خلال اليومين الماضيين، وبعد إسقاط الطائرة الأميركية المسيرة على يد الحرس الثوري الإيراني، قام الرئيس ترامب بتصريحات متعارضة، بعضها في يوم واحد، حيّرت معها كاتبي عناوين الصحافة والمحللين وأصحاب المقالات الإيرانية، في شرح الظروف المعقدة الحالية.

وبعد يوم واحد من إسقاط الطائرة، قيل إن ترامب أمر بإلغاء هجوم كان مقررًا ضد مواقع إيرانية قبل عشر دقائق من تنفيذه. أما يوم أمس فشكر الرئيس ترامب الإيرانيين لأنهم أسقطوا طائرة غير مأهولة بالجنود، وتحدث عن التفاوض، ثم فرض عقوبات جديدة ضد طهران، وبعدها أكد أن الخيار العسكري لا يزال مطروحًا.

هذه المواقف المتباينة، وأحيانًا المتعارضة، خلقت عناوين عجيبة في صحف اليوم. مثلا صحيفة "وطن إمروز"، الأصولية كان عنوانها على الصفحة الأولى، نقلا عن الرئيس الأميركي "نشكر إيران".

صحيفة "كيهان" لا تزال مستمرة في تصريحاتها الحماسية، وتحليلها هو أن الأميركيين لم يهاجموا إيران بسبب ضعفهم وخشيتهم من الرد.

وكان عنوان الصحيفة المتشددة: "إذلال الجيش الأميركي.. ترامب يقصف إيران بالتغريدات".

ونقرأ في تحليل الصحيفة المقربة للمرشد: "ردًا على صفعة الحرس الثوري، زعم ترامب أنه يجهز للهجوم على إيران لكنه اكتفى في النهاية بالتغريدات".

صحيفة "ابتكار" كان تحليلها تحت عنوان "لغز ترامب"، وجاء فيه أن بعض الخبراء والمتابعين يرون أن الولايات المتحدة والفريق الحاكم بالبيت الأبيض، لا يمتلك استراتيجية واضحة أمام إيران.

المحلل جعفر غلابي كتب في صحيفة "آرمان" أنه "من حق إيران الدفاع عن نفسها، وأن المفيد في حادثة إسقاط الطائرة المسيرة، أن الأميركيين عرفوا أن الصواريخ الإيرانية ليست (فوتوشوب)،، وأن الحرب بين البلدين- كما يرى كاتب الصحيفة- "ستعجل بتدفق النفط من المنطقة للعالم".

علاوة على الأزمة بين طهران وواشنطن، تطرقت الصحف اليوم إلى أزمات ومشاكل داخلية كانت الصحف قد أغفلتها بسبب شبح الحرب الذي يخيم على المنطقة منذ فترة.

صحيفة "آفتاب" كشفت عن زيارة بعض النواب للسجين بابك زنجاني، المحكوم بالإعدام بتهمة الفساد الشهيرة، حيث يتهمه القضاء الإيراني بأنه باع ملايين البراميل من النفط في فترة العقوبات ولم يُعد للبلاد أكثر من ملياري يورو.

وقد تساءلت صحيفة "آفتاب"، في تقريرها، عن سبب الزيارة، وسر علاقة هؤلاء البرلمانيين مع بابك زنجاني.

الأوضاع الاقتصادية المضطربة التي أبعدتها حادثة الطائرة المسيرة للصفحات الوسطى، رجعت اليوم إلى مكانها المعتاد في الصفخات الأولى.

صحيفة "آرمان" أثارت قضية البطالة، وقالت إنها تتفشى يومًا بعد يوم، وإن الشباب المتخرجين من الجامعات يشكلون القسم الأكبر من هذه الظاهرة.

أما صحيفتا "خراسان"، و"إسكناس" فقد تطرقتا إلى أوضاع السكن المتردية وأوضاع المستأجرين السيئة.

"آرمان": أميركا تبحث عن تفكيك إيران 

تحدث فريدون وردي نجاد، وهو مدير سابق لوكالة إيران الرسمية "إرنا" في حوار مع صحيفة "آرمان" عن ثلاثة تيارات في الحكومة الأميركية.

يرى وردي نجاد أن مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، وبسبب علاقته مع "مجاهدي خلق"، والمطالبين بالإطاحة بالنظام، يقود التيار المتشدد في البيت الأبيض، ويريد الحرب ضد إيران وحتى تفكيك البلاد.

أما وزير الخارجية مايك بومبيو، كما يعتقد الكاتب، فيميل للاعتدال وهو مقرب لوزارة الدفاع والاستخبارات الأميركية. وفي النهاية ترامب نفسه الذي لا يرغب في الحرب، وخلافًا لبعض تصريحاته، يفكر بالتفاوض مع إيران مثل معارضيه الديمقراطيين. 

ويقول وردي نجاد، وهو سفير سابق في الصين أيضًا، إن ترامب يبحث عن إنجاز سياسي وليس عسكريًا للفوز بالانتخابات القادمة، فيريد إبرام اتفاق مع إيران شبيه بالاتفاق النووي، لكن على طريقته ومزاجه.

ورغم ذلك، يقول الكاتب: "إن الاستراتيجية الأميركية طويلة الأمد تظل هي الاستمرار في مواجهة الجمهورية الإسلامية الإيرانية والعداء مع طهران، امتدادًا لسياسة أربعة عقود مضت".

"آفتاب": لماذا مددت مجموعة العمل المالية مهلة إيران؟

منحت مجموعة العمل المالية (FATF) مهلة زمنية أخرى لانضمام إيران لمعاهدة مكافحة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، حتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول) القادم.

وقالت صحيفة "آفتاب" إن منح إيران مهلة جديدة يأتي في حين أن مصير "FATF" في مجلس تشخيص مصلحة النظام، لا يزال مجهولاً، ويبدو أن الأوروبيين قاموا بمنح إيران مهلة جديدة إدراكا منهم بالظروف الإيرانية وحفاظًا على الاتفاق النووي.

وقد ذكر الدبلوماسي السابق، في مقال نشرته "آفتاب" أن البعض يأتي باستدلالات عجيبة حول أسباب عدم الموافقة على انضمام إيران للمعاهدة، ويقولون إن كوريا الشمالية لم تنضم لـ"FATF"، فلماذا تنضم إيران لهذه المعاهدة؟

ويرد الكاتب على هذا الاستدلال بأن "المبادلات والتعاملات الإيرانية مع العالم أكثر بكثير من كوريا الشمالية، كما أن بيونغ يانغ اختارت بنفسها العزلة عن العالم".

"همدلي": النفاق دليل على مجتمع لا يتمتع بالديمقراطية

حادثة مثيرة أخرى حول الحجاب بدت يوم أمس، بعد أن كشف مقطع فيديو للممثلة السينمائية والتلفزيونية المقربة للنظام، ستاره إسكندري، دون حجاب، تتجول في المحلات التركية.

المثير في الموضوع أن إسكندري كانت علاوة على التمثيل، تظهر في برامج تلفزيونية تدعم فكرة فرض الحجاب الإجباري.

ونقلت "همدلي"، ردود أفعال نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، عن نجوم السينما والتلفزيون الذين لا يلتزمون بمبادئ النظام وهم في الخارج.

وقال كثيرون إن ما قامت به الممثلة في عدم ارتدائها الحجاب، يعتبر حرية شخصية، وينبغي أن لا تلام عليه. في حين يرى آخرون أنه مؤشر على قمة النفاق، حيث يقوم هؤلاء بالدعاية لمبادئ الثورة، ومنها الحجاب، عبر الإعلام الحكومي، في حين يعملون خلاف ذلك عند سفرهم للخارج.

وقال الخبير الاجتماعي، أمان الله قرائي مقدم، في حوار مع "همدلي"، إن "النفاق له جذور تاريخية في إيران، ويرجع إلى أساليب التربية ونظام الحكم، وهو مؤشر على مجتمع لا يتمتع بالديمقراطية".