تشاهد صفحة من الموقع القديم لـ Iran International لم تعد محدثة. قم بزيارة iranintl.com لعرض الموقع الجديد.

القمع الدموي لاحتجاجات نوفمبر.. والمستقبل السياسي لروحاني

مهما يبدو من أن الاحتجاجات في الأسابيع الماضية والأحداث التي شهدتها إيران قد انتهت، فإن آثارها ستبقى طويلاً، وربما تحمل مؤشرات مهمة لمستقبل إيران. ويمكن أن نعتبر قيام احتجاجات نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، وقمعها أو "القضاء عليها" كما يقول المسؤولون في الجمهورية الإسلامية، نقطة مهمة في تاريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إن لم يكن في الوقت الراهن، فإنها ستترك أثرًا مهمًا للمستقبل.

 

نهاية عملية الانفصال

النتيجة الأولى، وربما الأهم، لاحتجاجات نوفمبر (تشرين الثاني)، وردة فعل الحكومة عليها، كانت اكتمال عملية الانفصال، التي بدأت منذ عقدين على الأقل، بين الحكومة والمواطنين، وتعمقت تدريجيًا لتصبح الاحتجاجات وقمعها الشعرة التي قصمت ظهر البعير. 

إن رد فعل نظام الجمهورية الإسلامية، ولا سيما شخص آية الله علي خامنئي، على احتجاجات الشباب، الذين کانوا، باعتراف المسؤولين أنفسهم، عاطلين عن العمل وفقراء، عكس من ناحية عدم تحمّل النظام تمامًا للنقد أو الاحتجاج، مهما كان سلميًا. ومن ناحية أخرى، فإن المرشد الإيراني مع كمية الكراهية التي أظهرها في تصريحاته للشباب المحتجين، بدا أنه غير قادر وغير راغب في الإصغاء إلى هموم الشباب والمواطنين الذين يعيشون في بؤس وفقر مُدْقع.

 

ديكتاتورية المرشد

من النتائج الأخرى لهذه الاحتجاجات، إقصاء مؤسسات مثل البرلمان ومجلس تشخيص مصلحة النظام، من عملية صنع القرار. وخلال العقود الثلاثة الماضية أصدر المرشد الإيراني أوامر كثيرة باستحداث مؤسسات مختلفة، وآخرها كان تشكيل مجلس التنسيق الاقتصادي لرؤساء السلطات الثلاث، في مايو (أيار) 2018، عقب احتجاجات ديسمبر (كانون الأول) 2017. ولكن إلى جانب هذه المؤسسات التي يتجاوز بعضها القانون، توجد مؤسسات تحت تصرف المرشد تسمى مؤسسات استشارية تتخذ قرارات سياسية واجتماعية واقتصادية مهمة، بمنأی عن الحكومة والهيئات المنتخبة الأخرى.

وفي قضية رفع سعر البنزين، لم يُفاجأ البرلمان فحسب، بل وفقًا لما قاله النائب علي مطهري فإن "الحكومة والبرلمان كانا من معارضي رفع سعر البنزين وتم اتخاذ القرار بناء على إصرار المرشد". أمّا مجمع تشخيص مصلحة النظام، والذي يتوجب عليه كما يوحي اسمه، أن يقرر ما إذا كان رفع سعر البنزين مناسبًا في هذه الظروف أم لا، فلم يلعب أي دور في هذا القرار. وعليه فإن هذه المرة كانت الأولى التي تحمّل فيها المرشد الإيراني شخصيًا وعلنًا مسؤولية اتخاذ هذا القرار، في الوقت الذي كان يتهرب فيه سابقًا من تحمّل المسؤولية.

 

"وحدة كلمة" مكونات النظام

أيضًا من النتائج المهمة الأخرى لاحتجاجات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كان التفاف كل الفصائل السياسية حول آية الله علي خامنئي وإدانتهم للمتظاهرين والدفاع عن قمع المعارضين. نرى في هذا السياق بيان عدد من الإصلاحيين، حيث أسرعت أغلب الشخصيات الإصلاحية البارزة إلى مساندة المرشد، فيما التزم عدد قليل منهم الصمت.

أهم ما يمكن ملاحظته في هذه الأيام هو التغيير في سلوك وخطاب الرئيس حسن روحاني، الذي وحد موقفه مع المرشد الإيراني، واصفًا مئات الآلاف من المتظاهرين "بالأشرار"، وأيد قرار قمعهم الدموي.

حسن روحاني ضاعف ردود الفعل والهجوم عليه، عندما ادعى أنه لم يكن على علم بتوقیت رفع سعر البنزين. بالإضافة إلى اتهامه بالاستهزاء باحتجاج المواطنين وإهانة قتلی الاحتجاجات، فقد اتخذ الخطوة الأكبر للابتعاد عن الشعب. 

بشكل عام يمكن القول إن حسن روحاني من خلال تصريحاته ومواقفه ضد المتظاهرين ومطالبهم، اختار المرشد الإيراني على الشعب.

وعلى الرغم من دعم حسن روحاني الكامل للمرشد الإيراني، فإن التيارات القوية المعارضة له التي حاولت عزله في البداية، لم تكف عن انتقاده، ليس ذلك فحسب، بل زادت من هجماتها. ومع استقالة عدد من الوزراء ومطالبة عدد من النواب بعزل وزراء آخرين، دعا المعارضون لروحاني إلى الإطاحة بالحكومة. ويبدو أن هذا الضغط قد يجعله أقرب أكثر إلى المرشد الإيراني.

في هذه الأثناء، يبدو أن خصوم حسن روحاني نجحوا في تحميل الرئيس مسؤولية الاحتجاجات أمام الرأي العام ليظهر المرشد الإيراني كالمظلوم، ويشير هؤلاء إلى خطاب حسن روحاني في يزد الذي تحدث فيه عن العجز في الميزانية وهاجم إبراهيم رئيسي والمتشددين، مستنتجين من ذلك أن الرئيس فعل ذلك عن عمد ليثير سخط الناس. 

وحسب رئيس تحرير الصحيفة الأسبوعية "صدا"، محمد جواد روح، فإن "حسن روحاني رفع سعر البنزين عن عمد ليثير غضب الناس أكثر، وفي الحقيقة لقد راهن على ذلك لتهيئة الأجواء للمفاوضات، لكن المرشد تصدى له".

يروج منتقدو روحاني إلى أن إشارته الواضحة إلى المشاكل الاقتصادية وهجومه على من يعارضون المفاوضات، حملت رسالة مفادها أن روحاني أراد الذهاب إلى طاولة المفاوضات مع أميركا بأي ثمن كان. لذلك قام روحاني- حسب المتشددين- بزيادة سعر البنزين لإثارة سخط المواطنين على الظروف الاقتصادية السيئة ودفع إمكانية المساومة على المفاوضات من الأسفل إلى الأعلى.

يتجاهل أصحاب هذا الموقف، في شرحهم لأسباب الاحتجاجات، اعتراف المرشد الإيراني بأنه شخصيًا اتخذ هذا القرار، وكيف تعامل مع الاحتجاجات. كما أن هناك ملاحظة أخرى تضعف صحة الادعاء وهي إذا كان حسن روحاني قد فعل ذلك بالفعل، لماذا جاءت ردة فعله ضد الشعب غير مدروسة. لو كان الأمر كذلك لما كان عليه إظهار كل هذا العداء وإهانة الشعب والمتظاهرين، كان بإمكانه استخدام لغة أخرى ضد الاحتجاجات يقنع فيها المرشد والجمهور ولا يثير كل هذه الكراهية ضده.

 

سياسة روحاني المضطربة تجاه خامنئي

على الرغم من أن موقف حسن روحاني وخطابه على مدار العام الماضي أظهر مؤشرات تقربه من الحرس الثوري وحتى المرشد الأعلى، إلا أنه ينبغي اعتبار موققه الأخير المساند للمرشد الإيراني وقمع المطالب المشروعة للشباب المحتجين في نوفمبر (تشرين الثاني) نقطة تحول مهمة في حياة روحاني السياسية. 

بطبيعة الحال، تم طرد حسن روحاني اليوم من كل مكان، ولم يبق له ملجأ سوى المرشد الإيراني.

ورغم كل هذا، لا ينبغي أن ننسى أن حسن روحاني هو الذي أقنع المرشد الإيراني بقبول الاتفاق النووي. كما أن حسن روحاني هو نفسه الذي سعى إلى فتح الأبواب أمام الاستثمار الغربي في إيران والازدهار الاقتصادي، بسياسته (التعامل البناء) استنادًا إلى الاتفاق النووي. 

لقد كان حسن روحاني واحدًا من الشخصيات القليلة غير الأصولية التي تجرأت مرارًا، وعلى العلن، على تحدي سياسات المرشد الإيراني الخاطئة والمسببة للأزمات، وذلك عندما ناقش قرار 2030 التابع لليونيسكو قبل عامين، حيث قال حسن روحاني، في رد فعل على انتقاد المرشد له، إنه ربما وصلت إلى الأخير تقارير غير صحيحة. مما اضطر آية الله علي خامنئي ليرد على تصريحات الرئيس روحاني قائلاً: "إنهم يعتقدون أننا لم نحصل على تقارير صحيحة"، وذلك خلال اجتماع مع الطلاب دعاهم فيه إلى المبادرة بالتصرف ذاتيًا (7 يونيو/ حزيران 2017).

وقبل أيام من ذلك اللقاء وفي ذكرى وفاة آية الله الخميني (4 يونيو/ حزيران 2017) أشار المرشد الإيراني إلى سياسته مع أميركا قائلاً: "التحدي مكلف ولكن المفاوضات أيضًا مكلفة جدًا.. إذا واجه المرء تحدیًا ما، بثقة ومنطق وعقلانية ثورية ستكون فاتورته أقل بكثير من فاتورة التفاوض". 

ورد حسن روحاني، بعد أسبوع، بقوله: "الأمر يتطلب الكثير من الشجاعة لكي يقف الإنسان أمام الأعداء ويمد يده للسلام من أجل مصالح المجتمع الإسلامي... الصبر والتروي من أجل السلام أصعب من الصبر والمقاومة في ساحات الحرب... التضحية والشجاعة في ساحة المعركة أمر صعب ولكن تحمّل السلام أكثر صعوبة من القتال".

كما تحدّى حسن روحاني أيضًا خامنئي وآراءه حول قضية انضمام إيران إلى اتفاقية باليرمو والانضمام إلى مجموعة العمل المالي الدولية (FATF)، وذلك دون أن يذكر اسمه.

مع كل هذه المعطيات، ونظرًا إلى الأثر العميق الذي تركته احتجاجات نوفمبر (تشرين الثاني) علی نظام الجمهورية الإسلامية ومستقبله، فإنه ما زال من المبكر التكهن بمستقبل حسن روحاني السياسي، لأن مستقبل النظام أيضًا غير واضح. ومن غير المستبعد أن يصبح حسن روحاني هو المسؤول الوحيد عن الاحتجاجات والقمع، ويجبر على التضحية والاستقالة. 

أما الآن، وبسبب حالة ما بعد الاضطرابات، وفضيحة المرشد الإيراني بإعطائه الأمر بإطلاق النار وقتل المتظاهرين، يبدو أن خامنئي وآخرين في حالة اضطراب. كما أن الانتخابات البرلمانية المقبلة في فبراير (شباط) القادم، ستعكس- إلى حد ما- وضع النظام الإيراني ومرشده علي خامنئي.

إيران بالمختصر
ذكرت صحيفة "همشهري" الإيرانية أن بعض الأشخاص، ومن خلال وصولهم إلى أنظمة وزارة الصحة، يقومون بإصدار شهادات لقاح "استرازينكا" مزورة بمقابل يتراوح ما...More
قال صدر الدين عليبور، مدير منظمة إدارة النفايات في بلدية طهران، إن المنظمة قررت استبدال صناديق النفايات الموجودة في طهران بصناديق مغلقة؛ حتى "لا...More
أعلن محمود نيلي، رئيس جامعة طهران، عن إرسال رسالة إلى رئيس السلطة القضائية في إيران، غلام حسين محسني إجه إي، من أجل الإفراج عن الطالب السجين كسرى...More
ذكرت صحيفة "شرق" أنه لا يمكن للإيرانيين المقيمين في جورجيا العودة إليها. وكتبت أنه حتى الإيرانيون الذين يحملون جوازات سفر وبطاقات إقامة جورجية ظلوا...More
أفادت وسائل إعلام هندية عن إيقاف زورق إيراني يحمل هيروين. وكانت وسائل إعلام هندية قد قالت إن حرس الحدود وشرطة مكافحة الإرهاب ضبطوا زورقًا إيرانيًا...More