محمد رضا عارف "اليد الآمنة" للرئيس الإيراني والمدعوم من قبل خامنئي

عين مسعود بزشكيان، بعد تسلمه رسميا منصبه كرئيس لإيران، محمد رضا عارف ليكون نائبا له، وكتب في قرار تعيينه: "ميثاقنا المشترك هو وثيقة الرؤية والسياسات العامة والخطة السابعة التي ينبغي تنفيذها بكل ما أوتينا من قوة وإمكانات، والحصول على مشاركة الجميع وتعاونهم واستخدام كافة القدرات".

ويعتبر اختيار عارف لهذا المنصب، مع ميثاق تنفيذ السياسات العامة للنظام وخامنئي، لافتا من ناحيتين؛ موقفه السياسي، وأسلوب إدارته.

برز عارف كسياسي إصلاحي خلال الفترة الرئاسية الأولى والثانية للرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي. وفي مقابلة مع مجلة "مثلث" الأسبوعية، قال إنه "يقبل الإصلاح وفقا لآراء خاتمي"، وقدم نفسه على أنه "إصلاحي حكومي".

وشدد عارف في هذه المقابلة على أن "الإصلاح يكون ضمن النظام، ومن أجل حماية القيم والمثل العليا والتنفيذ الكامل للدستور".

ويقدم هذا السياسي الإصلاحي نفسه على أنه "مؤمن بالخطوط الحمراء للنظام"، ولإثبات ولائه يقول: "في بعض الأحيان، يجب على السلطة التنفيذية أن تتراجع عن مواقفها وتكون في إطار النظام".

وقال أيضا إنه "في طبيعة الإصلاحيين والشخصيات مثل خاتمي، لم تكن هناك مواجهة مع النظام على الإطلاق".

ويعترف الذين عملوا معه عن قرب بأن عارف هو "مدير تكنوقراطي وأكاديمي أكثر من كونه إصلاحيا"، وهو ليس سياسياً بالمعنى العام، و"يتمتع بشخصية محايدة" في الأمور السياسية.

ويعود قربه من خاتمي أيضًا إلى إخلاصه الشخصي، وقربهما في الفترة التي سبقت ثورة 1979 في الأوساط الدينية بمدينة "يزد"، حيث شارك في الاجتماعات الدينية في منزل والد خاتمي في "يزد".

وخلال فترة توليه مناصب أكاديمية في جامعة "شريف"، خلال ثمانينات القرن الماضي، إلى رئاسة جامعة طهران في السنوات التي سبقت حكومة خاتمي، لم يتم نشر أي موقف سياسي لعارف. بل كان عضوا تابعاً لآراء المجلس الأعلى للثورة الثقافية، لدرجة أنه تم تعيينه هو نفسه في هذا المجلس بقرار من المرشد علي خامنئي.

وحتى في السنوات الأخيرة، وعلى الرغم من أنه عمل رئيسًا لمجلس إدارة مؤسسة "باران"، تحت إشراف خاتمي، وكان أحد المعينين من قبل خامنئي في مجمع تشخيص مصلحة النظام، إلا أنه امتنع عن التعبير عن آرائه السياسية في مختلف القضايا المهمة، وقدم نفسه كـ"تابع" للسياسات العامة لنظام الجمهورية الإسلامية.

آراء عارف التابعة وغير الجدلية

لا يعتبر عارف شخصية بارزة للإعلام والصحافة، وعمليا لم يكن له مواقف سياسية إلا في حالات قليلة.

كما أن تصريحات عارف فيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية، مثل حقوق الإنسان والحريات المدنية، هي أيضًا تصريحات محافظة، واقتصرت على التعبير عن المواقف العامة.

على سبيل المثال، وبالنظر إلى شخصيته وخلفيته الأكاديمية، كان من المتوقع اتخاذه مواقف صريحة بشأن القمع في الجامعات، إلا أنه اكتفى بعبارات غير صريحة حول التعامل مع احتجاجات الطلاب، وقال: "يجب على مسؤولي الجامعة أن يتسامحوا مع الطلاب الغاضبين".

وفيما يتعلق بالإفراج عن السجناء السياسيين، أعرب أخيرا عن قلقه بشأن مستوى المشاركة في الانتخابات، وقال إن "حل العديد من المشكلات يعتمد على انتخابات نشطة ومشاركة الجميع، ونأمل أن توفر السلطات الأساس لهذه المشاركة، وإذا كنا في السلطة فيمكننا توفير الظروف للإفراج عن السجناء".

وفي احتجاجات عام 2009، اتخذ عارف موقفًا ضد غالبية الإصلاحيين، وقال: "لا يمكننا التحدث إلا عن وقوع مخالفات في الانتخابات، وليس تزوير الانتخابات".

هذه الشخصية، التي يعتبرها الإصلاحيون "أن لديها شهادة ميلاد إصلاحية"، قال في شتاء عام 2011، في تجمع طلاب جامعة طهران الذين أرادوا إنهاء الإقامة الجبرية عن مير حسين موسوي ومهدي كروبي: "المرشد الأعلى للثورة لم يُسمّي السيد موسوي وكروبي أبداً كقادة للفتنة، بل إنه نسب الفتنة إلى بعض الدول الأجنبية والأعداء".

وأضاف "أي شخص، بحسب آرائه وتوجهاته السياسية، يريد إصدار حكم على السيد موسوي وكروبي، وهذا ليس التصرف الصحيح".

وذلك على الرغم من اتهام خامنئي لموسوي وكروبي بإثارة "الفتنة"، حتى أنه حملهما مسؤولية إراقة دماء المتظاهرين.

ولا تقتصر نزعة عارف المحافظة على تصريحاته حول القضايا الداخلية فحسب، بل تظهر كذلك من خلال مواقفه القليلة في مجال السياسة الخارجية، حيث تتميز آراؤه بالمحافظة وقربه من السياسات العامة للنظام وخامنئي.

لقد قال عارف عن إسرائيل إنه لا يعترف بها، وقال أيضاً عن العلاقة مع أمريكا: "لا أرى أن إقامة علاقة مع أميركا ستحل الأزمات، علينا أن نحل مشكلاتنا من الداخل".

وفي الوقت نفسه، قال عارف: "أنا شخص أؤمن بالتفاوض والحوار في إطار المصالح الوطنية، وبدلا من التحديات سأبحث عن الحلول الوسط حتى نعيش جميعا في أجواء سلمية وحميمية".

ضعف العمل في الإدارة

كانت هناك دائمًا انتقادات مختلفة لأسلوب إدارة عارف. يعتقد بعض المعارضين أن أداءه في مجال الإدارة لم يكن مناسبًا، وأنه معروف بـ"التقاعس عن العمل". وأثناء فترة توليه رئاسة شركة الاتصالات الإيرانية عام 1983، أقيل من منصبه لهذا السبب.

وبحسب المسؤولين المقربين منه في الحكومتين السابعة والثامنة، فهو "مدير غير مبدع وتابع يحاول فقط حل القضايا الموكلة إليه دون أي صدام مع السلطات العليا".

إن نهجه المحافظ في وزارة البريد والكهرباء والهواتف خلال الفترة الرئاسية الأولى لمحمد خاتمي، وصمته ضد مطالب قوات الأمن قد مهد الطريق للتواجد المكثف للحرس الثوري الإيراني في هذه الوزارة في السنوات التالية.

ويبدو أن هذا النهج المحافظ والمطيع في الإدارة أقنع خاتمي بتعيينه نائبا له في الولاية الثانية لحكومته.

وبالنظر إلى هذه المواقف المسالمة والأسلوب الإداري المحايد والتابع لمحمد رضا عارف، يمكن أن نفهم سبب تعيينه من قبل مسعود بزشكيان نائباً له.

ومن المثير للاهتمام أن مواقف عارف كانت أكثر تحفظًا من مواقف مسعود بزشكيان في بعض الحالات.

وحتى على عكس بزشكيان، لم يتخذ عارف موقفًا بشأن احتجاجات 2019 ومقتل مهسا أميني على يد الشرطة.

ولعل شخصية عارف هذه هي السبب وراء موافقة المرشد على تعيينه في منصب النائب الأول للحكومة بزشكيان.