تشاهد صفحة من الموقع القديم لـ Iran International لم تعد محدثة. قم بزيارة iranintl.com لعرض الموقع الجديد.

خوف من التفاوض.. أم تفاوض بسبب الخوف؟

في العقد الثاني من الحرب الباردة، تحدث الرئيس الخامس والثلاثون للولايات المتحدة، جون كنيدي، في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم 25 سبتمبر (أيلول) 1961، وقال كلامًا حظى بترحیبب كبير من الحضور: "لا ينبغي أبدًا أن نتفاوض بسبب الخوف، ويجب أن لا نخاف أبدًا من المفاوضات".

باراك أوباما، الرئيس الرابع والأربعون للولايات المتحدة، قبل ثلاثة أشهر من توقيع الاتفاق النووي، وتحديدا يوم 25 مارس (آذار) 2015، أعاد كلمات سلفه البديعة، على أمل التوصل إلى اتفاق شامل حول البرنامج النووي الإيراني، وكان ذلك في معهد كنيدي، حيث اقتدى أوباما بفكرة سلفه بعد 54 سنة. 

بالطبع، كان أوباما محظوظًا، إذ تشكّل الاتفاق النووي في نفس العام، يوم 14 يوليو (تموز).

في 30 يوليو (تموز) 2018، بعد أكثر من شهرين بقليل من إعلان وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو عن المقترحات الاثني عشر، كشروط مسبقة لتفاوض حكومته مع إيران، قال دونالد ترامب خلال اجتماع مع رئيس الوزراء الإيطالي في البيت الأبيض، إن واشنطن مستعدة للتفاوض مع طهران دون أي شرط مسبق وفي أي مكان.

 

هل من الممكن أن تتفاوض إيران بداعي الخوف؟

في وقت سابق، قال مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، علي خامنئي: "لا نحارب ولا نتفاوض"، لكن، ما البديل الثالث الذي يمكن التعويل عليه، من أجل تجنب هذا التوتر في العلاقات الإيرانية الأميركية الحالية؟

بما أن المرشد الإيراني يعتبر أن الأولوية الرئيسية هي الحفاظ على النظام، فمن المحتمل أن يكون لديه بديلان:

الأول: شراء الوقت على أمل أن تنتهي فترة رئاسة ترامب في انتخابات 2020.

والبديل الثاني، كما حدث في الماضي: التفاوض بشكل غير رسمي أو سري مع ممثلي "الشيطان الأكبر". وهو ما يبدو أنه الاحتمال الأقرب في الظروف الحالية.

لقد أجرت الجمهورية الإسلامية، خلال السنوات الأربعين من عمرها، خمس محادثات على الأقل مع الأميركيين:

الأولى: اتفاقية الجزائر 1981، وهي اتفاقية تمت بين الولايات المتحدة وإيران لحل أزمة الرهائن الأميركيين.

والمرة الثانية: في عام 1985، في ذروة الحرب الإيرانية العراقية، وهي العلاقة السرية والمثيرة للجدل المعروفة باسم قضية "إيران كونترا".

والمرة الثالثة: الحوارات السرية مع إدارة جورج دبليو بوش في عام 2001 بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول).

والمرة الرابعة: المحادثات مع الولايات المتحدة بشأن العراق بعد سقوط صدام حسين في عام 2003.

وأخيرًا: المحادثات السرية مع الحكومة الحالية في عام 2015 بوساطة عمانية، والتي انتهت بالاتفاق النووي.

أظهرت سوابق الاتصالات السرية بين طهران وواشنطن، خلال العقود الأربعة الماضية، أن الجمهورية الإسلامية دخلت بعض هذه المفاوضات بسبب الخوف، وبعضها كان بدافع الأمل..

بعبارة أخرى، يمكن القول إن الحكومة الإيرانية، في حالات قليلة، أجرت محادثات حتمية مع الولايات المتحدة بسبب الخوف؛ وكانت مفاوضات الاتفاق النووي إحدى هذه الأمثلة؛ حيث خرجت من شكلها السري وانتهت بالاتصال المباشر والرسمي مع إدارة أوباما.

لقد أدت زيادة الضغوط الشديدة وغير المسبوقة من قبل الولايات المتحدة على إيران، التي تتصاعد يومًا بعد يوم، مع التطور التدريجي للعقوبات المختلفة، إلى أن ترغب إيران في الحوار مع الولايات المتحدة، وهو ما يمكن تلمُّس علاماته الآن، على الأقل في شكله السري.

إن أحد الأسباب وراء رغبة إيران المتزايدة في الدخول في مفاوضات مع واشنطن، هو تطورات الأحداث مؤخرًا في الولايات المتحدة، وهو تبرئة ترامب نسبيًا، وربما ظاهريًا، في قضية الانتخابات الرئاسية لعام 2016، والتي كان ترامب متهمًا فيها بطريقة أو بأخرى بالتواطؤ مع روسيا؛ وقد منحت هذه البراءة ترامب فرصة أفضل للفوز بفترة ثانية في الرئاسة.

من ناحية أخرى، يبدو أن الحكومة الإيرانية توصلت إلى استنتاج يفيد بأنه حتى مع احتمال عدم انتخاب دونالد ترامب لولاية ثانية ومجيء رئيس ديمقراطي مكانه، أو مجيء جمهوري يقوم بإصلاح سياسة الحرب الحالية للبيت الأبيض، حتى رغم هذا، فإن الوقت المتبقي ليس قليلاً بالنظر لتراجع قدرة إيران على تحمل العقوبات المتزايدة في المجالين المصرفي والنفطي، وصناعة المعادن التي تمت إضافتها مؤخرًا. فعلى الرغم من إجراء الانتخابات الرئاسية القادمة في أميركا، العام المقبل أواخر شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، إلا أن الرئيس المحتمل الذي يمكن أن يحل محل ترامب ويقوم بتغيير سياساته، سيبدأ العمل رسميًا أواخر يناير (كانون الثاني) 2021. يعني بعد فترة تنفيذية تقترب من العامين.

 

هل تخاف الجمهورية الإسلامية من المفاوضات؟

على الرغم من الرجوع إلى خمس محادثات ناجحة بين الولايات المتحدة وإيران، فإن منطق هذا النوع من الدبلوماسية يقول إن طهران لا تخاف من التفاوض مجددًا مع واشنطن، لكن لا يمكن تعميم هذه النظرية على المفاوضات الحالية المحتملة لعدة أسباب.

أولاً: لأن دونالد ترامب ليس الشخص الذي يمكن الاعتماد على خطبه أو اقتراحاته، حيث إن سجله مكتظ باتخاذ الموقف والتراجع عنها.

ثانيًا: إن السرية ليست هي الخيار الصحيح للمفاوضات، وإذا حدث ذلك، فإن ترامب ليس هو الشخص الذي يمكنه الصمود وتحمل عدم الإفصاح المبكر. بل إن ترامب، على العكس من ذلك، من نوعية الأشخاص الذين يريدون أن تكون كل الشؤون الدبلوماسية معلنة وصريحة، والأهم من ذلك، أن تُسجّل باسمه وعنوانه، لأن شخصية وخلفية حياته المهنية، خاصة عمله كمقدم تلفزيوني قبل دخول البيت الأبيض، تشير إلى أن "محورية الأنا" مهمة جدًا بالنسبة له.

السبب الثالث: أن لدى دونالد ترامب دائرة مؤثرة، مثل جون بولتون المتطرف والمعروف بخصومته لإيران، وكذلك مايك بومبيو، الذي لا يختلف كثيرًا عن بولتون، وفي بعض الحالات المحدودة، فإن ترامب نفسه عارض سياساتهما التي تدفع باتجاه الحرب مع إيران؛ ولم يكن هذا هو الحال مع باراك أوباما، خاصة عندما لعب جون كيري وزير الخارجية، دورًا قياديًا في المحادثات التي انتهت بالاتفاق النووي مع إيران.

السبب الرابع: توجه البيت الأبيض الشديد للحفاظ على مصالح إسرائيل، وفي المرحلة الثانية، المملكة العربية السعودية، باعتبارهما حليفتان وثيقتان للولايات المتحدة في عهد ترامب. ومن دلائل ذلك: الانسحاب من الاتفاق النووي، ومؤخرًا إدراج الحرس الثوري في القائمة الأميركية للمنظمات الإرهابية، والتي تعد إملاءً إسرائيليًا على الولايات المتحدة.

السبب الخامس: نموذج مباحثات كوريا الشمالية غير الناجح، وهو مما يخيف الجمهورية الإسلامية من إجراء حوار مع الولايات المتحدة، فعلى الرغم من ضجيج ترامب حول نجاحه، بعد جولتين من المحادثات بين زعيم كوريا الشمالية ورئيس الولايات المتحدة، اختبرت بيونغ يانغ مرة أخرى، في الأسبوع الماضي، عددًا من الصواريخ قصيرة المدى، مع قدرات متعددة الوظائف، كعلامة على عدم الرضا. وبالإضافة إلى ذلك، اشترط الزعيم الكوري لمواصلة المحادثات مع الولايات المتحدة استبدال شخص آخر بمايك بومبيو.

وعلى الرغم من أن مثل هذه التجارب والسجلات تجعل إيران متشائمة أو خائفة من التفاوض مع الولايات المتحدة، لكن الجمهورية الإسلامية، لسوء الحظ، لا ترى أي خيار آخر لنفسها كبديل مناسب للخوف من التفاوض، أو على الأقل الدخول في علاقة تفاوض سرية مع البيت الأبيض.

 

هل تحتاج واشنطن للتفاوض مع طهران؟

أثناء اجتماع يوليو (تموز) الذي سبقت الإشارة إليه، مع رئيس الوزراء الإيطالي، أقر ترامب بالقول: "إنني أؤمن بالتفاوض"، مضيفًا: "لن أفعل ذلك من منطلق القوة أو الضعف".

وعلى الرغم من أن حكومة الولايات المتحدة لا تبحث عن التفاوض مع إيران بسبب الخوف، ولا تخاف من التفاوض مع إيران، إلا أن ترامب يحتاج إلى قدر من هذه المواجهة الدبلوماسية الإيجابية. لأن:

أولاً: إذا بدأت الولايات المتحدة حربًا مع إيران، بغض النظر عن نتائجها، فسيكون ترامب خاسرًا في الانتخابات الرئاسية القادمة؛ وهو ما لا يريده ترامب، حيث إن مثل هذه التجربة المريرة بعدم التأهل لولاية ثانية في البيت الأبيض، واجهها جورج بوش الأب، بسبب مشاركته في حرب الخليج (1990 – 1991).

ثانيًا: البيت الأبيض مشغول بثلاث قضايا مفتوحة على مستوى العالم، (كوريا الشمالية، وفنزويلا، وإيران)، ولكن من حيث الجغرافيا السياسية، والجغرافيا الاقتصادية، فإن الجمهورية الإسلامية أهم من الاثنتين، قطعًا.

لذلك، إذا تمكن ترامب من إنهاء الصراع مع إيران بمفاوضات تنتهي بمصالحة، فسوف يحقق إنجازًا كبيرًا يتجاوز ضمان النجاح في التأهل إلى الجولة الثانية من الرئاسة. خاصة عندما تكون الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حسب قوله، أكبر مهدد للعالم وأكبر راع للإرهاب.

والآن، بعد أن أرسل الطرفان الإيراني والأميركي، رغم العداوة الطويلة الأمد، إشارات على الرغبة في إجراء حوار، فإن هناك أملاً قويًا في أن يتم التغلب على خطر نشوب أي صراع عسكري بين طهران وواشنطن؛ سواء كانت الجمهورية الإسلامية مضطرة للحوار بسبب الخوف، أو متشائمة حيال ذلك، وسواء كانت إدارة ترامب بحاجة لهذا الحوار، أو على الأقل تتطلع إليه.

 

صحافي ومحلل سياسي
إيران بالمختصر
ذكرت صحيفة "همشهري" الإيرانية أن بعض الأشخاص، ومن خلال وصولهم إلى أنظمة وزارة الصحة، يقومون بإصدار شهادات لقاح "استرازينكا" مزورة بمقابل يتراوح ما...More
قال صدر الدين عليبور، مدير منظمة إدارة النفايات في بلدية طهران، إن المنظمة قررت استبدال صناديق النفايات الموجودة في طهران بصناديق مغلقة؛ حتى "لا...More
أعلن محمود نيلي، رئيس جامعة طهران، عن إرسال رسالة إلى رئيس السلطة القضائية في إيران، غلام حسين محسني إجه إي، من أجل الإفراج عن الطالب السجين كسرى...More
ذكرت صحيفة "شرق" أنه لا يمكن للإيرانيين المقيمين في جورجيا العودة إليها. وكتبت أنه حتى الإيرانيون الذين يحملون جوازات سفر وبطاقات إقامة جورجية ظلوا...More
أفادت وسائل إعلام هندية عن إيقاف زورق إيراني يحمل هيروين. وكانت وسائل إعلام هندية قد قالت إن حرس الحدود وشرطة مكافحة الإرهاب ضبطوا زورقًا إيرانيًا...More