إيران تزود أرمينيا بطائرات مسيرة وأنظمة دفاع صاروخية في صفقة سرية بـ500 مليون دولار
قال مصدر مطلع لـ"إيران إنترناشيونال إن إيران وأرمينيا وقعتا على صفقة أسلحة كبيرة بقيمة 500 مليون دولار، في خطوة قد تثير غضب أذربيجان، تقوم طهران بمقتضاها بتزويد يريفان بطائرات مسيرة وأنظمة دفاع صاروخية.
وتأتي هذه الصفقة بعد ما يقرب من 4 سنوات من هزيمة القوات الأرمينية في حرب استمرت 6 أسابيع مع أذربيجان، وإجبار الأرمن في نهاية المطاف على إخلاء منطقة ناغورنو كاراباخ في سبتمبر (أيلول) 2023.
وخلال العام الماضي، دعت باكو إلى إنشاء ممر من منطقة "زانغزور" في جنوب أرمينيا إلى منطقة "نخجوان" في أذربيجان. فيما تدور اشتباكات بين أذربيجان وأرمينيا على الحدود المشتركة بين البلدين في هذه المنطقة.
وقد حذرت طهران، مراراً، من أنها لن تتسامح مع أي تغييرات في الحدود الدولية في المنطقة.
وتخشى إيران أن يؤدي إنشاء ممر "زانغزور" إلى تدمير الاتصال البري بينها وبين أرمينيا.
وقال مصدر مطلع لـ"إيران إنترناشيونال" إن اتفاق الأسلحة بين طهران ويريفان، الذي وقعه الجانبان خلال الأشهر القليلة الماضية، يتكون من عدة عقود.
وهذا المصدر هو مسؤول عسكري كبير في الشرق الأوسط، وترفض "إيران إنترناشيونال" ذكر اسمه حفاظا على أمنه.
وحصلت "إيران إنترناشيونال" على قائمة حصرية بالعناصر العسكرية التي من المقرر أن ترسلها إيران إلى أرمينيا.
ويشمل ذلك طائرات مسيرة مثل "شاهد 136"، و"شاهد 129"، و"شاهد 197"، وطائرات "مهاجر" المسيرة، وأنظمة صواريخ الدفاع الجوي مثل: "3 خرداد"، و"مجيد"، و"15 خرداد"، و"آرمان".
ولم يتم الإعلان عن هذه الصفقة من قبل. ولم تستجب وزارتا الخارجية والدفاع في إيران وأرمينيا لطلبات "إيران إنترناشيونال" المنفصلة للتعليق.
وفي هذا الصدد، قال فرزين نديمي، محلل شؤون الدفاع والأمن في معهد واشنطن، إن معاهدة بهذا الحجم مهمة للغاية بالنسبة لأرمينيا.
وأضاف نديمي أن إيران باعت طائرات مسيرة وبعض الأسلحة الأخرى لأرمينيا، لكن لم تكن بهذا الحجم على الإطلاق.
وأفادت وزارة المالية الأرمينية أن الإنفاق الدفاعي في عام 2024 زاد بنسبة 81% مقارنة بعام 2020.
وبلغت ميزانية الدفاع لأرمينيا في عام 2024 حوالي 1.4 مليار دولار، وبالتالي فإن المبلغ المزعوم تخصيصه لإيران من خلال هذه الصفقة، يبلغ حوالي ثلث تلك الميزانية.
ولم يتضح بعد كيف ستتمكن أرمينيا من دفع مبلغ 500 مليون دولار لإيران، لكن بعض المحللين يعتقدون أن يريفان ربما استخدمت خيار دفع هذا المبلغ على أقساط لطهران.
وتتجاوز صفقة الأسلحة بين إيران وأرمينيا مجرد توريد طائرات مسيرة انتحارية وصواريخ دفاع جوي. بل تتضمن التعاون الاستخباراتي، والعلاقات العسكرية الوثيقة والتدريب، وإنشاء قواعد على الأراضي الأرمينية، حسبما كشف المصدر لـ"إيران إنترناشيونال".
وقال نديمي: "لا أعتقد أن المنطقة ستكون سعيدة. لا أعتقد أن الولايات المتحدة ستكون سعيدة".
وفي الأشهر الأخيرة، زارت وفود رفيعة المستوى وفرق فنية إيرانية أرمينيا لتعزيز التعاون الأمني بين البلدين، بما في ذلك تعزيز صفقات الأسلحة.
وأثارت هذه العلاقات أيضًا جدلاً. وقد خاطب مهدي سبحاني، سفير إيران في يريفان، واشنطن في 28 يونيو (حزيران) في مقابلة مع راديو أرمينيا: "رسالتي هي أنه لا ينبغي لهم [الأميركيين] أن يتدخلوا دون داع في العلاقات بين إيران وأرمينيا".
الحاجة إلى الحماية من أذربيجان
يعتقد أليكس فاتانكا، مدير برنامج إيران في معهد الشرق الأوسط، أن أرمينيا لجأت إلى دول أخرى، بما في ذلك فرنسا والهند والولايات المتحدة وإيران، لضمان أمنها.
وأضاف: "أرمينيا ليست في وضع عسكري جيد. ولم تكن الأمور جيدة بالنسبة لهم في السنوات القليلة الماضية. لقد خسروا معركتين مهمتين ضد عدوهم التاريخي، أذربيجان. لقد فقدوا ثقتهم في راعيتهم التاريخية روسيا".
وبحسب قول فاتانكا، فإن صفقة الأسلحة الأخيرة بين إيران وأرمينيا تسمح لطهران بلعب دور في منطقة القوقاز.
وفي عام 2020، بعد عقود من المناوشات المتقطعة، أطلقت أذربيجان عملية عسكرية استمرت 44 يومًا أصبحت تُعرف باسم "حرب كاراباخ الثانية". وقُتل عدة آلاف من الأشخاص من الجانبين.
وأرجع محللون عسكريون انتصار أذربيجان في هذه المعركة إلى استخدام البلاد لطائرات مسيرة مرسلة من إسرائيل وتركيا.
ووفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، في الفترة من 2016 إلى 2020، زودت إسرائيل أذربيجان بـ69% من الأسلحة الرئيسية.
وبين عامي 2011 و2020، تلقت أذربيجان 3% من أسلحتها الرئيسية، بما في ذلك الصواريخ والطائرات المسيرة، من تركيا.
وشدد أليكس فاتانكا على أن "أرمينيا لا تريد أن تتخلف عن الركب في سباق [التسلح] هذا. إذا كانت إيران قادرة على توفير طائرات مسيرة لهذا البلد، فلماذا لا؟"
إن نطاق صفقة الأسلحة بين إيران وأرمينيا سيتجاوز هذين البلدين وسيؤثر أيضًا على العلاقات بين طهران وباكو. وذلك على الرغم من أن مسعود بزشكيان، الذي ينتمي إلى العرق الأذري، تولى مؤخراً الرئاسة الإيرانية.
وقال فرزين نديمي في هذا الصدد: "ستكون أذربيجان غاضبة جدًا جدًا من هذا الاتفاق [بين إيران وأرمينيا]. وفي الوقت نفسه، تريد إيران إظهار استيائها من أذربيجان لأن باكو هي العميل الرئيس للأسلحة الإسرائيلية. وتتمتع أذربيجان وإسرائيل بعلاقات استراتيجية".
وأضاف: "أعتقد أنه من خلال اتفاقيات كهذه تظهر إيران لأذربيجان أن علاقات هذا البلد مع إسرائيل ستدفع طهران أكثر فأكثر نحو أرمينيا".
وقد رفض محللون أمنيون أرمينيون، الذين هم على اتصال مباشر مع الحكومة، طلب قناة "إيران إنترناشيونال" لإجراء مقابلة، قائلين إنهم لا يعتقدون بوجود صفقة بهذا الحجم.
وبحسب قولهم فإن أرمينيا تقترب من الغرب، ولن تعرض علاقاتها مع الولايات المتحدة للخطر بسبب إيران وانتهاك العقوبات المفروضة على طهران، لأن برودة العلاقات مع الغرب والولايات المتحدة ستكون لها عواقب وخيمة على يريفان.
وقال محلل أرمني أيضًا إن إيران هي التي تصر على توقيع عقد أسلحة مع يريفان، لكن أرمينيا رفضت قبوله.
وبعد الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا، وتحول اهتمام موسكو إلى هذا الصراع، وضعت أرمينيا توسيع العلاقات مع الغرب على جدول أعمالها. وزادت يريفان تعاونها العسكري مع فرنسا وأميركا. وفي يوليو (تموز)، شاركت أرمينيا في مناورة عسكرية مشتركة مع الولايات المتحدة استمرت لمدة 9 أيام.
المعادلة الروسية والحرب في أوكرانيا
يرى الخبير في الكلية العسكرية الملكية الكندية، فريديريك لابار، أن هناك أسبابًا عديدة لتوقيع عقد أسلحة بين إيران وأرمينيا.
وأضاف: هذا الاتفاق "ضرورة" لأرمينيا التي تخطط للدفاع عن نفسها ضد أذربيجان.
وبحسب قول هذا الخبير، يمكن أن يكون هذا العقد أيضًا وسيلة لروسيا لتلقي أسلحة إيرانية الصنع بشكل غير مباشر عبر أرمينيا.
وأضاف لابار: "قد تتمكن يريفان من خلال هذه الصفقة أن تجعل نفسها قريبة من موسكو، وسيكون من الصعب على القوى الغربية أو القوى الأخرى الضغط على أرمينيا".