استمرار الدعم العالمي للانتفاضة الثورية في إيران وتأكيد الدول على محاسبة نظام طهران
تستمر موجة الدعم العالمي للمتظاهرين في إيران رغم مرور ثلاثة أشهر على الانتفاضة الثورية للشعب. وشددت سلطات مختلف دول العالم على ضرورة محاسبة النظام الإيراني فيما يتعلق بالإجراءات القمعية والانتهاك واسع النطاق لحقوق الإنسان.
وأعرب وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن، في مؤتمر صحفي، عن قلقه الشديد إزاء تصرفات السلطات الإيرانية بإطلاق النار على المتظاهرين، وخاصة النساء والأطفال، وفي معرض حديثه عن حالات انتهاكات حقوق الإنسان في قمع الاحتجاجات الإيرانية، أكد أن هذه الإجراءات الإيرانية لن تمر دون عقاب.
وقال وزير الخارجية الأميركية: "نحن وبقية العالم شهدنا اعتقالات جماعية ومحاكمات شكلية، وإعدامات واللجوء إلى العنف الجنسي كوسيلة لقمع الاحتجاجات في إيران. هذا النوع من انتهاك حقوق الإنسان لم ولن يظل بلا عقاب".
وتأكيدا على تصميم واشنطن على منع إيران من حيازة أسلحة نووية، لا يزال بلينكن يعتبر الدبلوماسية أفضل طريقة للتعامل مع هذه القضية، لكنه أشار إلى أنه على الرغم من جهود الولايات المتحدة وحلفائها، لم تظهر إيران أي رغبة في العودة إلى تعهداتها في الاتفاق النووي.
كما أشاد رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي، ديفيد بارنيا، خلال خطاب له، بشجاعة المحتجين الإيرانيين في الأشهر الثلاثة الماضية، وقال: إن النظام الإيراني اختار التعامل مع هذه الاحتجاجات بوحشية لا حدود لها وإطلاق النار على النساء والفتيات وحتى الأطفال.
وأضاف رئيس الموساد: "آلاف الأشخاص يقتلون في الشوارع في حالة من العجز وعدم وجود الدعم. المتظاهرون لم يعودوا خائفين، فقد وضعوا الخوف جانبا".
من ناحية أخرى، في إطار استمرار حملة قبول تبني قضايا السجناء سياسيا في إيران، فإن عشرة أعضاء في البرلمان النيوزيلندي، بينهم "كلريز قهرمان" ذات الأصل الإيراني، تبنوا سياسيا قضية 12 سجينًا محتجًا في إيران.
وأسماء هؤلاء المعتقلين السياسيين: محمد قبادلو، وحمید قره حسنلو، وفرزانه قره حسنلو، وتوماج صالحي، وسامان سیدي، ومحمد مهدی کرمي، وبرهام بروری، وفهیمه کریمي، ورها آجوداني، وأمير محمد جعفري، ونيلوفر حامدي، وآيدا راستي.
وفي نفس الوقت الذي يستمر فيه الدعم الدولي للسجناء السياسيين الإيرانيين، يتزايد الضغط الدولي على مختلف مؤسسات النظام الإيراني في أعقاب العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على مؤسسة الإذاعة والتليفزيون الإيرانية، حيث أكدت شركة الأقمار الصناعية يوتلسات في بيان أنها أوقفت جميع خدمات البث لشبكات مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية.
في غضون ذلك، كتبت الناشطة الإيرانية المعارضة، مسيح علي نجاد في تغريدة على تويتر أن مكتب الرئيس الفرنسي أبلغها في اتصال هاتفي أن ماكرون لم يعقد لقاء رسميا مع وزير الخارجية الإيراني ولم يصافحه خلال الاجتماع الدولي الأخير حول العراق في الأردن.
وأضافت مسيح علي نجاد: أكد مكتب الرئاسة الفرنسية أن "ماكرون مؤيد للثورة الإيرانية الجديدة"، وأشار إلى أن أمير عبد اللهيان حاول التقرب من ماكرون في الاجتماع الأردني، لكن الرئيس الفرنسي لم يصافحه قط.
من ناحية أخرى، أدان رئيس وزراء أيرلندا، ليو فارادكار، يوم الأربعاء 22 ديسمبر في البرلمان، قمع احتجاجات الشعب الإيراني، وقال إن الإيرانيين يطالبون بحقوق أساسية ومتساوية، وكذلك حقوق الأقليات العرقية. كما طالب فارادكار بوقف إعدام المتظاهرين.
وقد نشرت العضو في البرلمان الأيرلندي، بريد سميث، في حسابها على إنستغرام صورة تحث علی وقف إعدام المتظاهرين في إيران، وکتبت: إن محمد أمين أخلاقي، وجواد زركران، وأمير علي غلامي، ثلاثة مواطنين إيرانيين يواجهون الإعدام الوشيك بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات، وطالبت السلطات الإيرانية بوقف إعدام المتظاهرين.
كما أشار وزير الخارجية الإيطالية الجديد أنطونيو تاجاني، إلى أنباء عن وفاة فتاة تبلغ من العمر 14 عامًا في إيران بعد اعتقالها واغتصابها من قبل القامعين وقال: "الوضع في إيران غير مقبول. وبمجرد وصول السفير الإيراني الجديد، سنقوم باستدعائه".
كما قال السيناتور الجمهوري الأميركي جيمس لانكفورد في تغريدة على تويتر إن على الحكومة الأميركية إدانة تصرفات النظام الإيراني في قمع الاحتجاجات، والوقوف إلى جانب الشعب الإيراني الذي يقاتل من أجل حريته.
وبمرور ثلاثة أشهر على الانتفاضة الثورية للشعب الإيراني، تم نشر جوانب جديدة من القمع الدموي للاحتجاجات، فقد وصفت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير عن جمعة زاهدان الدامية بأنها "أكثر قمع دمويةً في العام" وكتبت: "لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن إيران يجب أن تولي الجرائم التي ترتكبها قوات الأمن في مناطق مثل زاهدان اهتماما خاصا".
ومع ذلك، تواصل السلطات الإيرانية التأكيد على استمرار السياسات القمعية ضد الانتفاضة الثورية للشعب.
وقد طالب محسن أراكي، عضو جمعية معلمي الحوزة ومجلس تشخیص مصلحة النظام، القضاء بألا یتساهل بأي شكل من الأشكال في موضوع تنفيذ أحكام المتظاهرين المحكوم عليهم بـ "الحرابة" و"الإفساد في الأرض".
وكتبت صحيفة "جوان" التابعة للحرس الثوري الإيراني في مقال أن مبلغ عقد لاعبي كرة القدم المحتجين على عقوبة الإعدام يجب تخفيضه إلى النصف أو تغريم لاعبي فريق برسيبوليس والاستقلال.
وفي إشارة إلى الاحتجاجات، قال محمد مقيمي، رئيس جامعة طهران: "في هذه الأيام، يتعرض النظام الإسلامي للهجوم بظلم كامل بحجة حرية المرأة".
وأضاف: "البعض لا يريد أن يفهم ويعترف بهذه الحقيقة، أن النظام الإيراني والثورة غيرا (حسنا) الوضع الاقتصادي والاجتماعي للشعب".