حرب النظام المفروضة على الإيرانيين.. صراع "لا ناقة لهم فيه ولا جمل"
تقف إيران اليوم على حافة الخطر، وهي تواجه حربًا لم يكن للشعب الإيراني فيها خيار أو رغبة. هذه الحرب ليست حرب الشعب، و"لا ناقة له فيها ولا جمل"، لكنه هو من يتحمل عواقبها وتبعاتها ومخاطرها. إنها حرب مفروضة من قِبل النظام، الذي ربط مصير الإيرانيين بمصير حزب الله وحماس.
ويمكن أن يتحول الصراع بين النظام الإيراني وإسرائيل إلى حرب شاملة في أية لحظة؛ حيث توقعت حكومة وجيش إسرائيل مثل هذه الحروب، منذ سنوات، وبنوا ملاجئ لشعبهم، وقدموا التدريبات اللازمة لضمان حماية مواطنيهم في حال اندلاع الحرب، والقدرة على العيش في ظل الأزمات.
ولكن في إيران، على الرغم من السياسات المغامرة والجنوح للحرب، التي يتبناها النظام، تظل البلاد خالية تقريبًا من أي ملاجئ للشعب أو تدريبات للنجاة.
وفي خضم هذا التوتر، أطلق الحرس الثوري نحو 200 صاروخ على إسرائيل قبل أيام، دون أن يُخطر حتى الطائرات المدنية الإيرانية بما يجري، بينما كانت تلك الطائرات تحلق في السماء مليئة بالركاب، وتجاهل قادة الحرس الثوري تمامًا المخاطر التي قد تواجهها، بما في ذلك احتمال تعرضها لضربة صاروخية، مما قد يؤدي إلى كارثة جديدة تُضاف إلى سلسلة الكوارث والأخطاء، التي يرتكبها النظام في حق الإيرانيين.
ربما فكروا في هذا الأمر، ولكن كما هو الحال دائمًا، لم تكن حياة الشعب الإيراني ذات قيمة بالنسبة لهم. ولهذا السبب يعتقد الكثيرون أن إسقاط الطائرة الأوكرانية في عام 2019 بصواريخ الحرس الثوري لم يكن مجرد خطأ، بل كان عملاً متعمدًا.
وفي إسرائيل، بفضل التدريبات التي يتلقاها الشعب، يعرف الناس بالضبط ما يجب عليهم فعله في حالات الحرب، ولا يشعرون بالخجل من اللجوء إلى الملاجئ عند الضرورة.
أما في إيران، فإن قادة النظام وقادة الحرس الثوري يتفاخرون بأن "10 ملايين إسرائيلي اضطروا لدخول الملاجئ"، غير مدركين أن هذا يعكس اهتمام إسرائيل بحياة شعبها، ولهذا السبب، حتى بعد إطلاق أكثر من 500 صاروخ وطائرة مُسيّرة من إيران في شهري إبريل (نيسان) الماضي، وأكتوبر (تشرين الأول) الحالي، لم يُقتل أي إسرائيلي.
وكان الضحية الوحيدة لهذه الهجمات الأخيرة عاملًا فلسطينيًا بريئًا لم يرَ عائلته منذ عام، وقُتل بسبب سقوط حطام أحد صواريخ الحرس الثوري.
إن تفاخر بعض مسؤولي النظام الإيراني بلجوء 10 ملايين إسرائيلي إلى الملاجئ ليس مدعاة للفخر، بل هو دليل على أن إسرائيل تهتم بحماية حياة شعبها في زمن الحرب.
وفي المقابل، ماذا فعلت السلطات الإيرانية لحماية الشعب الإيراني في الوقت الذي تستعد فيه إسرائيل للرد على الهجمات؟، كم عدد الملاجئ التي وفرتها إيران لشعبها؟ وكم عدد الكتيبات التي وُزعت على الشعب حول مخاطر الحرب وكيفية الاحتماء؟ وكم عدد الفيديوهات التعليمية التي تم إنتاجها حول كيفية العيش في ظروف الحرب وعُرضت على الشعب؟ وكم عدد المستشفيات التي تم تجهيزها لحالات الحرب؟
لم يتم تنفيذ أي من هذه الإجراءات؛ لأن حياة الشعب ليست ذات أهمية بالنسبة لهم، ولم يقم النظام الإيراني بأي جهد لحماية الإيرانيين، لأنه على ما يبدو يعتقد أن العدو، أي إسرائيل، من غير المرجح أن يستهدف المناطق السكنية في إيران، لأن إسرائيل تعرف أن الشعب الإيراني غير راضٍ عن النظام، ولا يدعمه.
وبمعنى آخر، يعتمد قادة النظام، وقادة الحرس الثوري على افتراض أن إسرائيل لن تستهدف الشعب الإيراني، ليس لأنهم يهتمون بحياة المواطنين، وربما يعتقدون أن الشعب الإيراني، بعد سنوات من العيش تحت حكمهم، قد تعوّد على الحياة في ظروف الحرب.
وفي النهاية، هذه ليست حرب إيران مع إسرائيل، إنها حرب فرضها النظام على الشعب.