تشاهد صفحة من الموقع القديم لـ Iran International لم تعد محدثة. قم بزيارة iranintl.com لعرض الموقع الجديد.

"أين ابنك" ؟.. حملة تطارد المسؤولين الإيرانيين

مع تفاقم الأزمة الاقتصادية وصعوبة سبل العيش لغالبية الإيرانيين، لا سيما الباحثين عن العمل من الشباب العاطل، في هذه الظروف أصبح السلوك الاجتماعي لأبناء بعض المسؤولين الحكوميين و"الریعیة"، من الأمور المثیرة للاحتجاج في المجتمع، حيث تم إطلاق حملة لافتة وذات مغزى على وسائل التواصل الاجتماعي، حملة تضع المسؤولين الحكوميين أمام سؤال یبعث على التأمل: "أين ابنك؟".

تسعى الحملة، كما أبرز الناشطون ومن یواليهم، إلى توضيح مداخيل وظروف معيشة أبناء مسؤولي النظام، ووضع مكافحة الفساد والمحسوبیة وإساءة استخدام المال العام والریعیة والكرامة الاجتماعیة على القائمة. قوبلت الحملة برد فعل إيجابي، بالإضافة إلى تعاطف بعض الشخصيات الحكومية (بما في ذلك بعض وزراء حكومة الرئیس روحاني والنواب)، وأیضًا من قبل نشطاء بارزین مدنیین.

وتتساءل الحملة عن تداعيات غياب الشفافية على نظام الحكم، وضغط الرأي العام ضد الریعیة، وإن كان بشكل غیر مباشر.

متى بدأت القصة؟

يمكن القول، بكل تأكيد، إنه منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في بدایة الثمانینيات، وعندما اندلعت الحرب مع العراق، طُرح سؤال حول وضعیة أقارب- وخاصة أبناء- المسؤولين. وبدأ السؤال نفسه يوجّه للمسؤولين بشكل متزايد، بعد انتهاء الحرب ومع بداية حقبة "الإعمار" كما سُميت. آنذاك، كان الرئيس هاشمي رفسنجاني واحدًا من أهم الشخصیات السياسية الفاعلة في السلطة التي تم انتقادها كثيرًا في هذا الصدد.

في السنوات الأخيرة، وبعد الانتخابات التي يغلفها الغموض والإبهام عام 2009، تم توجيه الأسئلة نفسها وطرح القضايا الجادة على أحفاد زعيم الجمهورية الإسلامية، وخاصة مجتبى خامنئي، الذي یعدّ أحد البدائل لخلافة قيادة النظام. كما تم ربط مسألة الدخل والأوضاع المعيشية لأبناء المسؤولين الحكوميين، في السنوات الأخيرة على الأقل، بكلمتين رئيسيتين؛ الأولى: "آغازاده" (أبناء وأقارب المسؤولین)، والنسخة الأحدث "الجين الجيد" (أصحاب الجینات الأفضل)؛ فقبل بضع سنوات، على سبيل المثال، ذكر علي رضا سليمي، عضو البرلمان، أن نحو 3000 من أبناء المسؤولین يتابعون دراسات عليا ودراسات الدكتوراه في الخارج. وفي العام الماضي، أبلغت وكالة "تابناك" الإخبارية المقربة من محسن رضائي، سكرتير مجلس تشخيص مصلحة النظام، عن وجود أربعة آلاف من أبناء المسؤولين یدرسون في الخارج.

المفاجآت في هذا المجال ليست قلیلة؛ فقد ادّعى محمود بهمني، رئيس البنك المركزي في حكومة أحمدي نجاد، أن "رصيد حسابات أبناء المسؤولین يتجاوز احتياطيات النقد الأجنبي في الخارج". وادعى أيضًا أن "رصید حسابات أبناء المسؤولین في البنوك الأجنبية بلغ 148 مليار دولار.. واللافت أن عدد هؤلاء في الخارج يقدر بـ5000 شاب". وقال إن 3000 منهم فقط كانوا يدرسون. وتساءل فی الوقت نفسه عما يفعله الباقون.

أما ابن محمد رضا عارف، رئيس المجلس الأعلى لإصلاح السياسة ورئيس الفصيل البرلماني، فقد أطلق، في الصيف الماضي، تعبير "الجين الجيد"، فأثارت تصريحاته صدىً سلبيًا واسعًا في هذا السياق، وتزامنًا مع انتشار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ولا سيما "تلغرام" و"إنستغرام" و"تویتر"، فضلاً عن إعادة طباعة الصور ومقاطع الفيديو والأخبار والبيانات حول مستوى معيشة بعض المسؤولين الحكوميين، مثل ابن سفير الجمهورية الإسلامية في الدنمارك، وابن الرئيس السابق للبنك المركزي، وابن السفير السابق في المكسيك وفنزويلا، وأحفاد الخميني، فأصبحت قضايا الریعیة لأبناء المسؤولین، مرة أخرى، من القضايا المهمة في وسائل التواصل الاجتماعي. ورغم الترحيب الواضح بهذه الحملة من قبل الأصولیین بسبب نقدها للحكومة، فقد تم توسيعها علی أيدي الإصلاحيين والمواطنين المستقلين عن الفصائل السياسية.

شفافیة بعض المسؤولين

محمد جواد ظريف، وزير الخارجية وحسام الدين آشنا، مستشار الرئيس وشهیندخت مولاوردي، مساعدة حقوق المواطن لروحاني ومسعود بزشكیان، النائب الأول لرئيس البرلمان وصالحي أميري، وزير الإرشاد السابق.

هؤلاء هم الذين أجابوا بالفعل على سؤال "أين أبنك؟".

وزير الخارجية ظريف قال إن أولاده تخرجوا بعد إكمال مهمته في الأمم المتحدة، وعادوا إلى إيران قبل ست سنوات، ويعيشون ويعملون مع عائلاتهم في طهران. وأضاف: "ابنتي مصممة ديكور وتعيش مع زوجها وابنتها في طهران، وهي مهتمة أكثر بتربية طفلتها، وفي بعض الأحيان تقوم بتصميم ديكورات لأصدقائها وأقاربها.. ولدي ابن حاصل على درجة البكالوریوس في الهندسة الكهربائية ودرجة الماجستير في التسويق، وهو مع زوجته وابنته یعیشون في طهران، ولم يحصل على وظيفة ویقوم بالعمل الاستشاري في مجال التسويق.

مولاوردي، مساعدة روحاني لشؤون الحقوق المدنية، كتبت على "تويتر": "ابنتي الأولی، حصلت على البكالوريوس والماجستير في اللغة والأدب الإنجليزي، على التوالي، من جامعة طهران، وشهيد بهشتي.. ليس لديها وظیفة ثابتة وتعمل مترجمة مستقلة. والثانية خریجة فن الرسم من جامعة شاهد وتشارك في التدريب في المجال الفني والمهني لصناعة المجوهرات".

أما بزشكیان، نائب رئيس البرلمان، الذي انتقده أحد المندوبين واتهمه في جلسة الاستماع أمام أعضاء البرلمان، فقد قال: "كان لدي أربعة أطفال، توفي أحدهم.. وحصل أحد أبنائي على درجة الدكتوراه في الفيزياء، بمعدل دراسي یفوق 17 درجة من جامعة شريف، وهو الآن عضو هيئة التدريس بجامعة سهند. والآخر يعمل على إكمال أطروحة الدكتوراه في هندسة الكهرباء، وهو في منحة دراسية في الخارج، ولكنة الآن في إيران. كما حصلت ابنتي على درجة الماجستير في الكيمياء من جامعة شريف، وهي موظفة في شركة (جم) والتي أثاروا كل هذا الضجیج بسببها، وقد تم توظیفها قبل ست سنوات براتب نحو أربعة ملايين تومان، وهي ليست رئیسة، ولا عضوة في مجلس الإدارة".

كما انضم للحملة علي ربيع، وزير العمل والرعاية الاجتماعية المُقال مؤخرًا، فأجاب على حسابه في "تويتر" على حملة "أين ابنك؟"، بأن جميع أبنائه درسوا في الجامعات الإيرانية؛ "ولیس لدیهم عمل حكومي، وابنتي الوحيدة تهتم بتربية وتعليم أطفالها".

كما قال صالحي أميري، رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية ووزير الإعلام السابق، عن أولاده: "لدي ثلاث بنات؛ ابنتي الكبرى متزوجة وحاصلة على ماجستير في الإدارة، ولیس لدیها أي وظیفة حكومیة أو خاصة. ابنتي الثانية مهندسة معمارية، وحاصلة على ماجستير في الهندسة المعمارية، ولیس لديها وظيفة رسمية، وتعمل في مجال تخصصها بشكل خاص. الابنة الثالثة تدرس في جامعة طهران".

نقد من زاوية مختلفة

رغم أن حملة "أين ابنك؟" تنتشر على المواقع الاجتماعیة وتتساءل باستمرار عن المسؤولين الحكوميين، فإنها لا تجد تعاطفًا كاملاً؛ كما كتب صادق زيباكلام، أستاذ ومحلل سياسي، في مقال في جريدة "آفتاب یزد": "أرى في طبيعة مثل هذا العمل طبقات خاصة من الطوبائیة، لا ينبغي أن تقیدنا مثل هذه التيارات. ربما يكون جميع أبناء أحد المسؤولین في واشنطن وجميع أبناء مسؤول آخر في أصفهان أو قم أو طهران.. كیف نحكم أن المسؤول الثاني يخدم البلاد؟ ومن أين نعرف أن الأول الذي يعيش أولاده في الخارج لا یخدم البلاد؟ ولماذا، إذا كان أبناؤه يعيشون في إسلامشهر وسوسا، فهو بالضرورة موالٍ للبلاد، وإذا كان أحد أبنائه في باريس، فهو خائن لإيران؟".

وشدد على أنه لا ينبغي أن "نستسلم لهذا الضجیج الإعلامي.. المعيار هو نزاهة الناس، لا أن نبحث أين يعيش أبناء هذا الشخص أو ذاك". وأضاف أنه "يجب على وسائل الإعلام التصدي بحزم والدفاع عن الحقيقة، بدلاً من الضجیج الإعلامي وخداع الرأی العام".

لكن يبدو أنه بعيدًا عن مكان إقامة أبناء المسؤولين، أو نوعية حياتهم، فإن اهتمام مسؤولي الحملة هو توضيح مصادر دخل أبناء المسؤولين الحكوميين، ونقد الهيكل السياسي؛ نقد یستند على مصادر إيرادات الحكومة والآثار المترتبة على الاتصال بالسلطة.

هكذا، زاد طرح الأسئلة المتعلقة بالموضوع، من الأبناء إلى الأقارب وأفراد عائلات المسؤولين..

مصیر الحملة

بغض النظر عن حدود حملة "أين ابنك؟"، ومدى توسعها، فإن هناك نقطة مهمة هي جهود الفاعلين في المجتمع المدني في إيران لمنع استغلال الموارد والریعیة الحكومیة والمصالح القائمة على القرابة، حتى إن مجموعة من الناشطين الإصلاحيين طالبوا بمساءلة محمد رضا عارف.

مع وجود الحكم الاستبدادي السائد في الهيكل السياسي للسلطة، وغياب حریة وسائل الإعلام وعدم حمايتها، ووجود الریعیة، وإساءة استخدام الموارد العامة، وعدم وجود سلطة قضائية مستقلة وعادلة ونزيهة، ووجود انتقادات من قبل كثير من القوى السياسية، فإن ظهور واستمرار مثل هذه الحملات يدلان على نوع من مقاومة المجتمع المدني الإيراني ضد انتشار الفساد وانعدام الشفافية في الحكومة. وحتى أبعد من ذلك، أي من أجل مكافحة الوضع السيئ السائد.

ومن وجهة نظر مختلفة تمامًا، وفي سياق سؤال "أين ابنك؟"، لا یقل عدد المواطنين الذين یستخدمون اسم جوهر عشقي (والدة ستار بهشتي، وهو مدوّن توفي تحت تعذيب الشرطة السیبرانیة)، وبروين فهیمي (والدة سهراب أعرابي من مشاهير ضحايا الحركة الخضراء عام 2009) على وسائل التواصل الاجتماعي، بسؤالهما في سياق حملة: أين ابنك؟

إنه سؤالٌ لافت وذو مغزى، يشير إلى القمع والاستبداد في السلطة، تزامنًا مع التربح غير المشروع لأبناء بعض المسؤولين الحكوميين، ویشكل احتجاجًا على الانتهاك الجسيم للحقوق الأساسية للمواطنين الفقراء.

 

محلل سياسي وخبير في الشأن الإيراني
إيران بالمختصر
ذكرت صحيفة "همشهري" الإيرانية أن بعض الأشخاص، ومن خلال وصولهم إلى أنظمة وزارة الصحة، يقومون بإصدار شهادات لقاح "استرازينكا" مزورة بمقابل يتراوح ما...More
قال صدر الدين عليبور، مدير منظمة إدارة النفايات في بلدية طهران، إن المنظمة قررت استبدال صناديق النفايات الموجودة في طهران بصناديق مغلقة؛ حتى "لا...More
أعلن محمود نيلي، رئيس جامعة طهران، عن إرسال رسالة إلى رئيس السلطة القضائية في إيران، غلام حسين محسني إجه إي، من أجل الإفراج عن الطالب السجين كسرى...More
ذكرت صحيفة "شرق" أنه لا يمكن للإيرانيين المقيمين في جورجيا العودة إليها. وكتبت أنه حتى الإيرانيون الذين يحملون جوازات سفر وبطاقات إقامة جورجية ظلوا...More
أفادت وسائل إعلام هندية عن إيقاف زورق إيراني يحمل هيروين. وكانت وسائل إعلام هندية قد قالت إن حرس الحدود وشرطة مكافحة الإرهاب ضبطوا زورقًا إيرانيًا...More