حزب الله.. الدرع التي سقطت من يد خامنئي
بعد سلسلة من الضربات العنيفة ضد حزب الله اللبناني، ومقتل زعيمه حسن نصر الله، استأنفت إسرائيل غاراتها الجوية على الحوثيين، وهي إحدى الجماعات الوكيلة الأخرى لإيران، وقد استهدفت الغارات ميناء الحديدة، وهو الميناء الأهم الذي تسيطر عليه الجماعة، مدمرة محطات كهربائية ومستودعات وقود.
وتبدي إسرائيل استعدادها للرد على أي هجوم محتمل من إيران، كما فعلت في إبريل (نيسان) الماضي، عندما هاجمت مواقع دفاعية إيرانية بمنظومة إس-300 في أصفهان.
وفي هذا السياق، صرّح جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، في تغريدة طويلة، بأن يوم مقتل حسن نصر الله هو "أهم يوم في الشرق الأوسط بعد اتفاقيات إبراهيم (مجموعة من اتفاقيات السلام التي عُقِدت بين إسرائيل ودول عربية برعاية الولايات المتحدة)".
ويرى كوشنر أن إدارة بايدن تضغط دون داعٍ على إسرائيل لوقف إطلاق النار. ويُعتقد أنه مع ضعف إيران وحزب الله بشدة، يجب السماح لإسرائيل بإكمال المهمة، وأوضح أن أحدًا لم يتوقع أن تلحق إسرائيل ضربة بهذا الحجم بحزب الله.
ووفقًا لقول كوشنر، فإن السبب، الذي منع تدمير المنشآت النووية الإيرانية حتى الآن، هو حزب الله الذي كان بمثابة "مسدس موجه" ضد إسرائيل. هذا التهديد كان يعتبر درعًا لإيران طوال الأربعين سنة الماضية، لكن مع تراجع قوة حزب الله، سقطت هذه الدرع من يد إيران.
وأضاف أنه مع مقتل 16 من كبار قادة حزب الله خلال تسعة أيام فقط، لم تعد إيران تشكل تهديدًا خطيرًا لإسرائيل، وشدد كوشنر على أن هذه الفرصة قد لا تتكرر مرة أخرى، لذلك يجب على إسرائيل أن تستغلها لإنهاء المهمة.
وهناك نقطتان مهمتان في تصريحات كوشنر: الأولى، كونه مقربًا جدًا من دونالد ترامب، فهو يوجه رسالة إلى إدارة بايدن بعدم ممارسة المزيد من الضغوط على إسرائيل لوقف إطلاق النار، بل يجب تركها تكمل مهامها؛ فهو يرى أن هذه الضغوط تُخرّب الوضع.
الجدير بالذكر أن كوشنر يمثل تيارًا قد يفوز في الانتخابات الأميركية ويعيد تشكيل سياسة الشرق الأوسط.
النقطة الثانية والأكثر أهمية هي أن جاريد كوشنر يمثل تيارًا سياسيًا قد يفوز في الانتخابات الأميركية، التي ستُجرى بعد 40 يومًا، ما قد يتيح له الفرصة للتأثير مرة أخرى في صنع القرار داخل البيت الأبيض؛ حيث كان من المستشارين الرئيسين لدونالد ترامب، خلال فترة ولايته السابقة، ويُتوقع أن يلعب دورًا مؤثرًا في حال فوز الجمهوريين وعودة ترامب إلى البيت الأبيض، خصوصًا في ما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط، لا سيما إسرائيل وإيران.
وفي هذا السياق، نجد أن التطورات الأخيرة كشفت عن أخطاء جوهرية في حسابات المرشد الإيراني، علي خامنئي، بخصوص إسرائيل؛ حيث تعرض حزب الله، أكبر وأهم قوة نيابية تتبع إيران، لضربات قوية من تل أبيب جعلته في حالة ضعف شديد.
ولم تؤدِ هذه الضربات فقط إلى تدمير جزء كبير من الأسلحة ومستودعات الصواريخ التابعة لحزب الله، بل أدت أيضًا إلى تفكيك شبكة القيادة العسكرية بعد مقتل عدد كبير من قادة الجناح العسكري، بمن فيهم مقتل حسن نصر الله، الأمين العام للحزب وزعيمه.
وهذه الخسائر الفادحة، التي لحقت بحزب الله جاءت بعد ضربات مماثلة لحركة حماس ومقتل إسماعيل هنية، زعيم الحركة، في طهران.
وأظهرت هذه التطورات مرة أخرى الأخطاء الاستراتيجية في حسابات علي خامنئي؛ فبعد هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أعلن خامنئي أن إسرائيل تلقت هزيمة لا تُعوض، لكن الوضع الكارثي الذي يواجهه كل من حماس وحزب الله، واحتمالية تكرار السيناريو ذاته مع الحوثيين، يثبت مدى خطأ تلك الحسابات الاستراتيجية.
ولم يكن يتوقع خامنئي أن تكون إسرائيل قادرة على توجيه ضربات بهذا الحجم لحماس وحزب الله. حتى بعد الضربات القاسية التي تلقتها حماس، كان المحللون يرون أن حزب الله يمثل تهديدًا أكبر وأكثر صعوبة على إسرائيل. التي نجحت في توجيه ضربات قوية لحزب الله في وقت أقصر وبتكلفة أثقل مما واجهته حماس، وهي ضربات لم يسبق لها مثيل في تاريخ حزب الله، الذي يمتد لأكثر من 42 عامًا.
الآن، إيران لم تحقق أي مكاسب من هجوم حماس على إسرائيل، بل ورثت تنظيمين أُنهِكا بشدة، وهما حماس وحزب الله. وهذا يُظهر بوضوح أن حسابات خامنئي وقادة الحرس الثوري الإيراني كانت خاطئة؛ فالنظام الإيراني، يبدو الآن شبه عاجز عن مواجهة إسرائيل والولايات المتحدة.