الفجوة الطبقية تتسع وثقة الشعب في الحكومة الجديدة تتراجع.. إيران بين "فكي الرحى"

تشير التقارير الواردة من إيران إلى اتساع الفجوة الطبقية وانخفاض الثقة في سياسة الحكومة الجديدة الخارجية؛ حيث وجه خبراء اقتصاديون ومحللون سياسيون إيرانيون انتقاداتهم للحكومة، متهمين إياها بالخروج عن المبادئ الدستورية، والتخلي عن النهج العقلاني في صناعة القرارات.

وكشف مركز الإحصاء الإيراني، وهو جهة حكومية، عن زيادة الفجوة في الدخل بين الطبقات الاجتماعية في المناطق الحضرية، ووفقًا للبيانات، التي نقلتها صحيفة "اعتماد"، فإن التفاوت في الدخل آخذ في الاتساع، منذ بداية السنة الإيرانية الحالية، التي بدأت في أواخر مارس (آذار).

وتعاني إيران أزمة اقتصادية عميقة منذ عام 2018، بعدما انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي (JCPOA) وفرض العقوبات على طهران من جديد، وتراجعت الأجور الشهرية للعاملين العاديين والمعلمين والممرضين إلى 200 دولار شهريًا.

ووفقاً للتقرير، فإن الفجوة في الدخل بين الأغنياء والفقراء قد بدأت في الاتساع منذ عام 2022، وانتقدت صحيفة "جمهوري إسلامي"، سياسات الحكومة في هذا الصدد، قائلة: "لم تَعِدْ الحكومة الشعب بزيادة التفاوت بين الأغنياء والفقراء". وأضافت الصحيفة المحافظة أن هذه الفجوة المتزايدة هي نتاج تراكمي لسياسات الحكومات الإيرانية المتعاقبة.

وفي تطور آخر، ذكر الكاتب والمحلل الإيراني الإصلاحي، عباس عبدي، في حوار لموقع "اعتماد أونلاين" أن الدعم الشعبي لسياسة إيران الخارجية قد تراجع بشكل كبير؛ حيث كانت استطلاعات الرأي خلال العقود الماضية تظهر تأييدًا بنسبة تصل إلى 60 بالمائة للسياسة الخارجية، إلا أن هذه النسبة انخفضت إلى نحو 35 بالمائة في العقد الحالي.

وقد وعدت الحكومة الجديدة بقيادة الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، بتحسين علاقات إيران الدولية والسعي إلى تفاهم مع الغرب، ورغم انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات، فإن الآمال في الإصلاح وانتهاج سياسة خارجية معتدلة قائمة على المصالح الوطنية، ساعدته في هزيمة المتشدد، سعيد جليلي، في انتخابات يوليو (تموز) الماضي.

وأكد عبدي أن الخطاب الرسمي من المسؤولين والدبلوماسيين لن يغيّر السياسة الخارجية، مشددًا على أن المصالح الوطنية هي التي يجب أن تقودها. وأوضح قائلاً: "لا يوجد أصدقاء أو أعداء دائمون، بل مصالح وطنية دائمة".

كما انتقد الكاتب والمحلل السياسي الإصلاحي، السياسة الرسمية الإيرانية لفشلها في توصيل قيمها ومواقفها بشكل فعال، واعتبر ذلك قصورًا كبيرًا.

وأوضح أن التراجع في الدعم الشعبي للسياسة الخارجية يعود إلى عدم تأثيرها المباشر على حياة الناس ومعيشتهم اليومية، رغم التصريحات الدورية التي تؤكد دعم الحوار والسلام، كما أشار إلى أن تصاعد الآراء التي تدعو إلى التسوية غير المشروطة مع الغرب يعود إلى الشعور بعدم فاعلية السياسة الخارجية خلال العقد الماضي.

ويرى عبدي أن تراجع الدعم للسياسة الخارجية الرسمية هو نتيجة مزيج من عدم كفاءة الحكومة وانعدام الثقة لدى الشعب في السلوك السياسي للمسؤولين، الذي أدى إلى فرض العقوبات وإصدار القرارات ضد طهران.

من جانبه، انتقد الخبير الاقتصادي الإيراني، كمال أثاري، في مقابلة مع مريم شكراني، المحررة الاقتصادية بصحيفة "شرق"، الحكومة لانحرافها عن المبادئ الدستورية للحكم، مؤكدًا أن المسؤولين يجب أن يعملوا كممثلين للشعب، مع تجنب الاستبداد واحتكار السلطة والموارد.

وأوضح أن الحكومة يجب أن تركز على توفير الرفاهية والتعليم والإسكان والرعاية الصحية مع تعزيز النمو الفرد الإيراني، لكنه أشار إلى أن الحكومة الحالية انحرفت عن هذه المبادئ، وتخلت عن الحكم العقلاني في الممارسة العملية.

وأضاف أثاري أن الخطة التنموية السابعة لإيران صُممت لخدمة فصيل سياسي واحد ومنحه السلطة والثروة وملكية الموارد، وأردف قائلاً: "مع هذا النهج، يصبح مفهوم التنمية بلا معنى".