عبث التفاوض مع أميركا.. ونفي خامنئي التدخل في دول الجوار.. ومطالبات روسية بإخلاء سوريا

الاتفاق النووي وتداعياته كان ولا يزال هو الموضوع الأشد سخونة في صحف إيران اليومية في ظل استمرار حالة "الغموض" و"الضبابية" التي يتسم بها، بالرغم من انحسار هذا الغموض وتراجع حدته في بعض الأيام، لكنه سرعان ما يعاود مكانه بعد أن تسود السلبية والتشاؤم أجواء المفاوضات.

وبالرغم من ذلك، تحاول الصحف الإصلاحية تشجيع الدبلوماسية الإيرانية على العودة إلى الاتفاق النووي والتغاضي عن المطالب والشروط المعرقلة لمسار عودة الاتفاق.
فهذه صحيفة "جهان صنعت" الإصلاحية، انتقدت الدعوات إلى تأجيل المفاوضات واستخدام ورقة الغاز للضغط على الدول الأوروبية. وأكدت أنها لا جدوى من هذه الدعوات لأنها لن تعود بفائدة على الاقتصاد الإيراني، موضحة أنه من الضروري الإسراع بإحياء الاتفاق النووي والخروج من "فخ العقوبات الاقتصادية".

أما صحيفة "كيهان" المتشددة فقد دعا رئيس تحريرها، حسين شريعتمداري، المقرب من المرشد علي خامنئي، المسؤولين الإيرانيين إلى ترك طاولة المفاوضات. وأكد في مقابل دعوة صحيفة "جهان صنعت" أنه لا جدوى من هذه المفاوضات، لأنها لن تؤدي إلى رفع العقوبات مقترحا حلولا أخرى للتعامل مع ملف إيران النووي والعقوبات الأميركية.
وفي سياق متصل، أجرت صحيفة "اعتماد" مقابلة مع البرلماني الأصولي، علي خضريان، الذي قال للصحيفة إنه اطلع على مسودة الاتفاق النووي وتبين له أن حكومة رئيسي قد تخلت عن الخطوط الحمراء في ملف الاتفاق النووي.

وفي موضوع آخر، حاولت بعض الصحف تغطية كلام المرشد علي خامنئي، يوم أمس السبت، حول مكانة إيران في العالم الإسلامي في اجتماع "المجمع العالمي لأهل البيت".

لكن المفارقة بين تغطية صحف إيران اليوم لكلام خامنئي تكمن في جزئية دقيقة لم يغفل عنها رؤساء تحرير الصحف المنتقدة بشكل مباشر وغير مباشر لنهج إيران وسياساتها الخارجية. فالصحف الأصولية على سبيل المثال ركزت في نقلها لكلام المرشد على الأجزاء التي يتحدث عنها خامنئي عن "مقاومة" إيران لـ"الاستكبار العالمي" وكيف أنها تحولت إلى نموذج يُحتذى به في هذا المجال. وتغافلت عن الجزء الهام والحساس هذه الأيام، ألا وهو تدخلات إيران في شؤون الدول الأخرى.

لكن الصحف الإصلاحية والمنتقدة لسياسات إيران الخارجية فيبدو أنها اختارت العنوان حول الموضوع بعناية ووعي لاستدعاء المعنى المتضاد والمتناقض، لذا فقد اختارت صحف مثل "ستاره صبح" و"آرمان امروز" عنوانا من كلام خامنئي وكتبت "إيران لا تتدخل في شؤون الدول الأخرى"، ربما لإبراز الحجم الكبير من التناقض بين الواقع الفعلي على الأرض وبين تصريحات ومواقف مسؤولي النظام الإيراني.

يمكننا الآن أن نقرأ تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم..

"كيهان": مفاوضات رفع العقوبات مع الولايات المتحدة تشبه القبض على الماء

هاجم رئيس تحرير صحيفة "كيهان"، حسين شريعتمداري، المقرب من خامنئي، المفاوضات النووية بين إيران والقوى الكبرى، معتبرا أن هذه المفاوضات عبثية ولن تقود إلى رفع العقوبات عن طهران كما يتأمل الإيرانيون. وقال في هذا السياق: "مفاوضات رفع العقوبات مع الولايات المتحدة هي كالقبض على الماء".

وأوضح شريعتمداري بالقول: "يمكننا القول بجرأة إن هذه المفاوضات لن تؤدي إلى أي نتيجة، وترون أنها لم تثمر حتى الآن"، مضيفا أن السبيل الوحيد أمام إيران هو الخروج من معاهدة حظر الانتشار النووي.

"جهان صنعت": الدعوة لتأجيل المفاوضات تكشف عن جهل المتشددين في إيران بطبيعة الدول الأوروبية

نشرت صحيفة "جهان صنعت" مقالا للكاتب والصحافي، حميد رضا جلايي بور، انتقد فيه دعوة "كيهان" السابقة حول ضرورة أن تؤجل إيران المفاوضات لمدة شهرين قادمين للضغط على أوروبا بعد دخول موسم الشتاء. وأكد في المقابل على ضرورة عدم الانخداع بهذه الحجة التي تروجها "كيهان" والصحف ووسائل الإعلام التي تسير في فلكها. وأوضح أن هذه الدعوة تؤكد أن التيار المتطرف في إيران لا يعرف طبيعة الأوروبيين ونوعية تعاملهم مع الأزمة الروسية الأوكرانية.
وأضاف الكاتب أن هجوم بوتين على أوكرانيا هو هجوم على منظومة الأمن الأوروبي برمتها وهذا يجعل الدول الأوروبية تستعد وتقاوم الضغوط الروسية وتبحث عن بدائل للغاز الروسي، مشيرا إلى أن ألمانيا حتى الآن قد جهزت 85 في المائة من حاجتها للطاقة لهذا الشتاء مما يعني أنها لن تواجه أزمة في هذا الملف.
ورأى الكاتب أن على إيران في ضوء هذه الحقائق الإسراع بقبول الاتفاق النووي والتخلص من فخ العقوبات، لافتا إلى أن طهران تخسر شهريا ملياري دولار بسبب العقوبات المفروضة عليها.

"توسعه إيراني": تغيير الاستراتيجية الروسية في سوريا ومطالبة إيران بإخلاء بعض المقار العسكرية

في موضوع آخر، أشارت صحيفة "توسعه إيراني" إلى ما تداولته بعض وسائل الإعلام حول مطالبة روسيا لإيران لإخلاء بعض المقار العسكرية في سوريا. وتساءلت الصحيفة عما إذا كان هذا الأمر تغييرا في السياسات الخارجية أو تعارضا بين المصالح الروسية والإيرانية في سوريا.
ورأت الصحيفة أن سياسات الروس في سوريا شهدت تغييرات في الفترة الأخيرة، والسبب في ذلك يعود كما ترى الصحيفة إلى تحول الحرب الأوكرانية إلى حرب استنزافية، فروسيا تريد ومن خلال دفع إيران بالخروج من سوريا أن تجعل إسرائيل تتوقف عن الهجمات على سوريا، هذا من جهة، ومن جهة أخرى تريد موسكو أن تحد من النفوذ الإيراني في سوريا أكثر مما هو عليه الآن، فالروس بهذه الخطوة يصيبون عصفورين بحجر واحد حسب تعبير الصحيفة.

"شرق": علاقات إيران مع الأحزاب والجماعات السياسية في العراق ليست متوازنة

بعد أيام من مطالبة صحيفة "هم ميهن" الإصلاحية للنظام الإيراني بإعادة النظر في سياساته المعتمدة في العراق وتأكيدها أن التدخل في الشؤون العراقية سيجر الويلات والمشاكل لإيران، دعت صحيفة "شرق"، وهي إصلاحية كذلك، إلى ما سمته "تقييم" سياسات إيران في العراق، وهو إشارة إلى ضرورة أن تتم إعادة النظر في سياسات الجمهورية الإسلامية في العراق إذ يعتبر كثير من الإيرانيين أنها لم تكن تعتمد على استراتيجية سليمة وهو ما نجم عنه خلافات شديدة بين جماعات وأطراف شيعية والنظام في طهران.
ورأى كاتب الصحيفة إحسان هوشمند أن علاقات إيران مع الأحزاب والجماعات السياسية في العراق لم تكن متوازنة، متسائلا عما إذا كانت الأجهزة الاستخباراتية الإيرانية تجري دراسات ميدانية لمعرفة الرأي العام العراقي تجاه إيران وسياساتها.
ودعا الكاتب مسؤولي بلاده إلى ضرورة أن يتم "تقييم" سياسات واستراتيجيات إيران في العراق بشكل مكرر والقيام بإصلاح الأخطاء والعيوب.