خيبة أمل دولية وتحديات محلية.. "موقف صعب" ينتظر الرئيس الإيراني في نيويورك

أعرب وزير الخارجية البولندي، رادوسلاف سيكورسكي، عن خيبة أمله من الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، وذلك في معرض تعليقه على تسليم إيران صواريخ باليستية إلى روسيا.

ومع ذلك، لا يُعد سيكورسكي الوحيد، الذي يشعر بخيبة أمل من أداء الرئيس الإيراني، الذي ألهمت وعود حملته الانتخابية بعض الآمال في تغيير سياسات طهران.

ومنذ تولي بزشكيان مهام منصبه رسميًا، في أغسطس (آب) الماضي، أعدمت إيران أكثر من 90 سجينًا. ومع حلول الذكرى السنوية لوفاة الشابة الإيرانية، مهسا أميني، أثناء احتجازها، وهو الحدث المأساوي الذي أشعل احتجاجات واسعة في عام 2022، صعّدت حكومة بزشكيان من حملتها القمعية؛ حيث تم اعتقال أفراد عائلات الذين قتلوا أو أُصيبوا بالعمى أو الجرحى، خلال الاحتجاجات.

كما تم اعتقال آخرين، بمن فيهم نشطاء طلاب وصحافيون مثل حميد عاصفي، الذي أُطلق سراحه لاحقًا بكفالة.

وفي الوقت نفسه، تتزايد الضغوط الاقتصادية على البلاد؛ حيث تضاعف سعر الخبز في أقل من أسبوع، بينما يعتمد ملايين المواطنين الفقراء، الذين يعانون ضيق العيش، بشكل رئيس على الخبز للبقاء.

وكان الكاتب والمحلل الإيراني الإصلاحي، عباس عبدي، قد صرح بأن القضاء الإيراني أصدر أمرًا بحظر سفر عدد من المخرجين بعد النجاح الدولي للأفلام الإيرانية المستقلة في مهرجان البندقية السينمائي.

ووصف عبدي هذه الممارسات بأنها "مضايقات للمواطنين"، ودعا الحكومة إلى تحمل مسؤوليتها تجاه انتهاك حقوق الإيرانيين.

ولكن تبقى خيبة الأمل بشأن "المصالحة الوطنية"، هي الكبرى في إيران، وهي التي طرحها بزشكيان، وانتهت إلى كونها ليست مصالحة بين الحكومة، وما يقارب 60 بالمائة من السكان، الذين رفضوا التصويت و92 بالمائة غير الراضين عن ظروفهم المعيشية، وفقًا لاستطلاع حكومي. بل تحولت إلى خطة لتقاسم بعض السلطة السياسية مع العناصر المحافظة مثل نائب الرئيس، محمد عارف، في المعسكر الإصلاحي.

وسائل الإعلام الإيرانية تتهم الغرب بشن "حرب نفسية" على إيران
في غضون ذلك، اتهمت وسائل الإعلام الإيرانية الولايات المتحدة وأوروبا بشن "حرب نفسية" ضد إيران، من خلال الادعاء بأن طهران أرسلت مئات الصواريخ الباليستية إلى روسيا؛ لاستخدامها في الحرب ضد أوكرانيا.
وفي مقال نُشر على موقع "فرارو" الإصلاحي، رأى المحلل الإيراني، المختص بالشؤون الخارجية، علي بيكدلي، أن هذا الاتهام يهدف إلى وضع الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، في موقف صعب، عندما يواجه الصحافيين قريبًا في نيويورك، خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وتوقع الإيرانيون، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أن يواجه بزشكيان إحراجًا كبيرًا خلال لقاءاته مع الصحافة والسياسيين في نيويورك، وذلك بسبب عدة عوامل، من بينها افتقاره للخبرة في السياسة الدولية، وتصريحاته غير الملائمة سياسيًا، وفشله في الوفاء بالوعود، التي قطعها خلال الشهرين الماضيين، والتي شملت تحسين الوصول إلى الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ووقف عنف شرطة الأخلاق ضد النساء الإيرانيات.

وقبيل مغادرته طهران في زيارة إلى العراق، التقطت الميكروفونات المفتوحة بزشكيان، وهو يسأل ممثل خامنئي، محسن قمي، بعد إلقائه خطابًا قصيرًا: "هل ارتكبت خطأً فادحًا؟". وعندما رأى ابتسامة رجل الدين، قال بزشكيان: "إنهم يرسلونني في مهمة دبلوماسية لا أعرف عنها شيئاً".

وإذا استمرت إيران في نيتها إرسال بزشكيان إلى نيويورك، فقد يكون على دراية بأن فرصه في تحسين العلاقات مع أوروبا والولايات المتحدة قد تضررت بسبب الأخبار الأخيرة المتعلقة ببيع الأسلحة إلى موسكو.

كما لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان خامنئي سيسمح له بعقد محادثات مع المسؤولين الأميركيين، وفي حال منح خامنئي الإذن، فسيشكل ذلك تحولاً كبيرًا، خاصة وأنه منع سابقًا أربعة رؤساء على الأقل من لقاء الأميركيين. وعلى سبيل المثال، فقد تلقى الرئيس الإيراني الأسبق، حسن روحاني، مكالمة هاتفية من الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، في طريقه إلى مطار جون كينيدي، لكنه تعرض لانتقادات حادة من خامنئي والمتشددين.

وتحتاج إيران بشدة إلى موارد مالية، وقد يبرر ذلك بعض "المرونة البطولية" عبر تبادل بضع كلمات مع مسؤول أميركي، ولكن من المستبعد أن يتجاوز الأمر ذلك في الوقت الراهن.

وفي الوقت نفسه، يبدو أن المتشددين في إيران يستعدون لتغيير محتمل في الاستراتيجية، عبر الترويج لفكرة الحرب النفسية لوضع بزشكيان في موقف حرج في نيويورك.

ولم يكن بزشكيان مرتاحًا أبدًا لمناقشة السياسة، حتى في طهران، وعلى الرغم من أن خطاباته ستكون مكتوبة مسبقًا، فإن التحكم في ردوده أثناء المقابلات سيكون تحديًا، ولن يقبل مقدمو البرامج التلفزيونية بأسئلة سطحية تتجنب القضايا الجادة.

ويبدو أن "المتشددين" على وشك حث الحكومة لإلغاء زيارة نيويورك بشكل كامل. وقد يكون رفض الولايات المتحدة منح تأشيرة لأحد المندوبين البارزين، مثل وزير الخارجية الأسبق، محمد جواد ظريف، ذريعة لهذا التحرك.