة، تواجه حكومة الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، تحديات خطيرة خلال أقل من 100 يوم من بدء عملها، لم يتحقق الوعد بالنمو الاقتصادي بنسبة 8 بالمائة، وتفاقمت العقوبات، ولم تنفذ الوعود، ومنها إلغاء دوريات "شرطة الأخلاق".
وإضافة إلى ذلك، أظهر إقرار قانون فرض الحجاب الإجباري من قِبل مجلس صيانة الدستور أن العديد من وعود الحكومة لم تتحقق.
وفي المجمل، تعكس الأوضاع الحالية في إيران التأثير المباشر للسياسات التصعيدية والمغامرة في المنطقة، حيث تؤثر سلبًا على العلاقات الخارجية والأوضاع الداخلية في البلاد، مما يترك مستقبلاً غامضًا للنظام والشعب الإيراني.