ما بين حداد النظام وفرحة الشعب.. ردود فعل متباينة في إيران بعد مقتل حسن نصرالله
أثار مقتل حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، في هجوم إسرائيلي يوم الجمعة الماضي، ردود فعل متباينة في إيران، فبينما أصيب قادة النظام بالصدمة العنيفة، عبّر العديد من المواطنين عن فرحتهم بمقتله، فيما طالب مذيعو التلفزيون الرسمي الإيراني بالانتقام من إسرائيل.
وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، قد أعلن يوم أمس السبت، 28 سبتمبر (أيلول)، أن الهجوم الذي شنّته إسرائيل على بيروت، يوم الجمعة، أدى إلى مقتل حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني.
وبعد ساعات، أكد حزب الله اللبناني المدعوم من إيران مقتل نصر الله، رسميًا وأرسل تعازيّه إلى المرشد الإيراني، علي خامنئي.
إعلان الحداد العام في إيران ولبنان
أعلن المرشد الإيراني، علي خامنئي، في بيان تعزية، الحداد لمدة خمسة أيام في إيران، بعد مقتل نصر الله في بيروت.
ووصف خامنئي نصر الله بأنه "قائد سياسي حكيم"، وأشاد بأنه كان منشغلاً "بالتخطيط للدفاع عن سكان الضاحية الجنوبية لبيروت المظلومين، وعن منازلهم المدمرة وأحبائهم، الذين فقدوا حياتهم".
ورغم إعلان النظام الإيراني الحداد خمسة أيام على مقتل نصر الله، فإنه أُعلن الحداد لمدة ثلاثة أيام فقط في محافظة خراسان الجنوبية، بعد مقتل 50 عاملاً في حادث منجم في طبس يوم 21 سبتمبر الجاري.
كما أعلن نجيب ميقاتي، رئيس الوزراء اللبناني، الحداد لمدة ثلاثة أيام، بعد مقتل نصر الله.
وقال ميقاتي إن الحداد الرسمي سيبدأ يوم غد الاثنين؛ حيث سيتم تنكيس الأعلام على المباني الحكومية.
دموع المسؤولين الإيرانيين على مقتل نصر الله
وبعد الإعلان عن مقتل حسن نصر الله وقادة حزب الله في الهجوم الإسرائيلي على بيروت، أصدر المرشد الإيراني، علي خامنئي، صباح أمس، بيانًا دون أن يذكر فيه اسم نصر الله مباشرة، قال فيه: "كل قوى المقاومة في المنطقة تقف إلى جانب حزب الله وتدعمه. مصير هذه المنطقة ستحدده قوى المقاومة، وفي مقدمتها حزب الله الشامخ".
من جانبه، قدّم الرئيس الإيراني، مسعود بزشکیان، تعازيه إلى خامنئي بمناسبة مقتل نصر الله، قائلاً: "جرح عميق نزل على قلوب جميع المظلومين والمستضعفين في العالم".
كما أدانت وزارة الخارجية الإيرانية، في بيان لها، الهجوم الإسرائيلي على ضاحية بيروت ومقتل نصر الله، واصفة إياه بـ "الجريمة الحربية وانتهاك السيادة اللبنانية"، وأكّدت أن "عواقب هذه العملية ستقع على عاتق إسرائيل وحلفائها، وخاصة الولايات المتحدة".
من جهته، صرّح وزير الداخلية الإيراني، إسکندر مؤمني، قائلاً: "نعلن بصوت عالٍ أن إيران، حكومة وشعبًا، ستواصل دعمها لجبهة المقاومة وحزب الله".
كما أرسل ممثل إيران لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إيرواني، رسالة إلى مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة، داعيًا فيها إلى إدانة قاطعة للهجمات الإسرائيلية، بعد مقتل نصر الله ونائب قائد العمليات العسكرية في الحرس الثوري الإيراني، عباس نیلفروشان.
أما محمد عالم زاده نوري، نائب رئيس الحوزات العلمية، فقال إنه "بإذن خامنئي، يمكننا إرسال قوات عسكرية إلى لبنان والمشاركة مباشرة في العمليات." وأضاف: "إذا كان هناك تردد في السابق، فيجب هذه المرة الردّ دون أي تحفظات أو اعتبارات سياسية".
وكتب ياسر جبرائيلي، رئيس مركز تقييم ومراقبة الاستراتيجية في مجلس تشخيص مصلحة النظام، على شبكة "إكس" (تويتر سابقاً): "يجب اعتبار كل طائرة متجهة إلى إسرائيل هدفاً للإسقاط". كما أضاف في منشور آخر أن "المقاومة يجب أن توجه صواريخها نحو السفن الحاملة للنفط المتجهة إلى إسرائيل".
ردود أفعال سياسية وعسكرية
أكد محمد باقري، رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، أن مقتل نصر الله "لن يؤثر على عزيمة وإرادة مجاهدي المقاومة في قتالهم ضد إسرائيل".
وفي السياق نفسه، أعلن مهدی جمران، رئيس مجلس مدينة طهران، أن أحد شوارع طهران سيتم تسميته باسم حسن نصر الله.
وأشار الرئيس الإيراني الأسبق، حسن روحاني، في رسالة تعزية، إلى أن "الشعب اللبناني وحزب الله سيأخذون بثأر نصر الله"، بينما عبر الرئيس الإيراني الأسبق، محمد خاتمي، عن أمله في أن "تتمكن شعوب المنطقة، خاصة الشعب الفلسطيني المظلوم والشعب اللبناني المقاوم، من نيل الحرية والعيش بكرامة واستقلال".
تضامن البرلمان الإيراني
أبدى البرلمان الإيراني، برئاسة محمد باقر قاليباف، تضامنًا قويًا مع حزب الله، بعد مقتل نصر الله؛ حيث رفع النواب شعارات "الموت لأميركا"، عقب خطاب قاليباف، الذي ذكر فيه أن مقتل نصر الله أعاد إلى الأذهان ذكرى غياب قاسم سليماني.
وأضاف قاليباف أن هناك حاجة إلى "تخطيط شامل" في مواجهة إسرائيل، مؤكداً أن "إسرائيل ليست الطرف الأقوى كما يُتصور".
ودعا عباس كلرو، عضو لجنة الأمن القومي بالبرلمان الإيراني، إلى "رد قوي ومدمر" على إسرائيل، مشيرًا إلى أن "القضاء على إسرائيل يجب أن يكون جزءاً من الاستراتيجية النهائية".
بينما وصف علي رضا سليمي، عضو هيئة رئاسة البرلمان، مقتل نصر الله بأنه "دليل على ضعف إسرائيل"، وأضاف أن "الولايات المتحدة مسؤولة بشكل مباشر عن هذه الجريمة"، مشددًا على أن فكر المقاومة لا يمكن القضاء عليه بقتل قادته.
وأكد إسماعيل كوثري، عضو لجنة الأمن القومي، على ضرورة رد "مدروس" من إيران على الهجمات الإسرائيلية، مذكراً بتصريحات خامنئي بأن "ضربة قاتلة يجب أن تُوجه لهذا النظام"، في إشارة إلى إسرائيل.
الحرس الثوري.. لم يتحدث عن الانتقام
أعلن الحرس الثوري الإيراني، في بيانٍ له، مقتل عباس نیلفروشان، نائب نائب قائد العمليات في الحرس الثوري الإيراني، نائب قائد العمليات في الحرس الثوري الإيراني، وقائد قوة القدس في لبنان، مشيرًا إلى أنه قُتل في الهجوم الذي شنّه الجيش الإسرائيلي على بيروت، يوم الجمعة الماضي.
ولم يتطرق الحرس الثوري الإيراني، في بيانه، مثل بعض المسؤولين، إلى مسألة "الانتقام".
وأكد حسين سلامي، قائد الحرس الثوري، في بيانه أن "حزب الله القوي وحماس المقتدرة سيكونان المنتصرين في ساحة المعركة ضد إسرائيل".
ومن جهته، قال محسن رضائي، القائد السابق للحرس الثوري، الذي كان قد حذر من "استفزاز إسرائيل" لدماء المسلمين، عبر حسابه على منصة "إكس" (تويتر سابقًا): "بعد لبنان، ستتجه إسرائيل إلى دمشق، ثم إلى بغداد، وإذا ما استلذت دماء الشعوب، فقد تصل حتى إلى إيران".
الإعلام الإيراني: يجب أن نقاتل إسرائيل
أشار أحد مقدمي البرامج، في حديث بالقناة الثالثة في التلفزيون الإيراني، بعد الهجوم الإسرائيلي على جنوب بيروت، إلى أنه "لا فرق بين طهران وبيروت"، وأن إسرائيل ستستهدف الجميع، قائلاً: "الحديث فقط لا يوقف نتنياهو، فهو يفهم لغة واحدة، وهي الصواريخ، وبالتحديد الصواريخ الباليستية".
وأضاف أن "أكبر خط أحمر هو مقتل نصرالله"، مؤكدًا: "لا شك أن الأهداف القادمة قد تكون في بغداد ودمشق واليمن وطهران".
ومن جانبه، قال حميد رضا غلام زاده، الخبير في الإعلام الإيراني، حول مقتل نصرالله: "يجب أن نرد على إسرائيل بشكل جدي، وعلينا أن نكون متأكدين أن أميركا لن تدخل في الحرب بأي شكل".
وأشار غلام زاده إلى أن "أميركا لا تملك الرغبة والقدرة على ذلك"، مضيفًا: "يجب علينا أن نضرب بقوة حتى لا تتقدم إسرائيل".
كما أكد مقدم برنامج "السياسة الخارجية في القناة ذاتها، ردًا على خبر مقتل نصرالله، أن "الحوار مع الجميع توصلنا فيه إلى نقطة أنه إذا أردنا إنهاء الحرب، يجب أن نبدأ قتالاً مع إسرائيل وأن نرد عليها بما تستحق".
تجمعات مؤيدي النظام بعد مقتل نصرالله
ظهرت مقاطع فيديو توثق تجمع مجموعة من مؤيدي النظام الإيراني أمام جامعة فردوسي في مشهد، حيث عبّروا عن حزنهم لمقتل نصرالله، مرددين هتافات: "حيدر، حيدر"، وأعادوا تكرار مقولة الخميني: "أريقوا دماءنا، فإن أمتنا ستستيقظ".
كما أظهرت مقاطع الفيديو تجمعًا آخر لمؤيدي النظام في ميدان فلسطين في طهران، أمس السبت، في أعقاب مقتل نصرالله.
وفي مدينة قم، أقدمت مجموعة من الطلاب على ارتداء الأكفان في تجمع حكومي، تعبيرًا عن حزنهم على مقتل نصرالله.
وقال أحد المواطنين، في رسالة إلى قناة "إيران إنترناشيونال"، مخاطبًا مؤيدي النظام الذين تجمعوا بعد مقتل نصرالله: "المؤيدون، احتفلوا حتى الصباح بهتاف حيدر. حسن نصرالله قُتل، وقائدكم اختبأ في جحر".
فرحة المواطنين بمقتل نصرالله
منذ الإعلان عن مقتل نصرالله على يد الجيش الإسرائيلي، بدأ مواطنون إيرانيون في إرسال رسائل إلى "إيران إنترناشيونال"، معبرين عن فرحتهم بهذا الخبر.
واستطلعت "إيران إنترناشيونال" آراء جمهورها حول مقتل حسن نصرالله، حيث أفاد العديد من المواطنين بأنهم شعروا بالسعادة عند سماع الخبر.
وتجدر الإشارة إلى أن بعض المواطنين أعدوا مقاطع فيديو أثناء شراء الحلوى واحتفالهم بمناسبة مقتل نصرالله، مؤكدين أن خامنئي قد أرسل أموال الإيرانيين إلى حزب الله على مدار سنوات.
وخاطب أحد المواطنين "خامنئي" قائلاً: "أنت مثل فرعون الزمن، وقد تكون قريبًا في مهب الريح". بينما وجه آخر رسالة إلى نتنياهو قائلاً: "أنتم يد الله على الأرض".
وقال مواطن آخر: "لابد أن تتذكروا عندما قال حسن نصرالله أمام الكاميرا إن جميع نفقاته تأتي من إيران، وإنه طالما أن النظام قائم، فسنبقى موجودين. لقد تألمت قلوب ملايين الإيرانيين وبكوا دمًا. التاريخ أثبت أن الأمور لا تبقى على حالها، ولن تبقى كذلك".
كما أعاد أحد المتابعين تكرار تصريحات نصرالله مخاطبًا نتنياهو: "ما لم نتمكن من تحقيقه، قد قمت أنت بإكماله".
فيما قام بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بالإشارة إلى أن النظام الإيراني دائمًا ما يضخ أموال الشعب لصالح حزب الله، ونشروا صورًا للافتات نصرالله في شوارع إيران.
وأرسل المتابعون مقاطع فيديو إلى "إيران إنترناشيونال" تظهر فرحة المواطنين، مساء أمس السبت، في مختلف المدن الإيرانية بعد إعلان خبر مقتل نصرالله.
الاحتفالات في سوريا ووسائل التواصل الاجتماعي
أشارت التقارير ومقاطع الفيديو المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن المواطنين في سوريا احتفلوا، مساء الجمعة 27 سبتمبر، بعد تلقيهم أخبار مقتل حسن نصرالله، حيث قاموا بتوزيع الحلوى، ابتهاجًا بهذا الخبر.
أيضًا، استفسر حساب "الجيش الإسرائيلي بالفارسية" على منصة "إكس" من المواطنين الإيرانيين عن آرائهم حول مقتل حسن نصرالله، ما أثار تفاعلات واسعة، حيث عبّر أكثر من خمسة آلاف شخص عن آرائهم تحت هذا المنشور.
وعبر المواطنون عن شكرهم للجيش الإسرائيلي، معبرين عن فرحتهم بمقتل نصرالله ونيلفروشان، مطالبين بـ "ضرب رأس الأفعى في طهران".
ونشر بعض المستخدمين تحت هذا المنشور وفي حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي صورًا لقاسم سليماني وحسن نصرالله بجانب علي خامنئي، متسائلين عما إذا كان "خامنئي" هو الشخص التالي الذي سيتم القضاء عليه.