مسؤول باكستاني لـ "إيران إنترناشيونال": إيران دولة متغطرسة.. ونحن لسنا العراق أو سوريا

استنكر مشاهد حسين سيد، رئيس لجنة شؤون الدفاع في مجلس الشيوخ الباكستاني، في مقابلة حصرية مع "إيران إنترناشيونال"، قيام إيران بارتكاب عدوان عسكري صارخ ضد بلاده، باكستان، وهي دولة جارة كان لديها دائمًا شعور قوي بالتضامن مع إيران.

وأكد حسين سيد أن سفارة باكستان في واشنطن راعية للمصالح الإيرانية في الولايات المتحدة؛ لكن التوترات التي حدثت أثارت العديد من التساؤلات حول العلاقات بين البلدين.

كان مراسل "إيران إنترناشيونال"، جواد همداني، في العاصمة إسلام آباد قد أجرى حوارًا خاصًا مع مشاهد حسين سيد، رئيس لجنة شؤون الدفاع في مجلس الشيوخ الباكستاني، وإلى نص الحوار:

كيف تلقيت نبأ الهجوم الإيراني على باكستان؟
- لقد صُدمت فعلًا؛ فكيف يمكن لإيران أن ترتكب مثل هذا العدوان العسكري الصارخ ضد بلد شقيق وجار، فباكستان كان لديها دائمًا شعور قوي بالتضامن مع إيران، على الرغم من علاقاتها مع دول قد لا تكون لها علاقات ودية مع طهران، فنحن نحاول دائمًا رعاية المصالح الإيرانية.

إذا أردنا أن ننظر إلى الموضوع من زاوية أكاديمية، هل هناك أي سبب لهجوم عسكري من قِبل إيران على الأراضي الباكستانية؟
- مُطْلَقًا، هذا العمل يعد تعديًا على الأراضي الباكستانية، ومحاولة للتنمر وترهيب الدولة المجاورة، وهو مشابه لما تفعله أميركا مع بعض الدول، أو قد تفعله إسرائيل مع لبنان.

وتذكروا أيضًا أن لدينا الاتفاقية الأمنية لعام 2013 بين إيران وباكستان، وما قامت به إيران ينتهك أيضًا هذا الاتفاق، وهو مخالف أيضًا لميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية، ولذلك، فإن هذا الإجراء لا يتوافق مع أي منطق. لأنه نتيجة لذلك، أصبحت إيران أكثر عزلة ولحق بها المزيد من الضرر، وقد اتخذت الدول التي تعرضت للهجوم من قِبل إيران موقفًا أخلاقيا أعلى؛ ولذلك عندما هاجمونا قمنا بالرد على هجومهم. تمامًا كما فعلنا مع الهند في عام 2019؛ لأن هذا هو خطنا الأحمر، ونحن لسنا العراق أو سوريا، ولن نتراجع عن هذا الخط الأحمر.

إذًا ما الغرض من العمل العسكري الإيراني ضد باكستان؟
- في الآونة الأخيرة، شهدنا ظهور ثغرات أمنية في إيران، وكان آخرها الانفجارات التي وقعت في مراسم ذكرى مقتل قاسم سليماني في كرمان، كما أن الانتخابات قادمة في إيران، وبناءً على ذلك، أرى أن الهجوم الإيراني على باكستان تم تنفيذه من قِبل الحكومة الخفية في إيران.

وكما تعلمون فإن هناك العديد من مراكز القوة في إيران؛ فهناك عدد من المنظمات، وتوجد داخل هذه المنظمات حكومة سرية وهي الحرس الثوري، وكان فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، تحت قيادة قاسم سليماني، قوة حاسمة في السياسة الخارجية.

وفي قضايا مثل أفغانستان والعراق وسوريا ولبنان واليمن، لم يتم تنفيذ جزء كبير من السياسة الخارجية من قبل وزارة الخارجية في الحكومة، وربما ليس حتى من قِبل الرئيس، ولكن من قِبل فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، ولذلك، فهي أداة مهمة في السياسة الخارجية الإيرانية، وفي بعض الأحيان، يمكن لهذه القوة أن تتصرف بشكل متسلط وعدواني للغاية، ولا أعتقد أن وزارة الخارجية كانت على علم بالهجوم على باكستان؛ لأنه قبل ساعتين فقط من الهجوم، عقد وزير الخارجية الإيراني اجتماعًا وديًا وإيجابيًا للغاية مع رئيس وزرائنا في قمة دافوس، ثم فجأة يحدث هذا الهجوم.

لذلك أعتقد أن هذا الهجوم كان من عمل الحكومة الخفية وقد نفذه الحرس الثوري الإيراني، القوة التي تمثل دولة داخل دولة. وكما تعلمون، كان قاسم سليماني ثاني أقوى رجل في البلاد.

في رأيك ما تأثير التحرك الإيراني على العلاقات الثنائية؟
- أعتقد أن هناك رسالة أكبر . أعتقد أن إيران تعرضت لضغوط بعد عملية طوفان الأقصى التي قامت بها حماس في 7 أكتوبر، وما يحدث في غزة هو جريمة ضد الإنسانية ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، والعناصر المشاركة في هذا الصراع، مثل حماس وحزب الله والحوثيين، قريبون من إيران.

بهذه الهجمات، أرادت إيران أن تبعث رسالة أكبر إلى إسرائيل وأميركا والغرب: إذا كنتم ستهاجموننا أو تسقطون علينا قنبلة، فاعلموا أننا مصممون على الهجوم العسكري مسبقًا؛ لأنه لا أحد يريد تصعيد الحرب في غزة. وهذا هو مصدر القلق الأكبر للغرب؛ لأن أيدي إسرائيل مقيدة بالفعل؛ لذلك، من خلال مهاجمة باكستان والعراق وسوريا، أرادت إيران أن تبعث رسالة إلى الغرب مفادها أنه يجب أن تروا أننا نمتلك القدرة والإرادة والنية.

ومع ذلك، أعتقد أنهم أخطأوا في التقدير ، ولم يتوقعوا مثل هذا الرد من باكستان والعراق؛ فقد استدعى العراق سفيره من إيران، واحتج بشدة، حتى أنهم قالوا إننا سنرفع هذه القضية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وبطبيعة الحال، لم تكن لديهم القدرة على الرد بهجوم عسكري، بعكس باكستان، وقبل يومين، وبعد الهجوم على العراق، دعا مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، رئيس الوزراء العراقي، السوداني، إلى البيت الأبيض للقاء بايدن.

أنظر.. بسبب هذا الهجوم، وهذا الغباء المخالف للمنطق، أعادت إيران العراق إلى حضن أميركا، الأمر الذي سيعزز الوجود الأميركي في المنطقة، وأيضًا فقدت إيران دعم باكستان والمنطقة، لقد أوضحنا من خلال ردنا أن القوة العسكرية الإيرانية لها نقاط ضعفها أيضًا. وفي الواقع، أدى تصرف إيران إلى زيادة الشكوك؛ لأن إيران لديها علاقات سيئة مع أذربيجان، وعلاقاتها مع تركيا أيضًا ليست متينة، والآن مع العراق وباكستان!

وإنه لأمر مستغرب، أن يدعي البلدان الصداقة والأخوة، لكن في الوقت نفسه يهاجم كل منهما أرض الآخر.

أعتقد أن هذا تدهور في العلاقات، تدهور خطير يحدث بعد سنوات عديدة، ولكنني لا أعتقد أن الضرر الذي لحق بالعلاقات الإيرانية- الباكستانية لا يمكن إصلاحه؛ لأن هناك علاقة طويلة الأمد بين إيران وباكستان تقوم على الجغرافيا والتاريخ والتراث والثقافة والدين واللغة الفارسية وإقبال لاهوري، وبالطبع نحن في باكستان نفهم ذلك أيضًا، وعندما ننظر إلى الجغرافيا السياسية للمنطقة، فإننا نفهم أن إيران ليست الهند، الهند هي عدونا، لكن إيران ليست هكذا بالنسبة لنا.

وجاء في البيانات التي نشرناها بعد الهجوم الانتقامي، سواء بيان الجيش أو بيان وزارة الخارجية، أن إيران هي الدولة الجارة والشقيقة لنا، وأن شعب باكستان يكن احترامًا واهتمامًا كبيرين لشعب إيران.

والآن بعد أن وصلت العلاقات بين باكستان وإيران إلى هذا الحد، ما الذي يجب فعله؟
- في يوم الهجوم قالوا لي إنه في المساء سنشهد نوعًا من الاعتذار من قِبل إيران؛ أي أنهم سيعلنون عن أسفهم، لتجاوز الخط الأحمر. ولكن بعد ذلك رأيت بيان وزير الدفاع الإيراني، كان هذا البيان عدوانيًا جدًا، ويدل على العجرفة، قالوا إن هذا من أجل أمننا، إذا كان الأمر يتعلق بأمن إيران، فهو يتعلق أيضًا بسيادة باكستان.

واسمحوا لي أن أكون صريحًا؛ هذا هو الخط الأحمر. وكنا نعلم أيضًا أن هناك إرهابيين مناهضين لباكستان داخل إيران، كنا على علم بهذه الأهداف واستهدفناها دون قتل مواطن إيراني واحد، ودون الهجوم على المنشآت الإيرانية، سواء كانت عسكرية أو مدنية، كان هجومنا محسوبًا ودقيقًا تمامًا، وحتى الجانب الإيراني قال إن مواطنين باكستانيين قتلوا.

يطرح البعض نظرية المؤامرة ويقولون إن الطرفين قاما بعمل عسكري ضد بعضهما البعض وبالتنسيق مع بعضها البعض. ما رأيك؟
- لا لا. هذا الحدث أكبر من ذلك بكثير؛ ستكون نظرية المؤامرة صحيحة إذا ظلت المشكلة محدودة، لكننا نواجه أزمة وطنية وإقليمية، كما أن أسلوب إيران العدواني والمتغطرس يتجاوز نظرية المؤامرة.

في رأيي، يجب أن يكون أول شيء هو إعادة التواصل والثقة بين طهران وإسلام آباد، هذه الثقة محطمة، وانقطع الاتصال؛ لأنه حاليًا لا يوجد سفراء من الطرفين. يمكننا إقامة اتصالات غير مباشرة أولًا، سواء من خلال الجانبين أو من خلال الدول الصديقة، والأمر الثاني هو ترتيب لقاء بين المسؤولين الأمنيين في البلدين لبحث القضايا المتعلقة بأمن الحدود.

هل حاولت باكستان أن تبعث برسالة أوسع؟
- نعم. إذا كانت إيران تريد إرسال رسالة أكبر، فقد كان لدينا رسالة أكبر وأرسلناها، خاصة مقابل دول مثل الهند: إذا كنتم تريدون التنمر علينا أو إعاقتنا، إذا كنتم تريدون فرض هيمنتكم الإقليمية علينا، فاحذروا، فلا تظنوا أنه يمكنكم الإفلات من ذلك بسهولة.

في بعض الأحيان تتحدث الهند باللهجة نفسها، التي كانت تتحدث بها إيران. وإذا كنتم تتذكرون، في فبراير 2019، وقع حادث في كشمير في منطقة بولواما التي تحتلها الهند.

ثم عبرت الطائرات الهندية الحدود، ودخلت باكستان في منطقة بالاكوت، ولم تكن هناك ثكنات عسكرية أيضًا. لقد هاجموا الأشجار والطيور فقط، لكنهم تجاوزوا الخط الأحمر.

وفي غضون أربع وعشرين ساعة، ردت باكستان بإسقاط طائرتين هنديتين وأسر أحد الطيارين. أتذكر أن إحدى وكالات الأنباء الغربية أخبرتني بأنه بهذا الإجراء الذي تقومون به الآن ستكون هناك حرب، فقلت لا، لن تكون هناك حرب. الهند تحب التنمر.

إذا وقفت بشجاعة أمام هؤلاء المتنمرين، فسوف يتراجعون، ولكن إذا أظهرت الخوف، فسوف يلحقون الضرر بك. الأمر نفسه ينطبق على ما حدث مع إيران.