عادت الصحف أخيرًا بعد 15 يومًا من العطلة، بمناسبة عيد النوروز، ولكن وفقًا لقرار المركز الوطني لمكافحة كورونا لم يُسمح لها بطباعة نسخة ورقية، لذا لن نراها في كشك الصحافة. باستثناء صحيفة "شرق" التي يبدو أنها لم تُنشر احتجاجًا، وقد نشرت جميع الصحف تقريبًا نسخة إلكترونية على مواقعها بصفحات أقل ومن دون إعلانات. وتشهد الصفحات الأولى لبعض الصحف تغييرات مثل "جوان"، ولكن بقية الصحف نُشرت على مواقع نشر الصحف بنفس التنسيق السابق.

إلى ذلك، كتب محرر "اعتماد" بغصة أن "أصل الصحافة هو الورق، حيث عليك أن تذهب إلى الأكشاك وتنظر إلىى العناوين الرئيسية، ثم تنحني وتقرأ ما كتب تحت الطوب الذي يثبت به الصحف، ثم تأخذ واحدة وتتعوذ من الشيطان وتبدأ القراءة. ولكن في زمن كورونا وفي هذه الأيام الصعبة، على المرء أن يرضى بالقليل ويأمل في أن تدور عجلة المطبعة مرة أخرى وأت لا ينطفئ مصباح الصحافة".

كان لهذه السنة الإيرانية 1399 (21 مارس/ آذار 2020– 20 مارس/ آذار 2021) بداية مذهلة، لم يكن لها مثيل في القرن الرابع عشر الشمسي، المشرف بطبيعة الحال على النهاية. عطلة عيد النوروز كانت دون زيارات أو سفر، هنأ الإيرانيون بعضهم بعضا بالعام عن بُعد، فالتباعد الاجتماعي هو متلازمة الصحة والسلامة هذه الأيام.

الصحف في أول يوم عمل بعد النوروز صامتة، تفتقد لرونقها ونشاطها، كل حديثها عن فيروس كورونا، والاقتصاد الإيراني المنهار، والعقوبات، وظل حرب ثانية محتملة قد تأتي من العراق وتشتعل في إيران.

نشرت صحيفة "جوان" التابعة للحرس الثوري صورة لتمثال الحرية الأميركي على صفحتها الأولى وهو يغرق، فيما شبهت كورونا بسمكة قرش تبحث عن دونالد ترامب، وذلك تحت عنوان "كورونا حطم غرور العالم"، واتهمت الحكومة الأميركية بالغرور والكبرياء الكاذب والفشل في حماية بلادها من فيروس كورونا، وكتبت "إدارة ترامب قتلت أفقر الناس في البلاد".

فيما ترى صحيفة الحرس الثوري (جوان) أن إدارة أزمة كورونا في إيران تتم بمساعدة الشعب، بالإضافة إلى "الجماعات الجهادية، حيث يقوم الباسيج بتطهير الطرق، وحياكة الأقنعة والملابس الخاصة، وتوفير الطعام لمكافحة كورونا".

ومن الغريب أن صحيفة "جوان" استخدمت كلمة "أزمة كورونا" فقط لتقاريرها حول الولايات المتحدة وأوروبا.

بدورها إيضًا عنونت صحيفة "وطن أمروز" المتشددة عن انتشار كورونا في الولايات المتحدة على صفحتها الأولى، وكتبت "أميركا أولاً".

هذا التعاطي المتطرف مع أزمة كورونا أثار آراء المحللين السياسيين، حيث انتقد صادق زيبا كلام النهج السياسي ونهج التيارات المقربة من المرشد، التي تنشر باستمرار إحصاءات عن الخسائر المتعلقة بالولايات المتحدة وبريطانيا، واعتبر في افتتاحية صحيفة "أرمان ملي" هذا النوع من تمني الموت للآخرين بأنه غير أخلاقي.

في نفس السياق اعتبر كاتب صحيفة "كيهان" أن أزمة كورونا في الولايات المتحدة وتقارير الضحايا أظهرا وهم النظرية الليبرالية الديمقراطية كأفضل نموذج للحكم. على عكس الكاتب شيرزاد عبد اللهي الذي اعتبر في مقال له في صحيفة "آرمان ملي" أن أزمة فيروس كورونا أثبتت مرة أخرى ميزة الأنظمة الديمقراطية على الأنظمة الشمولية وشبه الشمولية.

بعض الصحف أظهرت مخاوف من الإفراج عن 11 ألف مدمن في طهران بعد إغلاق مراكز رعاية المدمنيين. وحسب مراسل "آرمان ملي"، فإن كثيرا من الممرات والأزقة في المنطقتين 11 و12 بطهران، تشهد أعدادًا كبيرة من المدمنين يتجولون في الشوارع دون مأوى. فيما أطلقت عليهم صحيفة "جوان" اسم "قنابل كورونا".

يمكننا الآن أن نقرا معًا مقتطفات من الأعداد الأولى لصحف العام الإيراني الجديد.

"آفتاب يزد": حظر نشر الصحف ورقيًا.. قرار خاطئ



بقرار من المركز الوطني لمكافحة فيروس كورونا، تم نشر الصحف اليوم إلكترونيًا، مما أثار حفيظة أغلب مديري تحرير الصحف الخاصة.. رئيس تحرير "آفتاب يزد" كغيره، اعتبر أن هذا القرار خاطئ وسينتج عنه انتشار الشائعات والأخبار المزيفة، ونوه مظفري إلى ضرورة وجود الإعلام الرسمي مثل الصحف لتحليل الأحداث.

لم يذكر رئيس تحرير "آفتاب يزد" لماذا لا يمكن للصحف أداء واجبها هذا في النسخ الإلكترونية؟ وهل تنفيذ هذا الأمر حصري بالنسخة الورقية؟!

صحيفة "جهان صنعت" بدورها علّقت على موضوع منع الصحف من النشر الورقي في مقال تحت عنوان "حائط الصحف القصير"، معتبرة أن أسباب المنع غير مقنعة، سائلةً الحكومة عن قدرتها على تعويض الصحف لخسائرها؟

"جوان": الولايات المتحدة مخطئة.. سنحوّل قواعدها إلى رماد

نشرت صحيفة الحرس الثوري تقريرين عن الهجمات على العراق، يظهران أهمية الأحداث في العراق للجمهورية الإسلامية، خلال أيام كورونا هذه.

وبحسب صحيفة "جوان" فإن الحديث عن هجمات واسعة النطاق مرتقبة على قوات المقاومة في العراق وسوريا مما سيعيد الجمهورية الإسلامية إلى ساحة المعركة مرة أخرى؛ ما هو إلا أخبار وحرب نفسية لتقييم مدى استعداد قوات المقاومة. فيما تعتقد الصحيفة أن الولايات المتحدة وحلفاءها لن يتمكنوا من دخول أي حرب ضد المقاومة، وإذا فعلوا ذلك، فسوف يهزمون بشدة.

وعنونت "جوان" نقلاً عن أحد المسؤولين في الحشد الشعبي بـ"سنحول قواعد أميركا إلى رماد"، وأضافت ما قاله رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الإيراني اللواء باقري بأن "أصغر اعتداء أميركي سيواجه بحزم شديد".

إلى جانب صحيفة "جوان" تناول محللون مستقلون للعلاقات الدولية في حديث مع صحيفة "آفتاب يزد" هذا الموضوع وأوضحوا أن التحركات الأخيرة ليست سوى اصطناع لمظهر الحرب.

لا يعتقد علي بيكدلي أن الولايات المتحدة تنوي تنفيذ هجوم واسع النطاق، ويعتبر حركة الأسلحة بمثابة استعراض للقوة يهدف إلى تخويف الجماعات العراقية.

فيما يرى الدبلوماسي السابق قاسم محب علي أن الموضوع الأصلي للصراعات العراقية الحالية هو انتخاب رئيس الوزراء، وليس الحرب.

"همدلي": البرلمان مغلق وليس لدينا جلسات عبر الإنترنت

بينما يتوجب على طلاب المدارس متابعة دروسهم عبر الإنترنت، فإن أحد أعضاء كتلة الأمل في البرلمان أوضح في مقابلة مع "همدلي" أن البرلمان مغلق لعدم توفر البنية التحتية للاتصالات وعقد جلسة عبر الإنترنت.

فيما تطرح "همدلي" تساؤلاً، الآن بعد قضاء أعضاء البرلمان عطلة لمدة شهرين: لماذا يجب أن يتم دفع رواتبهم؟ مضيفة: "من الممكن تزويد المستشفيات والطاقم الطبي بالتجهيزات من نفقات البرلمان ورواتب النواب".

عضوة البرلمان، طيبة سياوشي، انزعجت من هذا التفسير وقالت: "ما هذه الحسابات الغريبة، فكم نتقاضى نحن؟"، مضيفة "إننا لا نذهب إلى المجلس، لكننا نقوم بعملنا". موضحة أن "مشكلة عدم عقد اجتماعات يعود إلى نقص البنية التحتية للإنترنت، مما يجعل من المستحيل على 150 شخصًا عقد اجتماعات عبر الإنترنت".

"آرمان ملي": لماذا كان فيروس كورونا شديد الوحشية في البلدان الديمقراطية؟

يرى شيرزاد عبد اللهي، كاتب عمود في صحيفة "آرمان ملي" أن الجواب يكمن في شفافية المعلومات في هذه الدول على عكس الصين وإيران.

ووفقًا لعبد اللهي، فإن خسائر كورونا في الصين قضية سياسية، لذلك يمكن تخفيضها أو إنكارها على أساس المنافع، ولكن في الأنظمة الديمقراطية لا تستطيع الحكومة سجن الأخبار أو تغييرها وتعديلها وفقًا لمصالح النظام، حيث يواجه الناس الحقائق فيكترثون لحياتهم ويحذرون الآخرين من وقوع كارثة ليحموا أنفسهم في الوقت المناسب.

في الأنظمة الديمقراطية، يعتبر البشر "بشرًا حقيقيين" في الصحة والمرض والموت، ولكن في الأنظمة الشمولية وشبه الشمولية، يعتبر البشر مجرد "أرقام" تزيد وتنقص حسب المصالح.

"مستقل": ما زلنا في ذروة كورونا وما زال أمامنا شهران متأزمان

الدكتور مصطفى معين هو مدير مركز أبحاث المناعة والربو والحساسية ورئيس مؤسسة النظام الطبي في البلاد، والأغلب يعرفه بأنه وزير العلوم السابق في حكومة خاتمي، أوضح في مقابلة مع "مستقل" حول وضع أزمة فيروس كورونا بأن إيران لا زلت في أوج الإصابات بهذا الفيروس.

ويتوقع معين أننا سنبقى في وضع حرج لشهرين قادمين، وبعد ذلك سنرى تقلبات أقل في معدل الانتشار والمرض والوفيات. مضيفًا أن التبعات قريبة المدى لوباء كورونا هي زيادة تكاليف الرعاية الصحية، وارتفاع استهلاك المياه، وربما نقص المياه في المدن، وتفاقم الفقر والبؤس، والبطالة والتضخم واليأس والقلق والاكتئاب. أما على المدى البعيد فسيعاني المجتمع الإيراني من تبعات العزاء على الضحايا وزيادة الاضطرابات النفسية والركود الاقتصادي.