تشاهد صفحة من الموقع القديم لـ Iran International لم تعد محدثة. قم بزيارة iranintl.com لعرض الموقع الجديد.

العملة الإيرانية.. الأصفار والمآزق

لعدة مرات في الثلاثين سنة الماضية، احتدم الجدل حول إصلاح العملة الوطنية في إیران، من خلال إزالة الأصفار، وتقدّم إلى مرحلة اعتماده من قبل النظام التنفيذي في البلاد.

ووفقًا لمصادر طهران الرسمية، أقرت حكومة جمهورية إيران الإسلامية، في اجتماعها يوم 31 یولیو (تموز) الماضي، برئاسة حسن روحاني، مشروع القانون المقترح من البنك المركزي لتغيير العملة الوطنية من الريال إلى التومان وإزالة أربعة أصفار، بحيث إذا تجاوز مشروع القانون الذي أقرّه البرلمان حاجز مجلس صيانة الدستور، فإن كل ورقة مالية فئة 10.000 ريال ستصبح ورقة واحدة فئة تومان واحد.

 

تجارب حلوة ومرة

إن فكرة إزالة الأصفار، من أجل زيادة قیمة العملة الوطنية، أثیرت في إيران منذ عقد التسعینيات المیلادي، ثم أخذت على محمل الجد في عام 2007، عندما تشكلت، بمبادرة من الرئيس محمود أحمدي نجاد، لجنة في البنك المركزي لإزالة ثلاثة أصفار من الأوراق النقدية. بعد هذه المبادرة، التي فشلت، بذل الرئيس العاشر وخَلَفُه، المزيد من الجهود في إطار إزالة الأصفار، وكلها فشلت. 

هذه الجهود، مثل قرار مجلس الوزراء الأخير، كانت مستوحاة من تجربة البلدان التي خفضت، خلال القرن الماضي، عدد الأصفار في العملات المعدنية والأوراق النقدية، بسبب مواجهة التضخم الشديد وانهيار عملتها الوطنية، لإعادة الثقة إلی اقتصادها وعملتها الوطنية.

تعود أقدم صورة في التاريخ المعاصر للانهيار المدمر للعملة الوطنية، إلى ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى، فبعد الهزيمة العسكرية والانهيار الاقتصادي والتضخم المفرط، کان المواطن الذي یرغب بشراء الخبز یضع کمًا کبیرًا جدًا من النقود على الفرغون (مركبة ذات عجلة ومقبضین مستخدمة في الإنشاء) ويذهب إلى المخبز. تمكنت جمهورية "فايمار" من إخراج العملة من الأزمة، إلی حد ما، من خلال إصلاح الوضع الاقتصادي في ألمانيا وإزالة بعض الأصفار من العملة، ولكن الزلزال والإذلال اللذين سببتهما هذه الأزمة، كانا أحد أسباب ظهور الاشتراكية القومية.

منذ الحرب العالمية الثانية وحتى يومنا هذا، بدأت نحو سبعين دولة في إصلاح عملتها الوطنية وإزالة الأصفار، في مواجهة التضخم المفرط أو الأزمات النقدية الناجمة عن الأحداث السياسية، من المجر وألمانيا وفرنسا إلى أميركا اللاتينية ويوغوسلافيا، وأفغانستان وتركيا.

تجربة إزالة الأصفار في جميع هذه البلدان لم تسفر عن نتائج إيجابية. لقد فشلت زيمبابوي وفنزويلا في القيام بذلك، واضطرت إلى تكرار عملية إزالة الأصفار دون تغيير إيجابي في وضع سكان البلاد وإفلاسهم.

وفي المقابل، فإن تجربة تركيا في عام 2005، والتي أزالت ستة أصفار من الليرة القديمة لصالح لیرة جديدة، قد بدأت تؤتي ثمارها. جعلت هذه التجربة الإيجابية في الدولة المجاورة لإیران، جزءًا كبيرًا من دوائر الخبراء في جمهورية إيران الإسلامية تهتم أكثر وأكثر بإزالة الأصفار، لإعادة الثقة للعملة الوطنية.

ومع ذلك، يبدو أن مراكز صنع القرار الاقتصادي في جمهورية إيران الإسلامية لم تفهم بعد، كما ينبغي، العوامل التي أدت إلى نجاح أو فشل خطة إزالة الأصفار في البلدان المختلفة. لم تحصل فنزويلا وزيمبابوي على أي شيء في عملية إزالة الأصفار، واضطرت إلى إعادة هذه العملیة وإلغاء الأصفار مرة أخری لأنها نفذت العملية بطريقة مجردة منفصلة عن الإصلاحات الأساسية في اقتصادها الوطني. أما في تركيا، فقد نجح إلغاء الأصفار، لأنه كان مصحوبًا بإصلاحات عميقة تهدف إلى التحديث الاقتصادي.

سنرى اليوم في إيران، أنه بعد اعتماد الخطة الأخيرة لإصلاح النظام النقدي وإزالة الأصفار الأربعة، كيف تحولت العيون مرة أخرى إلى التجربة المريرة والحلوة لغسل الأموال في مختلف البلدان حول العالم.

 

مؤیدو ومعارضو إزالة الأصفار

بالنظر إلى الصفحات الاقتصادية لوسائل الإعلام في طهران هذه الأيام، نرى الكثير من النقاش الساخن بين مؤيدي ومعارضي خطة إزالة الأصفار. یعتمد أنصار مشروع القانون الذي أقره مجلس الوزراء بشأن إدخال التومان بدلا من الريال وحذف أربعة أصفار من العملة، یعتمدون أساسا على الأسباب التالية:

1) انخفضت قیمة الريال بحدة على الساحة الدولية، واحتلت إيران المرتبة الثالثة بين البلدان الثلاثة الأولى في ترتيب الدول من حيث قيمة العملة الوطنية. ومن خلال إزالة أربعة أصفار ودفن الريال، ستكون العملة الوطنية الإيرانية قادرة على تحسين وضعها إلى حد ما بالنسبة إلى العملات الأخرى. وستكون هذه صدمة نفسية للإحياء النسبي للعملة الإيرانية على الساحة الدولية.

2) في الأساس، خسر الريال قیمته على مدى العقود القليلة الماضية، حتی أصبح عملة منسية للجيل الشاب في إيران. إن استخدام الريال في الوثائق الرسمية مثل الميزانيات السنوية أو تقارير البنك المركزي بالإضافة إلى ميزانيات الشركات زاد من تعقيد القضية بل وعقد المعلومات والشفافية. لا يمكن ولا ينبغي الحفاظ على هذه العملة التي فقدت قیمتها.

3) عن طريق إزالة الأصفار الأربعة، ينخفض حجم الأوراق النقدية المتداولة بشكل كبير وتقل تكاليف الطباعة والنشر على قدم المساواة. يحتوي حذف الأصفار أيضًا على وفورات أخرى، بما في ذلك الضغط على أجهزة الصراف الآلي وأجهزة عد النقود. نظرًا للكم الهائل من الأوراق النقدية التي يحتاجها الأشخاص، فهي تتهالك بسرعة حتى في المعاملات الصغیرة وتحتاج إلى إصلاحها أو استبدالها.

على الجانب الآخر، طرح معارضو الإصلاح النقدي، عن طریق إزالة الأصفار، بعض الأسباب أحدها أكثر أهمية. فالمعارضون، بالاعتماد على التجارب المريرة والحلوّة لخطة حذف الأصفار، يثيرون أولاً مسألة أولوية هذه المبادرة، لا سيما في الظروف الحساسة التي تمر بها جمهورية إيران الإسلامية. يمكن تلخيص جوهر معارضتهم لإزالة الأصفار، في الوضع الحالي للبلد، على النحو التالي:

1)  الأصفار التي تثقل كاهل العملة الوطنية الإيرانية لم تأت من فراغ. إن حقيقة أن الريال خسر قیمته لدی الناس، وعلى الصعيدين الإقليمي والعالمي، يرجع إلى حد كبير إلى ارتفاع نسبة السيولة وعواقبها، وخاصة التضخم. السيولة، بعبارات بسيطة، هي التدفق النقدي في أيدي الناس، وكذلك الودائع المصرفية التي يمكن تحويلها إلى نقد بسرعة وسهولة. في الاقتصاد المتوازن، تزداد السيولة بما يتناسب مع الزيادة في السلع والخدمات.

في المقابل، في الاقتصاد الذي یعاني من هياكل وأداء غير طبيعي، كما هو الحال في الاقتصاد الإيراني، يتجاوز معدل نمو السيولة معدل إنتاج السلع والخدمات، وهو ما يعزز بدوره التضخم. 

لقد انخفضت قیمة العملة الإيرانية فمنذ قيام الثورة حتى الآن، تضاعف حجم السيولة بأكثر من 8000 ضعف، بينما تضاعف الناتج المحلي الإجمالي خمسة أضعاف فقط، بالأسعار الحالية (استنادًا إلى حسابات الدكتور حسن منصور).

2) أي من العوامل التي أدت إلى ارتفاع السيولة في إيران الحالية قد تغير؟ هل تم احتواء عجز الموازنة الحكومية (أهم دافع للنمو النقدي وارتفاع التضخم)؟ هل أصبح البنك المركزي (الذي صار عمليًا مطبعة تخدم احتياجات الحكومة من الأوراق النقدية) مستقلاً؟ هل أصبح نظام الإنتاج في البلاد نشطًا وقادرًا على تسویق السلع والخدمات علی قدم المساواة مع نمو السیولة؟

3) في مثل هذه الحالة، فإن إزالة الأصفار الأربعة ودفن الريال لن یجدي نفعًا، وسوف تعود الأصفار مرة أخرى، وسيواجه التومان (خليفة الريال كعملة وطنية) مصيرًا أكثر سوءًا من سلفه. في الواقع، مجرد التكيف مع التغيير السطحي مع ترك جذور تراجع قیمة العملة الوطنية دون تغییر، ليس سوى مضيعة للوقت والطاقة، بل يمكن أن يزيد من الصعوبات، ويربك الجزء الأکبر من الحسابات في القطاعين العام والخاص، ویؤدي إلی تفاقم التضخم.

4) ما يهم في الإدارة الاقتصادية هو احترام الأولويات. إن تخفيض أصفار العملة الوطنية ليس بداية الإصلاح الهيكلي، على الإطلاق، ولكنها المرحلة الأخيرة. إن معدل التضخم بنسبة 50 في المائة، والانكماش الحاد في الأجهزة الإنتاجية، والتوتر الحاد في العلاقات الدولية للبلاد، والذي أغلق الطريق أمام التجارة الطبيعية بين إيران والمجتمع الاقتصادي الدولي؛ كل ذلك يمنع عملیة إزالة الأصفار من تحقيق الأهداف المقصودة. إذا فشلت إيران في الخروج من المأزق الحالي بشأن الإصلاحات الهيكلية، فإن الأصفار الموجودة على الأوراق النقدية سوف تنمو أكثر فأكثر.

من الجدیر بالذکر أن کاتب هذا المقال يؤيد فکرة معارضي إزالة أربعة أصفار من العملة الوطنية في الوضع الحالي، ولا يعتبر مثل هذه المبادرة أولوية اقتصادية لإيران في الظروف الراهنة. ولکن یبقی هناك سؤال أساسي، وهو: لماذا قررت حكومة جمهورية إيران الإسلامية في الوضع الفوضوي الحالي إزالة أربعة أصفار من العملة، بالطبع إذا أعطى البرلمان ومجلس صيانة الدستور الضوء الأخضر لهذا القرار؟

الجواب على هذا السؤال مصحوب بالتکهنات والتوقعات. أليس هدف الحكومة هو إظهار أن جمهورية إيران الإسلامية، على الرغم من العقوبات، يمكن أن تعزز عملتها الوطنية من خلال حذف الأصفار وإخراج الريال من التداول؟ بمعنى آخر، يهتم النظام الإيراني بالسياسة على حساب الاقتصاد، ويريد إظهار أنه لا يزال يتمتع بالقدرة على المناورة التي يحتاج إليها لإظهار قوته.

إذا كان الأمر كذلك، فإن السؤال البسيط هو: هل يمكن للمرء أن يعيد الثقة والقوة إلى العملة الوطنية عن طريق حذف بعض الأصفار؟

 

محلل اقتصادي
إيران بالمختصر
ذكرت صحيفة "همشهري" الإيرانية أن بعض الأشخاص، ومن خلال وصولهم إلى أنظمة وزارة الصحة، يقومون بإصدار شهادات لقاح "استرازينكا" مزورة بمقابل يتراوح ما...More
قال صدر الدين عليبور، مدير منظمة إدارة النفايات في بلدية طهران، إن المنظمة قررت استبدال صناديق النفايات الموجودة في طهران بصناديق مغلقة؛ حتى "لا...More
أعلن محمود نيلي، رئيس جامعة طهران، عن إرسال رسالة إلى رئيس السلطة القضائية في إيران، غلام حسين محسني إجه إي، من أجل الإفراج عن الطالب السجين كسرى...More
ذكرت صحيفة "شرق" أنه لا يمكن للإيرانيين المقيمين في جورجيا العودة إليها. وكتبت أنه حتى الإيرانيون الذين يحملون جوازات سفر وبطاقات إقامة جورجية ظلوا...More
أفادت وسائل إعلام هندية عن إيقاف زورق إيراني يحمل هيروين. وكانت وسائل إعلام هندية قد قالت إن حرس الحدود وشرطة مكافحة الإرهاب ضبطوا زورقًا إيرانيًا...More