تشاهد صفحة من الموقع القديم لـ Iran International لم تعد محدثة. قم بزيارة iranintl.com لعرض الموقع الجديد.

مهاجمة المقار الدبلوماسية.. والكيل الإيراني بمكيالين

استنكرت إيران حادثة حرق قنصليتها في البصرة واستدعت على أثرها سفير العراق لديها، متهمة بغداد بـ"الإهمال" و"التساهل" في الحفاظ على مقر قنصليتها.

وفي الحقيقة، تعيد حادثة الهجوم على القنصلية الإيرانية في البصرة جنوب العراق، وحرق محتوياتها، إلى الأذهان أحداثًا مشابهة شهدتها إيران طوال العقود الأربعة الماضية.

كما طالبت خارجيتُها على لسان المتحدث باسمها، بهرام قاسمي، السلطات العراقية بـ"الكشف عن مرتكبي هذه الجريمة الكبرى، واعتقالهم وإنزال العقاب بهم في أسرع وقت ممكن".

واللافت للنظر، كما يرى المراقبون للشأن السياسي في العالم والمنطقة، هو قيام الولايات المتحدة الأميركية باستنكار "حرق المقار الدبلوماسية والهجوم على القنصلية" دون ذكر اسم إيران صراحة، على الرغم مما بين البلدين من توتر في العلاقات وحروب كلامية لم تنته منذ عقود.

وليس هناك شك في أن ما قامت به إيران من تنديد بحادث استهدف قنصليتها وحرق محتوياتها واستدعاء طهران للسفير العراقي لديها لتسليمه مذكرة احتجاج واستنكار، يتماشى مع الأسس والمبادئ المعمول بها في القانون الدولي، كما يمكن القول إن الجميع متفق على أن الحكومة العراقية لا يد لها في حادثة حرق القنصلية وأن متظاهرين غاضبين أقدموا على هذا الأمر دون أن تكون هناك توجيهات من جهة حكومية معينة.

كما أن هناك اتفاقًا على أن البلد المستضيف هو المسؤول عن حماية المقار الدبلوماسية لديه؛ حتى إن بعض الدول شكّلت جهازًا أمنيًا باسم "الشرطة الدبلوماسية"، مهمته حراسة المقار الدبلوماسية في البلد المضيف.

وعلى ذلك، فإن تصريحات بهرام قاسمي الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية الذي وصف حادثة حرق القنصلية الإيرانية بأنها "جريمة كبرى"، لم تجانب الصواب، وقد أقرت اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية (1961) هذا الأمر، بوصفه قانونًا دوليًا تجب مراعاته في جميع دول العالم، وإذا ما تم التساهل أو إهمال هذا الأصل أو هذا القانون فإن كثيرًا من العلاقات بين الدول تصبح عرضة للتهديد والمخاطر.

ويصبح مشروعًا هنا التساؤل عن موقف إيران من الأحداث المشابهة التي وقعت في إيران، وهل يعتبر بهرام قاسمي الهجوم على مقار السفارات في بلاده عملاً إجراميًا ومخالفًا للقوانين والأعراف الدولية، في الوقت الذي تعتبر فيه الجمهورية الإسلامية الإيرانية صاحبة الرقم القياسي في الهجوم على السفارات والبعثات الدبلوماسية؟

تعتبر إيران من بين 194 بلدًا في العالم، صاحبة الرقم الأول والقياسي في الهجوم على السفارات والمقار الدبلوماسية التي تمتلك الحصانة الدبلوماسية وفق ما نصت عليه اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية (1961)، فقد تعرضت سفارات مصر والمغرب والولايات المتحدة الأميركية والدنمارك وبريطانيا والسعودية، إلى هجمات شملت الحرق والتحطيم وسرقة المحتويات وإتلافها، وفي معظم هذه الحالات لم تبادر السلطات الإيرانية إلى إجراءات جادة فيما يتعلق بمحاسبة الفاعلين ومعاقبتهم. وهذا يدل دلالة واضحة على موقف الحكومة من هذه الأحداث ورضاها المبطن عن هذه الممارسات التي قد تصف إيران مرتكبيها أحيانًا بالمتهورين والمشاغبين، لكي تبعد التهمة عنها، وتبرر هذه الأعمال المناقضة للقانون والدولي.

وقد برزت ظاهرة حرق السفارات لأول مرة في إيران، بعد قيام نظام الجمهورية الإسلامية مباشرةً. والمقصود حادثة الهجوم على السفارة الأميركية، بل واحتجاز الدبلوماسيين والعاملين في السفارة كرهائن لديها- وهو الأسوأ- على مدى 444 يومًا، وهي حادثة غير مسبوقة، لم تحدث في أي بقعة من بقاع العالم.

والأخطر من كل هذا هو الهجوم على مباني ومنازل الدبلوماسيين البريطانيين أثناء الهجوم على السفارة البريطانية؛ فبعد الاعتداء على السفارة البريطانية عام 2011م سارع طلاب جامعيون (!!) بالهجوم على بيوت ومنازل الدبلوماسيين والعاملين في السفارة البريطانية والتي كانت سكنًا لعوائل هؤلاء الدبلوماسيين وأبنائهم.

وتُظهر الصور والمقاطع المتعلقة بهذه الحادثة أن المهاجمين لم يواجهوا أية عراقيل من جانب السلطات الأمنية، وقاموا بكل أريحية بالهجوم على المقار الدبلوماسية وأحدثوا خسائر كبيرة فيها. ولا يُعقل أن مئات الأشخاص من المهاجمين يستطيعون القيام بأعمال تخريبية وغير قانونية دون أن تستطيع قوات مكافحة الشغب التصدي لهم ومنعم من هذه الممارسات.

وفي ظل هذه الحقيقة المتمثلة بتصدر إيران لقائمة الدول التي شهدت السفارات الأجنبية لديها أعمال حرق وتخريب، يبقى التساؤل حول ماهية موقف إيران من هذه الممارسات التي حدثت على أراضيها، وهل يدين بهرام قاسمي هذه الأعمال كما أدان واستنكر الحادثة الأخيرة التي تعرضت لها قنصلية بلاده في جنوب العراق وفي محافظة البصرة ذات الأغلبية الشيعية؟

إن قراءة التاريخ تساعدنا في الحصول على إجابات حول هذه التساؤلات المشروعة، وحول حجم الأضرار التي لحقت بإيران بسبب انتهاكها للحصانة التي تتمتع بها المقار والبعثات الدبلوماسية.

ففي صيف عام 1998 هاجمت قوات تنتمي لحركة طالبان، الحكومة المركزية الأفغانية المدعومة من إيران، وسيطرت على مدن ومناطق مختلفة، منها مدينة مزار شريف، رابع أكبر مدن أفغانستان من حيث عدد السكان، وقامت بالاستيلاء على القنصلية الإيرانية واحتجاز دبلوماسيين إيرانيين كانوا بداخلها.

وبعد السيطرة على مدينة مزار شريف، انقطعت الاتصالات بين إيران و11 دبلوماسيًا إيرانيًا، وقد تأكد مقتل هؤلاء الدبلوماسيين بعد 33 يومًا على يد قوات طالبان.

وكانت الحادثة صادمة للشارع الإيراني؛ بحيث أعلن المرشد، علي خامنئي، الحداد لثلاثة أيام على أرواح هؤلاء الضحايا، وعرض التلفزيون الإيراني صورا لـ11 نعشًا يحمل 10 دبلوماسيين وصحافيًا إيرانيًا، قتلوا في هذه الحادثة. وقد أدان العالم كله هذه الحادثة واستنكرها بأشد العبارات.

لكن النقطة التي يجب التوقف عندها والتي يبدو أن البعض، بمن فيهم المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، لم يتعلموا منها، هي أن الولايات المتحدة الأميركية والتي تعرضت سفارتها في طهران عام 1979 إلى استيلاء وهجوم، أدانت هذه الحادثة، وذلك لسبب بسيط فات السياسيين الإيرانيين وهو مخالفة هذه الأعمال لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية (1961) التي أعطت الحصانة للدبلوماسيين، فالولايات المتحدة الأميركية ورغم خلافها مع إيران إلا أن ذلك لم يمنعها من إدانة مثل هذه الممارسات التي تتعارض مع القوانين الدولية.

لكن المضحك في هذه القضية هو أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية قد لجأت في حادثة الهجوم على قنصليتها في مزار شريف إلى اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية (1961) والتي كانت قد انتهكتها خلال الاعتداء على السفارة الأميركية، وراحت الجمهورية الإسلامية تهاجم وتنتقد من اعتدى على قنصليتها وقتل دبلوماسييها.

والطريف في هذه القضية أن طهران، وبالاستناد إلى هذه الاتفاقية، ترى ضرورة التزام بعض الأطراف بهذه الاتفاقية، مثل بعض الحركات الإسلامية في أفغانستان، "والتي لا تفهم من الدين سوى تطويل لحية وتحطيم تمثال:، لكن إيران لا تطالب نفسها بالالتزام بهذه الاتفاقية الدولية.

وكأن الجمهورية الإسلامية وزعماءها نسوا، أو تناسوا، حادثة الهجوم على السفارة الأميركية على أراضيها، فحركة طالبان وإن كانت قد قتلت الدبلوماسيين الإيرانيين فإن إيران ما زالت حتى اليوم تحتل مبنى السفارة الأميركية على أراضيها، وهو ما يعتبر مخالفة للقوانين الدولية، لكن الأكثر طرافة في هذا السياق، أن طهران اعتبرت الهجوم على قنصليتها في مزار شريف انتهاكًا لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية.

وفي عام 2011 تعرضت سفارة أخرى في إيران لهجمات الطلاب(!) المتكررة، وكانت القرعة هذه المرة على السفارة البريطانية.

في حادثة الهجوم على السفارة البريطانية في إيران تمت كذلك مهاجمة المباني السكنية التي كانت تعيش فيها عوائل السفراء والدبلوماسيين من نساء وأطفال في منطقة قلهك شمالي طهران، وهذا ما يجعل إيران سباقة وصاحبة رقم قياسي في الاعتداء على المقار والبعثات الدبلوماسية.

وبذلك يكون الإنجاز الذي تم على أيدي "طلاب منهج الإمام" المتمثل بالاستيلاء على السفارة الأميركية عام 1979، هو ما يجعل إيران تتصدر قائمة الدول التي يتم على أراضيها الاعتداء على البعثات الدبلوماسية، وأصبحت إيران بفضل هذه الأعمال والممارسات "مبتكرةً للهجوم على المقار الدبلوماسية"، كما باتت "أكثر الدول التي شهدت السفارات على أراضيها اعتداءات"، كما أنها "أول من هاجم المباني السكنية للدبلوماسيين الأجانب".

والمؤسف في كل هذه الأحداث هو وجود رغبة وإرادة من جانب النظام لمثل هذه الممارسات غير القانونية، وفي كل هذه الأحداث كان الحفاظ على أعمدة الحكم في إيران هو الدافع وراء هذه الأعمال الإجرامية، ويمكن فهم هذه الحقيقة إذا ما تبين أن جميع مرتكبي هذه الأعمال لم تتم محاسبتهم أو مساءلتهم.

من جانب آخر، فإن صور الهجوم على السفارة البريطانية في إيران تظهر أن هذه الممارسات تمت بحضور الشرطة في العاصمة الإيرانية طهران، ونظرًا إلى أن الشرطة من المؤسسات التي تقع تحت حكم وسلطان المرشد (وليس رئيس الجمهورية) فإن هذا القصور من جانب الشرطة في حماية السفارة البريطانية يتحمل مسؤوليته المرشد بشكل مباشر، كما أن إطلاق سراح ستة متهمين في هذه القضية ما كان ليتم لولاء موافقة المرشد.

واستنادا إلى ما مر، فإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ينبغي أن يجيب المتحدث باسم وزارة خارجيتها، على هذا التناقض والازدواجية في التعامل مع القضايا الواحدة والمتشابهة، وأن يبينوا لماذا يصفون الهجوم على مقار إيران وبعثاتها الدبلوماسية بالعمل الإجرامي والمخالف للقوانين الدولية، بينما لم تعاقب، في الوقت نفسه، ولو لمرة واحدة، من يرتكبون مثل هذه الجرائم على أراضيها وبحق المقار والسفارات الأجنبية لديها؟

 

محلل سياسي ودبلوماسي سابق
إيران بالمختصر
ذكرت صحيفة "همشهري" الإيرانية أن بعض الأشخاص، ومن خلال وصولهم إلى أنظمة وزارة الصحة، يقومون بإصدار شهادات لقاح "استرازينكا" مزورة بمقابل يتراوح ما...More
قال صدر الدين عليبور، مدير منظمة إدارة النفايات في بلدية طهران، إن المنظمة قررت استبدال صناديق النفايات الموجودة في طهران بصناديق مغلقة؛ حتى "لا...More
أعلن محمود نيلي، رئيس جامعة طهران، عن إرسال رسالة إلى رئيس السلطة القضائية في إيران، غلام حسين محسني إجه إي، من أجل الإفراج عن الطالب السجين كسرى...More
ذكرت صحيفة "شرق" أنه لا يمكن للإيرانيين المقيمين في جورجيا العودة إليها. وكتبت أنه حتى الإيرانيون الذين يحملون جوازات سفر وبطاقات إقامة جورجية ظلوا...More
أفادت وسائل إعلام هندية عن إيقاف زورق إيراني يحمل هيروين. وكانت وسائل إعلام هندية قد قالت إن حرس الحدود وشرطة مكافحة الإرهاب ضبطوا زورقًا إيرانيًا...More