الهجمات الكيماوية على مدارس البنات وجه آخر لحرب النظام الإيراني ضد المرأة
تتواصل الهجمات الكيماوية على مدارس البنات في إيران، وتتواصل معها ردود الفعل العالمية والإدانات الدولية لأحداث التسميم في المدارس، بينما قام العديد من المحللين بدراسة التداعيات المترتبة على مثل هذه الهجمات ضد تلميذات المدارس بدنيا ونفسيا.
ونشر موقع "كانورسيشن" مقالا تحليليا تطرق خلاله إلى أحداث التسميم في المدارس، وناقش فيه مختلف جوانب القضية وتداعياتها على التلميذات.
وما يثير الدهشة في أحداث تسميم التلميذات في إيران أن هناك بعض الأشخاص يشككون في وقوع مثل هذه الهجمات ويعتبرون أن تدهور صحة التلميذات الناجمة عن التسمم، سببها الآثار النفسية.
وبطبيعة الحال، فإن طرح هذه المزاعم حول "الهستيريا الجماعية" أو غيرها من المصطلحات المماثلة ليس وليد الساعة.
فقد كانت الأمم المتحدة وبعد عمليات التحقيق في حالات تسميم التلميذات في أفغانستان منذ عام 2012 إلى عام 2016، قد أكدت أنها غير قادرة على العثور على أي أدلة لإثبات التسمم بالغاز أو السم، وخلصت إلى أن سبب تسمم الفتيات كان على الأرجح نفسيا!
ولكن الحقيقة أن المواد السامة، وخاصة ثاني أكسيد النيتروجين، يمكن أن تتحلل بسرعة ولا تترك أي أثر لها في الجو.
ويأتي هذا على الرغم من رواية شهود عيان قالوا إنهم شاهدوا أشياء تُلقى في فناء مدارس البنات.
تعليم الفتيات.. وصد التهديدات العالمية
ومن أجل فهم سبب حدوث مثل هذه الهجمات، بشكل أفضل، يجب مراجعة تاريخ الهجمات المماثلة التي طالت العديد من التلميذات في مختلف أنحاء العالم.
وأفاد آخر تقرير صدر عن "التحالف العالمي لحماية التعليم من الهجمات" أنه منذ 2014 إلى 2018، تم شن هجمات على التلميذات والمعلمات في 18 بلدًا يعاني من النزاعات والحروب، بما فيها: أفغانستان والكاميرون وجمهورية أفريقيا الوسطى وكولومبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية ومصر والهند والعراق وليبيا ومالي وميانمار ونيجيريا وباكستان والفلبين وجنوب السودان وسوريا وفنزويلا واليمن.
يشار إلى أن هذه الهجمات تتنوع باختلاف أساليبها وسعتها، فتارة يقوم المنفذون بخطف التلميذات، وأخرى يلجأون إلى قصف مدارس البنات.
وتتم مهاجمة الفتيات كذلك في طريقهن من المدرسة أو إليها، كما تفيد التقارير الواردة بارتكاب عنف جنسي أو التزويج الإجباري للتلميذات والمعلمات.
وتعتبر الناشطة الباكستانية، ملالا يوسفزي واحدة من ضحايا هذا النوع من العنف ضد المرأة، بينما توجد أيضا هجمات غير مباشرة تستهدف تعليم الفتيات، بما فيها: تغيير استخدام مدارس البنات أو إغلاقها بذرائع مثل ترجيح أولوية التعليم للأولاد على الفتيات.
كما يعتبر فرض وتطبيق قواعد صارمة على ملابس الفتيات في المدارس إحدى الطرق غير المباشرة لمنع تعليم الفتيات.
وتصاعدت الهجمات على المدارس في العالم خلال العقود الأخيرة، خاصة وأن الهجمات الشديدة غالبًا ما تستهدف مدارس الفتيات، وفي معظم الحالات، يتمتع المهاجمون بالحصانة ولا تتم معاقبتهم.
تأثير الهجمات على تعليم الفتيات
حتى لو افترضنا أن الهجمات الكيماوية على مدارس الفتيات في إيران لا تترك تأثيرا خطيرا على صحتهن البدنية، فإن مثل هذه الهجمات لا شك أنها تترك آثارا نفسية طويلة الأمد ولا تظهر أعراض تداعياتها على جسم وصحة الفتيات.
كما أن الهجمات ضد التعليم والمدارس لها تأثير عميق ودائم على الفتيات، ناهيك عن أن التعليم حق لكل فرد، وشأن ضروري لتنمية الشخصية البشرية، فإن الفتيات اللواتي يتم حرمانهن من التعليم سوف يصبحن أكثر عرضة للزواج الإجباري أو زواج القصر، كما أن هؤلاء الفتيات أكثر عرضة للعنف المنزلي والعيش في فقر.
إلى ذلك، تلعب الهجمات على تعليم الفتيات دورًا في انضمامهن وتوظيفهن في الجماعات المسلحة وتعرضهن لمخاطر الإتجار بالبشر والإتجار بالجنس.
وبشكل عام، يتسبب انتهاك الحق في التعليم والتمييز المنهجي بين الجنسين في تقليل فرص النساء للمشاركة الفعالة في المجالات الاجتماعية والثقافية والسياسية، ولا يؤثر هذا الحرمان على النساء والفتيات فحسب، بل سيطال المجتمع كله.
ولهذا السبب، يجب أن تكون حماية حق الفتيات في التعليم مقدمة لأي جهود تهدف إلى تحقيق المساواة بين الجنسين، وبالتالي فإن الهجمات الكيماوية المروعة على مدارس البنات في إيران جرس إنذار للبحث عن حل عاجل.